الأسد في موسكو…ماذا في الكواليس؟

جريدة البناء اللبنانية-

د. حسن مرهج:

في توقيت مفاجئ، وصل الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، إلى موسكو لإجراء محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بالتزامن مع الاجتماع المرتقب لوزراء الخارجية في روسيا وسورية وتركيا وإيران، بُغية البحث في إعادة العلاقات السورية ـ التركية، وإيجاد المخارج السياسية لأزمة بات لزاماً على جميع القوى، وضع محدّدات تُنهي حالة الصراع والتجاذبات بين سورية وتركيا، وبما يؤسّس لخارطة طريق سياسية، في ما يتعلق بالملف السوري.
بعد امتصاص تداعيات الزلزال الذي ضرب سورية وتركيا، عاد الحديث وبقوة عن إعادة ترتيب أوراق الملف السوري، وهندسة علاقة جديدة مع تركيا، وبالتالي، فإنّ زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو، تأتي في إطار ما سبق، لجهة إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة، في توقيت تركي يرتكز على اقتراب موعد الانتخابات التركية المزمع إقامتها في 14 أيار/ مايو المقبل، حيث تسعى حكومة حزب “العدالة والتنمية” لانتزاع ورقة اللاجئين السوريين من يد طاولة المعارضة السداسية قبيل التوجه إلى صناديق الاقتراع.
دمشق بدورها تتمسّك بشروطها حيال إعادة التقارب مع أنقرة. هي شروط تراها دمشق ضرورية للتمهيد لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها مع أنقرة، إذ تضع دمشق شرط انسحاب الجيش التركي من كافة الأراضي السورية قبل البدء بأيّ مفاوضات، لكن أنقرة لا تزال تتمسك بمواقفها ولا تُبدي أيّ استعداد لتطبيق الشروط السورية.
من الواضح أنّ دمشق، تعتمد مقاربة خاصة في ما يتعلق بإعادة العلاقات مع أنقرة، فالزيارة الرئاسية إلى موسكو، ستكون ضمن أطر المشاورات الروسية السورية، لوضع أسس محدّدة للتقارب السوري التركي، وهو ما يُفسّر تأخير الإعلان عن عقد لقاء رباعي يجمع وزراء خارجية روسيا وسورية وتركيا وإيران، وعليه فإنّ الاجتماع المزمع عقده في موسكو، لا تزال أجندته قيد البحث.
ورغم نقل وكالة “الأناضول” شبه الرسمية في تركيا عن مصادر لم تسمّها قولها إنّ اجتماع نواب وزراء خارجية الدول الأربع في موسكو سيعقد يومي 15 و16 آذار/ مارس الجاري، غير أنّ البلد المضيف لم يحدّد أيّ موعد علني.
ونفت وسائل إعلامية سورية، تحديد أيّ موعد لعقد الاجتماع المرتقب لنواب وزراء الخارجية، بينما يواصل المسؤولون الروس التأكيد على أنّ الترتيب للاجتماع جار.
ضمن إطار التوقعات التي تلي اجتماع الأسد مع بوتين، يبدو أنّ الأسد لديه مطالب صارمة تجاه تركيا، ولا يُتوقع أن يُبدي الأسد أيّ ليونة في ما يتعلق بالسيادة السورية، وضرورة خروج تركيا من شمال شرق سورية وبشكل كامل، وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها سورية، إلا المواقف المبدئية التي تعتمدها دمشق، ستكون ركيزة أساسية للبدء بإعادة العلاقات مع أنقرة.
حقيقة الأمر، تواجه عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق صعوبات بعد سنوات من العداء بين الطرفين، إذ تتهم دمشق النظام التركي، بدعم مجموعات إرهابية واحتلال الأراضي السورية، في حين تعتبر تركيا وجودها ضمن الأراضي السورية شرعياً استناداً إلى اتفاقية أضنة لعام 1998 التي تتيح لتركيا الدخول إلى الأراضي السورية في حال وجود خطر يهدّد الأمن القومي لتركيا. نتيجة لذلك، قد نشهد مفاوضات طويلة في هذا السياق، ونبقى في انتظار نتائج اجتماع الرئيس الأسد بنظيره الروسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.