الأفول الأميركي والتحول الباكستاني وخطر الإنقلاب الدموي

وكالة أخبار الشرق الجديد-

غالب قنديل:

لم يكن في حسبان واشنطن وشركائها الغربيين أن باكستان سوف تشب على الطوق مرة أخرى بعد اغتيال الرئيس الراحل علي بوتو وسلسلة الأحداث الدموية اللاحقة التي أغرقت بها طيلة سنوات وجعلت من تاريخها السياسي المعاصر مستنقعا دمويا وسلسلة اضطرابات لتبديد قدرتها ومنعها من مراكمة أسباب النهوض من جديد.

ينبعث مجددا مع الأحداث الأخيرة وهج التطلع الى امتلاك ناصية القرار السيادي والاستقلالي وقد تواترت حركات الانتفاض الباكستاني رغم حجم وفاعلية الاستخبارات البريطانية والأميركية في البلاد منذ عقود وهي كانت دائما مستنفرة ومتأهبة للانقضاض بشراسة ودموية على أي تحرك يخرج عن سوار الخضوع والإذعان.

يختار التاريخ أبطاله وفرسانه من خارج المصفوفات الدارجة والمفترضة فيأتي بمفاجآت وصدف مدهشة تستجيب للتحولات العميقة والأصيلة وينتزع أبطال الصدفة دور الزعامة المشهودة ويتنكبون المهام التاريخية التي ناءت بأحمالها وكلفتها أحزاب وقامات سبقت في تعاقبها ومن هذا النسق كان صعود عمران خان وسطوع نجمه ثم تحوله زعيما يقود مسار التحول الباكستاني.

يلاقي الحدث الباكستاني تغييرا تاريخيا جاريا ومتراكما في الجوار الإقليمي الآسيوي والإسلامي مع صعود الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسطوعها كنموذج للتنمية والاستقلال والاقتدار يلهم شعوبا وبلدانا كثيرة في الشرق العربي والإسلامي ومع ملامستها واستجابتها لوجدان شعبي ثوري ولمشاعر تعاطف راسخة وعميقة مع قضية فلسطين.

مواقف الزعيم الباكستاني الصاعد تبشر بانبثاق نجم واعد في الشرق الى جانب ايران التي ستجد في باكستان الجديدة رديفا وشريكا شرقيا اسلاميا يمكن التعاون معه والثقة بشراكته وجميع مبادرات عمران خان هي حتى الساعة تعزيز لاتجاهه المتمرد الرافض للهيمنة وتؤشر الى انعطافه بثقل باكستان الكبير والمهم نحو تحالفات وشراكات على الضفة المناوئة للهيمنة الأميركية.

لا نعتقد ان الخطر قد زال او سقط ودائما يقتضي التحسب لاحتمال تحريك خيوط وخطوط عمالة في بلد تميز بنظامه العميل التابع تقليديا وبسطوة الاستخبارات الأميركية والبريطانية وتغلغلهما في ثنايا الأجهزة المدنية والعسكرية للسلطة المحلية وتلك الاستخبارات الغربية كانت محرك انقلابات وخضات متعاقبة شهدتها باكستان حلال عقود.

سيكون على الزعيم الباكستاني الصاعد تعزيز حكمه ببناء جبهة سياسية شعبية تشاركه السلطة والمسؤولية القيادية والانتقال الى تسليح الشعب وتنظيم القوى الشعبية المقاتلة تحسبا للانقلاب الدموي ولخطر الديكتاتورية التي لن تتوانى الولايات المتحدة عن اعادتها بجميع الوسائل القذرة مهما كلفها ذلك.

لقد سبق للغطرسة الأميركية ان ورطت بلدان شبه القارة الهندية في حروب وكوارث متمادية ما تزال نتائجها وتبعاتها ماثلة للعيان وفرصة عمران خان تستحق الدعم والتعاطف ونتطلع بالذات الى المساهمة الإيرانية في منح الفرصة حقها وبمستطاع طهران أن تقدم مساهمات نوعية كثيرة لتحصين الرديف الباكستاني وتعزيز اقتداره في وجه التهديد والابتزاز.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.