شيء من تاريخ الخذلان الأمريكي في المنطقة

صحيفة الوفاق الإيرانية-

الشيخ عبدالله الصالح:

هل تستطيع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إنقاذ الدول المعرضة للإنهيار أو هل يريدون أصلاً؟!!

خطوات هستيرية يقوم بها النظام الخليفي في العلاقات مع الأمريكان والصهاينة وتسليم أجهزة الدولة ومعلوماتها لهم؛ وآخرها المشاركة في النظام الحوسبي مع الأمريكان والصهاينة، ظناً منهم أنهم يشترون كراسيهم ويحافظون على عروشهم، وكأن آل خليفة لم يقرؤا تاريخ الخذلان الأمريكي والصهيوني في المنطقة المبني أساساً على مصالحهم وفقط، هنا نستعرض بعض من تلك الصور كذِكْرَىٰ {لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}..
من ينسى درس شاه إيران المقبور وكيف تخلوا عن حتى علاجه في الولايات المتحدة وأرسلوه إلى مصر ليموت هناك وحيداً وتسلم مصالحهم؟!!
كتب الصحفي السوري أحمد زيدان في 2 سبتمبر/ أيلول 2017م قائلاً: جملتان لا تزالان ترنان في أذني حين الكتابة عن العلاقات الباكستانية ـ الأمريكية:
الأولى: قال ريتشارد نيكسون الرئيس الأمريكي الأسبق: “من الخطير أن تكون عدواً لواشنطن، لكن الأخطر أن تكون صديقاً لها”..
الثانية: هي قول الرئيس الباكستاني الأسبق محمد ضياء الحق الذي لخص تجربته قبل مقتله في حادث تحطم الطائرة الشهير يوم 17 أغسطس 1988م: “إن من يتعامل مع أمريكا كمن يتاجر في الفحم، لن يناله في النهاية إلاّ سواد الوجه واليدين”..

وكتبت مجلة الشروق الإلكترونية بتاريخ ١٢ فبراير ٢٠١٤م، قال أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصري الأسبق: “إن زيارته الأولى لواشنطن في 2005م بالتزامن مع حكم الرئيس بوش الابن، كانت أسوأ مرحلة تمر بها العلاقات «المصرية ــ الأمريكية» منذ عام 1973م، وأخبرني الرئيس الأسبق، حسني مبارك يومها برغبة الولايات المتحدة في التخلص منه ومن نظام الحكم في مصر، وقال لي: “المتغطي بالأمريكان عريان”.
وأضاف: إن “خبرته في الولايات المتحدة تؤكد أنه لا يستطيع أي شخص في الولايات المتحدة أن يحول مسار السياسة الخارجية لواشنطن مثل كوندليزا رايس، وإنما الإدارة الأمريكية ككل، كان لديها توجه معين ليس لمصر فقط، وإنما للإقليم بوجه عام، وفي الزيارة الأخيرة لواشنطن كان هناك عرض للمقايضة وقالوا لي: «تشاركونا في أعمالنا العسكرية في العراق وأفغانستان، في مقابل صمتنا عن أوضاعكم الداخلية من حقوق الانسان والديمقراطية ومباشرة الحقوق السياسية وخلاف ذلك”.

وفي مقال للصحفي السوري أحمد زيدان في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017م كتب قائلاً: “استدار زمان التمرد الكردي كهيئته لما بدأ، يوم أعلن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني تخليه عن الاستفتاء وتبرئه من الاستقلال، وزاد على ذلك إعلان استقالة مفاجئ لم يكن مخططاً لها، ولكن لضغوط القوي المنتصر في بغداد ومن خلفه واشنطن حق على الضعيف المهزوم في أربيل، فهل تخيّل سليل أسرة كردية عريقة بدأت بوالده الملا مصطفى البرزاني أن تصل به المهانة إلى أن يقبل بما قبل به، وعائلته التي قاومت من أجل يوم الاستفتاء هذا لقرن تقريباً، فألفى نفسه كما قال الشاعر السوداني الراحل إدريس جماع:
إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه
ثم قالوا لحفاةٍ يومَ ريحٍ اجمعوه..
صعب الأمر عليهم ثم قالوا اتركوه
إن من أشقاه ربي كيف أنتم تسعدوه؟!!..

