الأردن وروسيا.. ازدهار ومصاهرة في الـ55

موقع إنباء الإخباري ـ
علاء ساغه*:
تتسم العلاقات الاردنية الروسية منذ تأسيسها مع الاتحاد السوفييتي، في 21 أغسطس / آب 1963، بالنمو المتواصل وتشعّب مجالات التنسيق والتعاون الثنائي، على مستوى القمّتين السياسيتين والقواعد الشعبية والبُنى الاجتماعية، وهي أسباب تدفع بهذه العلاقات الى الأمام دون توقف، وهو ما نشهد عليه حالياً، بالرغم من توتر العلاقات الدولية الذي نشهده اليوم، ومنذ عدة سنوات، في العالم وفي منطقة “الشرق الاوسط”.
ويَلفت الانتباه على نحو خاص ويومي، أنه وبمرور (55) عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولتينا، تغدو اللغة الروسية في الاردن اللغة الثانية المَحكية بعد الانجليزية، في الشارع العام بين الاردنيين والاردنيات، ويتضاعف عديد الاردنيين الذين يَدرسون اللغة الروسية في الاردن وفي روسيا، ضمن مساقات ثقافية، أو علمية، وفي جامعات ومعاهد الدولتين، وفي صفوف المركز الثقافي الروسي في الاردن، وضمن مؤسسات متعددة وذات إهتمامات متجدّدة.

ويتوقّف المرء لدى استعراض صروح العلاقات بين عمّان موسكو، في محطات تشكّل نقلة نوعية فيها، في مقدمتها الزيارات العديدة المتبادلة لزعيمي البلدين لبعضهما البعض، وتعمّق الروابط الاردنية مع عواصم جمهوريات القوقاز الشمالي الروسية، وإعادة إفتتاح المركز الثقافي الروسي في العاصمة الاردنية، بعد إغلاق المركز الثقافي السوفييتي في عمّان، خلال عملية البيريسترويكا الزائلة، وانتشار اللغة الروسية في الجامعات الاردنية، كما لم يكن من قبل في التاريخين القديم والحديث، وحتى في أزمان انتشار عشرات مدارس الجمعية الامبرطورية الأُورثوذكسية الفلسطينية الروسية في بلاد الشام الكبرى، فازداد فضاء الخريجين الاردنيين من مؤسسات التعليم العالي الروسية الى عشرات الآلآف، تبع ذلك تعمّق الروابط الثقافية والإنسانية والسياحية بين البلدين، بحيث أصبحت روسيا تعيش بين الاردنيين، والاردن يحيا في يوميات الروس وقوميات روسيا العديدة.
والمُضيء كذلك في سياق العلاقات بين شعبينا الاردني الروسي، هو إفتتاح بيت الضيافة الخاص بالحَجيج الروسي الى المواقع المسيحية المُقدّسة، على الضفة الشرقية لنهر الاردن، وبخاصة موقع المغطس لعمّاد السيد المسيح عليه السلام، والذي كان جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين قد أوعز في وقت سابق، بتخصيص ما مساحته عشرة دونمات، من أراضي المغطس المحاذية لنهر الاردن وإهدائها لروسيا الفيديرالية، لغاية إنجاح تشييد بيت ضيافة لخدمة الحجيج الروسي للموقع، ولِيُصلّي الحجيج هناك في صومعة روسية وباللغة الروسية وعلى أرض باتت روسية، يرفرف عليها علم روسيا بألوانه الثلاثة.
وفي ناحية أخرى، كان لدخول القوات الروسية إلى سوريا، وبداية عملياتها بقصف الارهابيين هناك واستمرار هذه العمليات لاجتثاثهم، أهمية خاصة لدى الاردن والاردنيين، إذ أنه لعب دوراً أساسياً وواضحاً للعيان في عملية إضعاف شوكة الارهاب الدولي، في سورية الشقيقة وعلى الحدود الاردنية السورية، ولتخفيف ضغوط المتطرفين على الاردن والاردنيين، فتنفسنا الصُعداء لإبعاد الخطر الذي كان على بُعدِ رميةِ حجرِ من المدن والقرى الاردنية، ومنّا ومن أولادنا وناسنا جميعاً.
واليوم، وإذ تتواصل العلاقات الاردنية الروسية على صعيد عام وخاص، رسمي وشعبي، واجتماعي وفردي، وتتسع وشائج المصاهرة بين الشعبين، نلمس كيف أنها تتميز بالثبات وتفهّم كل من الطرفين للمصالح المشتركة للبلدين، ولزوم استمرار العمل لتطبيع الاوضاع حول الاردن، وتنشيط العلاقات التجارية والاستثمارية بينهما وتسهيل انسيابيتها، تحت المظلة الانسانية التي تجمعهما على المودّة والخير والكسب المشترك.
*#علاء_ساغه: ناشط شركسي وكاتب اردني وعضو في رابطة القلميين حُلفاء روسيه .

تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    مقالة مهمة ورشيقة وشيقة، تظهر اهتمام موسكو وعمان بالعلاقات الثنائية عبر مختلف الحقب التاريخية، بغض النظر عن الاختلاف في التحالفات الدولية والنظامين السياسيين، ولذا يعتبر ذلك مثالا لعلاقات متساوية ومثمرة بينهما..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.