هجوم على إيران في لبنان…كيف سيكون الرد؟ وأين؟

Jnah-Explosion-3

ما حدث في لبنان من تفجير انتحاري استهدف السفارة الايرانية في منطقة واقعة بين بيروت والضاحية الجنوبية، هو مؤشر خطير للمرحلة المقبلة ويحمل دلالات على جانب كبير من الأهمية. فالتفجير المزدوج هو «اعلان مزدوج» عن أمرين: من جهة يعلن توثيق الربط والصلة بين الأزمة السورية والوضع اللبناني وكلما اشتدت الحرب هناك وتقدمت في اتجاه معارك حاسمة اشتدت التفجيرات هنا وكبر مستواها وحجمها، ومن جهة ثانية يعلن إلحاق لبنان بالصراع الاقليمي المستعر بين محورين ومشروعين ليصبح ساحة من ساحاته، ولكن ليدرج أكثر في خانة الساحات المتفجرة الملتهبة. وهذا يعني ان لبنان غادر وضعية الاستقرار النسبي التي حافظ عليها مقارنة بما يجري من حوله، وصار مصنفا «نقطة ساخنة ومتفجرة» على خارطة المنطقة.

في القراءة السياسية لعملية الجناح يجدر التوقف عند ثلاث مسائل وملاحظات أساسية:

1 ـ التفجير المزدوج تم بالطريقة الانتحارية ووفق «النموذج العراقي» مع ما يعنيه ذلك من ارتفاع مستوى الخطر ومن وصول تنظيمات متطرفة مثل «القاعدة» بفروعها وتنظيماتها الى لبنان وتمركزها في شكل خلايا نائمة وسرية، ومع هذا النوع من العمليات الانتحارية لا يصبح الأمن الوقائي الاستباقي كافيا ولا الإجراءات الأمنية المشددة المتخذة في الشوارع.

2 ـ التفجير هذه المرة كان له هدف محدد واستثنائي، السفارة الإيرانية كانت هي الهدف والمستهدفة في عملية خطط لها لتكون مدمرة لمقر السفارة. لم يكن التفجير «عبثيا» وهادفا الى قتل اكبر عدد ممكن من السكان المدنيين، ولم يحدث في منطقة نفوذ حزب الله وضد جمهوره مباشرة، فالهجوم الانتحاري كان محددا في العنوان والهدف: السفارة الايرانية لايصال رسالة سياسية عبرها الى طهران التي وصلتها الرسالة وباشرت بتفكيك مضمونها وشيفراتها لتحديد «الجهة المرسلة» أولا.

3 ـ توقيت الهجوم على السفارة الايرانية الذي تزامن مع تطورين: انطلاقة معركة القلمون على وقع تقدم للنظام السوري المدعوم من ايران وحزب الله، وانطلاقة جولة ثانية وربما حاسمة في مفاوضات الاتفاق النووي بين ايران والمجموعة الدولية.

واستهداف السفارة الايرانية التي نعت ملحقها الثقافي الشيخ ابراهيم الأنصاري وخمسة من حراسها بينهم مسؤول أمن السفارة، يمكن اعتباره وفق قاموس الديبلوماسية والقانون الدولي «هجوما على ايران في لبنان واعلان حرب عليها» وبالتالي فإن السؤال المطروح بقوة وإلحاح حاليا هو: كيف سترد ايران؟ وأين؟. اذا كان الرد موازيا للاتهام ومفصلا على قياسه فمن المفترض ان يكون باتجاه اسرائيل. ولكن ما هو حاصل ان الاتهام الموجه ضد اسرائىل هو «اتهام رسمي» فيما الاتهام السياسي غير الصادر عن ايران والصادر بوضوح تلميحا او تصريحا عن حزب الله وأوساطه وإعلامه، هو الأهم وهو الذي تبنى عليه الفرضيات ومشاريع او خطط الرد الذي ينتظر نتائج التحقيقات وتوافر الأدلة والاثباتات التي تحول الاتهام من سياسي الى «أمني» ويحوّل الرد من احتمال الى واقع.

هذا الرد تحدد له ثلاث «ساحات ـ احتمالات»:

ـ داخل لبنان عبر رد مواز في حجمه ومستواه.. (احتمال مستبعد).

ـ في سورية عبر تسريع وتكثيف العمليات العسكرية لاسيما في القلمون وريف دمشق (احتمال وارد).

ـ في الساحة الدولية لتعزيز موقع ودور ايران في التحالف الدولي الجديد ضد الارهاب، وحيث يتيح لها انفجار بيروت ان تقدم او تصور نفسها ضحية الارهاب وهدفا من أهدافه. وهذا التحالف الدولي بدأ بناؤه من سورية وفي ضوء ما كشفه وزير الخارجية الروسي لافروف من أن الأولوية الدولية لم تعد لتغيير النظام في سورية وإنما لمحاربة الارهاب.

 

المصدر: صحيفة الأنباء الكويتية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.