كلا ليست حربا أهلية

syria-israeliagression

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

يقع بعض الزملاء الصحافيين و الكتاب في شرك المصطلحات و التعبيرات التي يقدمها الإعلام الغربي و التي تعدها جوقة التخطيط الإيديولوجي و الإعلامي المجوقل في غرف عمليات الحرب الاستعمارية على سورية و من اخطر المصنفات الثقافية و الفكرية التي يبتلعها أصحاب النوايا الحسنة توصيف القتال الدائر في سورية على انه حرب اهلية و في ذلك محاولة لوضع الدولة الوطنية و الجيش العربي السوري على قدم المساواة في الكفة المقابلة لعصابات إرهابية مرتبطة بالحلف الاستعماري و بالحكومات العميلة للغرب في المنطقة وصولا للوصفة المستحيلة أي التسوية بين فريقين افتراضيين يخوضان ” احترابا اهليا ” كما يحلو لهؤلاء الزملاء ان يرددوا مفردات جاهزة على طريقة الوجبات السريعة و كأنهم ادمنوا الفاست فود الأميركي في كل شيء .

اولا  في مناقشة هذه التوصيفات  المسمومة سنضطر لاستعمال تعبيرات طائفية و مذهبية في الكلام عن الوضع السوري الذي تواجه فيه الدولة الوطنية السورية و جيشها عدوانا اجنبيا كامل الأوصاف و الحقيقة الصلبة التي أنتجها مسار الأحداث طيلة العامين الماضيين هي ان كتلة مجتمعية هائلة الحجم و الاتساع عابرة للطوائف و المذاهب تمثل غالبية ساحقة من الشعب العربي السوري تقف خلف الدولة و الجيش بقيادة الرئيس بشار الأسد كرمز للوطنية السورية و لعروبة متجذرة يقاوم العدوان الاستعماري على البلاد  و في قلب هذه الكتلة الصلبة التي تزايد وزنها مع الأحداث و بعدما تكشفت حقيقة ما يجري أمام الشعب السوري غالبية كبيرة من السوريين المنتمين للطائفة السنية والذين هم الأشد شراسة في القتال دفاعا عن الدولة الوطنية و منهم رجال الدين الكبار و الفاعليات الاقتصادية البارزة و أبناء  الطبقات الشعبية  و الوسطى في المدن و الأرياف و القيادات العسكرية و الأمنية و عشرات آلاف الضباط و الجنود البواسل في الميدان ممن يفاخرون بأنهم مقاتلون أشداء في مؤسسة عسكرية يعلم العارفون بأحوالها انها مدرسة للاندماج الوطني و للهوية القومية الصلبة و هذا هو سر عجز الحرب العالمية عن تفكيكها و حيث يمثل تماسكها و صمودها اهم عناصر نقض اكذوبة الحرب الأهلية التي تذهب عادة و كما حصل في لبنان نحو تفكك الجيوش الوطنية في ذروة الانقسام المجتمعي بينما الصورة في سورية معاكسة فحتى بعض الفئات الشعبية المهمشة التي جرفتها تعبئة الأخوان المسلمين و الجماعات المتطرفة في بداية الأحداث باشرت مرحلة العودة إلى حضن الدولة عبر التجاوب مع دعوات إلقاء السلاح و المشاركة في ورشة الحوار و المصالحة .

ثانيا   حين تواجه الدولة الوطنية السورية جماعات مسلحة إرهابية و متمردة يحركها الحلف الاستعماري و أذنابه في المنطقة من حكومات الخليج و تركيا و حين تتولى القيادة و التخطيط و الإمرة الميدانية غرف العمليات التي يرئسها ضباط أميركيون زرعهم  الجنرال بيترايوس علنا و حين تستقدم شحنات السلاح من كل مكان في العالم بأمر أميركي و بالمال الخليجي و حين يواجه رفض غالبية الشعب السوري الانخراط في العصابات المسلحة باستقدام جيش من المرتزقة و الإرهابيين يتخطى عديده الخمسين ألفا من المحاربين المنتمين إلى 29 جنسية عالمية حسب تقارير الأمم المتحدة فللأمر تعريف واحد هو العدوان الأجنبي و ليس الحرب الأهلية و من الحماقة و الغباء التغاضي عن هذا العدوان و ترداد اسطوانة الحرب الأهلية الكاذبة التي فبركها المعتدون على سورية تعبيرا عن تمنياتهم الخائبة فذلك يصبح كالصياح “عقبالكم ” في مناسبة عزاء .

ثالثا  يحاول بعض الوطنيين و هم فعلا كذلك في الموقف المبدئي من إسرائيل ان يلتسموا عذرا لتخاذلهم في الوقوف إلى جانب المقاومة السورية التي هي خيار غالبية شعبية و دولة و جيش و قائد ، تلك الدولة قد لا تناسب “مراقهم ” في مواصفاتها و تكوينها و هي نالت بأي حال من النقد القاسي و المنهجي الصادر عن رئيسها ما لم يجرؤ عليه أي معارض سوري خصوصا من القوالين و الشتامين القاعدين في اوكار التخلف و الاستبداد النفطي  و الاستعماري ليحاضروا عن الدول المدنية حيث لا دول و لا مدنية بالأصل.

هذا الرئيس المقاوم الذي يتصدى لأشرس حرب استعمارية في المنطقة هو نفسه صاحب البرنامج السياسي للحل المبني على الاحتكام للإرادة الشعبية  و هو صاحب المشروع الإصلاحي الجدي و هو الذي اطلق المبادرات و سعى بإخلاص للفك بين ما هو حراك بدافع الإصلاح في الداخل و بين مرتكزات العدوان الاستعماري و مخطط تدمير الدولة الوطنية المقاومة و تصدى لمحاولة اختراق النسيج الاجتماعي السوري باستثمار مظاهر الخلل المتراكمة و نتائج التهميش في الأرياف التي كشفها الرئيس و تبنى برامج معالجتها في إطار رؤيته للحل السياسي و حيث نجح في تحقيق التواصل  و الشراكة مع العديد من المكونات السياسية الوطنية في الداخل و الخارج ، من القوى غير المرتبطة بالحلف الاستعماري و غير المرتزقة لدى قطر و السعودية و الإمارات و تركيا و فتح باب التراجع امام البقية التي هي  في الواقع حثالات من عملاء الناتو لا أثر فيها لمشروع سياسي جدي غير أنها تعمل كاستطالة استعمارية على انقاض سورية و شعبها   و يكفي انها تدشن شراكة مع إسرائيل على تخوم الجولان في جيشها الحر على طريقة انطوان لحد فهل كانت أيها السادة مقاومة حزب الله داخل الشريط المحتل و حوله حربا اهليا ؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.