معركة القصير: ارساء ثوابت .. مع دروس و عبر…؟

qusayr-soldiers

صحيفة البناء اللبنانية ـ
أمين حطيط:
و الان و بعد ان  تكشف الغبار و اعلن المعتدون على سورية  بانفسهم هزيمتهم في القصير ، اعلانا جاء متعدد الاساليب و العبارات التي تؤكد كلها ان ما كان هؤلاء يدعونه من قدرة على الثبات في المنطقة و القوة الفائقة على منع الجيش العربي السوري  من اعادة القصير و ريفها الى كنف الدولة بعد كل ذلك بدأت الصورة تتضح امام الجميع ميدانيا و سياسيا و استراتيجيا .
فمن الناحية الميدانية  باتت القصير وريفها و الطرقات المؤدية اليها من كل الاتجاهات من الداخل و الخارج باتت كلها في قبضة الجيش العربي السوري الذي استعاد الامساك بها  باحكام ، و اتخذ منها نموذجا للعمل المستقبلي في مسيرة استعادة ما تبقى من مناطق اخرجها الارهابيون عن القانون و النظام و افشوا القتل و الدمار و الافساد فيها .
و من الجهة الاستراتيجية و السياسية و هي الاهم ، باتت  الاحلام و الاوهام الاجنبية من قبيل  القول بتقسيم سورية و معها تقسيم لبنان كما المنطقة كلها ، و اشاعة الفوضى فيها  لاغراق محور المقاومة في نار داخلية تشغله عن اسرائيل لزمن طويل تحتاجه هي و الجهات العربية و الاقليمية و الدولية المفرطة بفلسطين ، تحتاجه من اجل تصفية القضية و تهويد الدولة العبرية و نقل الصراع الى مكان و حدود بعيدة عنها كليا ، باتت كل هذه الاحلام و الاوهام امرا عبثا بعد ان اظهر محور المقاومة ما يمتلكه من  وضوح الرؤية و من القوة و القدرة على الحسم الممنهج  و استعادة الموقع اولا و تفعيله و توسيع فضائه الاستراتيجي ثانيا .
أ‌.                 بعد كل ذلك سيكون المعنيون بالشأن في مواجهة المشهد الجديد تحليلا و درسا لاستخلاص ما ظهر من حقائق  او تأكد من الثوابت وصولا الى  تسليط الضوء على ما يمكن استخلاصه من دروس و عبر تلزم  العاقلين الموضوعيين لصوغ مواقفهم المستقبلية من اجل ضمان تجنب الخاسر المهزوم  مفاقمة خسائره ، و في هذا السياق نستطيع القول ان معركة القصير اكدت على الحقائق – الثوابت التالية :
1)    وضع القرار السوري بالحسم الميداني ضد الارهابيين موضع التنفيذ الفعلي ، و هنا نميز بين تنفيذ هذا القرار و بين ما يحكى عن انتقال سورية من الدفاع الى الهجوم ، فهذا الانتقال غير صحيح فسورية و مع تنفيذ قرارها بالحسم الميداني تستمر في المرحلة الدفاعية  و لكن باسلوب تكتي مختلف لان الدفاع ليس مقيدا بشكل واحد كما يعرف المختصون. و على اي حال   لقد اكدت معركة القصير و بالطريقة التي تمت بها ان ما اتخذته سورية منذ اشهر من  قرار الحسم مع الارهابيين  لاستعادة ما اختطفوه و افسدوا فيه من مناطق سورية ، ان هذا القرار متخذ دونما رجعة فيه ، و انه وضع الان موضع التنفيذ بعد ان حشدت له الطاقات و وضعت له الخطط العسكرية و اعتمدت له الاستراتيجية الملائمة بحيث تتمكن سورية من تحقيق الانجاز الميداني المطلوب ، و تستطيع ان تحتفظ بها الانجاز ، و تستثمره  في السير قدما لتحقيق الاهداف الوطنية و القومية .
2)    تحديد حجم التدخل  الاجنبي بالقيادة الاميركية و مداه  . اثبتت معركة القصير و بشكل لا ينكره عاقل  او موضوعي ان ما يجري في سورية هو عدوان اجنبي بقيادة اميركية ، و لهذا السببب احتلت معركة القصير ذاك الاهتمام الدولي حيث تدخلت فيها تلك القوى بالموقف و التحذير و التهويل لمنع الجيش العربي السوري من تنفيذ المهمة في المنطقة. كما اثبتت المضبوطات في الميدان من اسلحة و تجهيزات و وثائق مدى الانخراط الدولي و الاسرائيلي و الاقليمي – بما في ذلك من كانت تحتضنه سورية بصفته تنظيما مقاوما لاسرائيل – بما يؤكد وصفنا السابق للعدوان و منذ الاسابيع الاولى لاندلاع النار  ، ان في سورية  حرب كونية على محور المقاومة . لكن ومن جهة اخرى اكدت معركة القصير ان الجهات الاجنبية ليست طليقة اليد في التدخل بل هناك سقف لا تستطيع ان تتعداها ، فهي لا تستطيع ان ترسل الجيوش و الاساطيل و سلاح الجو لنجدة ادواتها من جماعات الارهاب ، حيث انه  و رغم قناعتها باهمية المنطقة و خطورة استعادة الدولة لها مع ما سينعكس ذلك على المسار المستقبلي للحرب و المواجهة ، اكتفت بما قامت به من مواقف و لم تبتعد اكثر لان ما قامت به من تدخل عسكري في الازمة السورية هو الحد الاقصى  الممكن الذي يمكنها احتماله .