ظن البرزاني أن وقوفه إلى جانب واشنطن كحليف عسكري قوي على الأرض منذ عام 2003م مع تسليحه بأفضل الآليات العسكرية الأمريكية، سيعني دعمه في حق تقرير المصير والاستقلال، لكن مرة ثانية يُخطئ الكرد في قراءة الموقف الأمريكي، أو مرة ثانية ينجح الأمريكيون في خديعة العراقيين، فمن قبل صدام واليوم البرزاني، ومرة أخرى يتكرر التاريخ مع الابن مسعود فالأب مصطفى توقف عنه الدعم التسليحي الأمريكي بمجرد أن وقع صدام اتفاقه مع الشاه عام 1975م.
ومن تحت قبة البرلمان أعلن مسعود البرزاني صراحة في رسالة قرئت له بأنه: “لم يقف معنا سوى جبالنا”، وللأكراد مقولتهم المشهورة: “لا أصدقاء لنا سوى جبالنا”، وهو ما يكرره الأفغان، وربما كل البلاد ذات الطبيعة الجبلية، وتساءل البرزاني في رسالته الموجهة للبرلمان الكردي: “لماذا تريد واشنطن معاقبتنا، فقد سمحت للحكومة العراقية باستخدام أسلحتها ضدنا”.

ومن تاريخ الخذلان الأمريكي، يضاف تصريح وزير الخارجية الباكستانية آصف خوجا لنظيره الأمريكي ريكس تيلريسون في إسلام آباد: “بأن على واشنطن أن تعترف بفشلها في أفغانستان”، وقد تجرأ الوزير الباكستاني على ذلك بعد أن تمادى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في الإعلان صراحة عن التخلي عن باكستان ومعاقبتها لما وصفه بإيواء الإرهابيين، والاعتماد على الهند في الحرملك الباكستاني من أفغانستان، وهو الأمر الذي تعتبره إسلام آباد خذلاناً ما بعده خذلان، كونها ضحت بالكثير، يوم وقفت مع أمريكا ومع 38 دولة في خلع طالبان أفغانستان عن السلطة عام 2001م وهي التي كانت تصفها إسلام آباد بالرصيد الاستراتيجي لها.

ومن قبله كتب الرئيس أيوب خان ـ الذي قاد أول انقلاب باكستاني عام 1958م ـ في كتابه بآخر أيامه بعنوان: “أصدقاء لا أسياد”، شرح فيه أن ما يهمه في العلاقة مع أمريكا الصداقة وليس العمالة والسيادة.
شاهد آخر؛ نوشيروان مصطفى أمين نائب جلال الطالباني لفترة طويلة تنقل عنه مجلة أتلانتيك (عدد نوفمبر 2017م) والذي وصفته بالخبير التاريخي والاستراتيجي قوله: “لطالما حذرت الأكراد من وضع بيضهم كله في سلّة واشنطن”.

كانت الإمارات تتوقع بعد توقيعها لمعاهدة السلام مع الكيان الصهيوني أن يكون الصهاينة داعمين ومؤيدين لهم في تعاملها مع الولايات المتحدة وبالذات صفقة طائرات إف 35، لكن ما حصل هو أن كيان الاحتلال الإسرائيلي عارض صفقة الإمارات مع واشنطن لشراء طائرات “إف 35” وذلك بعد أيام من الإعلان عن التطبيع.

وأشار بعض النشطاء الى إلغاء الامارات اجتماعا مع الكيان الصهيوني الغاصب بعد معارضة نتنياهو لبيع طائرات إف 35، مؤكدين أن الامارات ظنت أن التطبيع سيكون كافياً لكي لا يعلن الصهاينة معارضتهم للصفقة أمام الرأي العام!!!

في هذا السياق أشار بعض المغردين الى تصريحات “تساحي هنغبي” وزير شؤون المستوطنات الصهيوني حول معارضة كيانه الغاصب بيع ولو برغي واحد من الطائرات المتطورة لأي دولة في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها الإمارات!!!
فهل هناك عاقل يصدق أن الولايات المتحدة أو الكيان الصهيوني يمكن أن يساعدوا – أو يرغبوا أصلاً – في إنقاذ أي من الدول المعرضة للإنهيار؟!!

هنيئاً لمصر والسعودية والإمارات والبحرين وكل الدول المطبعة مع الصهاينة بناء على النصائح الأمريكية، والتي صدقت شعار السادات الذي أطلقه عام ١٩٧٢م بعد طرد الخبراء العسكريين الروس من مصر أن: “٩٩٪ من اوراق الحل بيد اميركا”، ولم يعي الكثيرون أن طرد الخبراء السوفيات والتوجه لقطع العلاقات المصرية ـ السوفياتية مقدمة شرطية لاتفاقية كامب ديفيد سنة ١٩٧٩م بين مصر والكيان الصهيونى الغاصب لإضعاف مصر وتحويلها عملياً إلى دمية ومنطقة نفوذ أميركية يتحكم بها الأمريكان والصهاينة لا أقل ولا أكثر..

التعليقات مغلقة.