3)    التأكيد على وحدة محور المقاومة و جدية انذاراته السابقة للمعتدين ، و ان الجغرافية و الحدود الادارية لا تقيده ، و اكدت على حقيقة فهمهم  للعدوان على سورية بانه عدوان على المقاومة و محورها و بالتالي فان المحور يخوض في المواجهة معركة الدفاع عن النفس و انه جاهز كما انه يمتلك القدرات لتحقيق الانتصار في هذه المعركة الدفاعية ، و ان قول الرئيس الاسد و السيد حسن نصر الله في هذا الصدد و تأكيدهما  على  الثقة بالنصر قول مبني على قاعدة واقعية موثوقة  . و من جهة اخرى لن يكون هناك قيمة او اهتمام لسلوك التهويل الذي يمارسه هذا او ذاك من مكونات محور العدوان لعزل او منع مكونات محور المقاومة من الانخراط في معركة الدفاع عن النفس تلك ، لان المحور لن يسمح لاحد باستفراد مكوناته و ان يجعله  احد يقول “اكلت يوم اكل الثور الابيض ”
4)    التأكيد على  القدرات العسكرية و الاحتراف العالي لدى الجيش العريي السوري و محور المقاومة و القدرة غير المحدودة للعمل المشترك بين المقاومة و الجيش النظامي خاصة لجهة تنسيق عمل الاسلحة في الميدان و تعاونها .و سيكون لهذا الامر اثر عسكري و استراتيجي غير محدود في سياق المواجهة مع العدو الاسرائيلي و من خلفه بشكل عام .
ب. هذا في الحقائق التي ينبغي ان يتم التعامل معها من قبل الجميع بوصفها حقائق – ثوابت في المشهد السوري-المقاوم وفقا لما اكدته معركة القصير و هي  و رغم انها  كانت  معروفة  لدى الجهة المدافعة عن سورية لكن اهميتها  اليوم بعد لقصير انها بات امرا علنيا على الجميع من الاصدقاء و الاعداء اللتعامل معها  في اي سلوك او موقف ، اما من جهة اخرى فاننا نرى ان هذا الامر كان له من النتائج و التداعيات ما يمكن ذكر بعضها كالتالي :
1)    لجم اي اندفاع اسرائيلي نحو حرب ضد محور المقاومة في الوقت الحاضر ، كما و اضطرار اسرائيل  للدرس العميق قبل اتخاذ اي قرار بالحرب مستقبلاً ، فاسرائيل باتت تاخذ بالاعتبار الجدي خطورة  الحرب الشاملة ذات الجبهات المتعددة على كيانها وجودا و دورا و فعالية ، بعدما لمسته و عاينته في القصير حيث ان عشرة الاف مسلح محصنين في قلعة هيئت دفاعاتها فوق الارض و تحت الارض ، لم يستطيعوا الصمود امام الجيش العربي السوري و القوات الرديفة ، و كانت هزيمتهم بحجم غير مسبوق في التاريخ العسكري .و اذا عطفنا هذا على واقع يؤكد بان القدرات العسكرية المخصصة لمواجهة اسرائيل لم تمس نعرف مدى المأزق الاسرائيلي الان .
2)    افهام  دول المحيط السوري بان هناك مرحلة جديدة تشكلت في المنطقة تحت عنوان “مرحلة كتلة النار المرتدة ” ، و هي لن  تقتصر على خسائر مادية في ميدانها  فحسب بل انها ذات قابلية لتغيير الموازين و المشهد في تلك الدول بما لا يناسب من انخرط في العدوان على سورية . و ستكون هذه الدول ملزمة و بشكل سريع بالبدء بتجفيف مصادر الارهاب بشكل فاعل قبل ان يرتد عليها الامر الذي سيؤثر  على مسار الحرب برمتها و سينعكس ايجابيا على المعركة الدفاعية التي تخوضها سورية و محورها ، كما انها بدأت تحدث مفاعيلها في الداخل السوري عبر ما نشهده من انهيارات لدى الجماعات المسلحة و تراجع حاد في ادائها الميداني  .
3)    التأكيد على ان الحل السياسي – في حال لجئ اليه قبل اتمام التنظيف العسكري في الميدان – ان الحل السياسي لن يعطي المهزوم في الميدان ما لم يبلغه بالنار ، و  وحده الشعب السوري هو من يقرر نظامه و حكامه و لا مجال لاكذوبة التزوير و التلفيق و فرض الحكام تنفيذا لصفقة الغرب الصهيوني مع الاخوان المسلمين . فتنظيم الاخوان المرفوض من قبل الاكثرية الساحقة للشعب السوري لن يتمكن احد بما في ذلك القوى الاقليمية و الدولية فرضه على الشعب السوري.
4)    سقوط  الهيئات و المنظمات الدولية  و فقدانها للمصداقية او خسارتها لاي اثر في المسائل الدولية الاساسية و الحساسة بعد ان افتضح دورها و ظهرت بانها مجرد ابواق او مجموعة من العملاء المأجورين للمخابرات الاميركية و الغربية و الصهيونية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.