التاريخ السياسي لبندر بن سلطان والعلاقة بين تنحيه وتحرير القلمون

obama-bandar

وكالة أنباء فارس الإيرانية ـ
حميد رضا كاظمي:

استقالة بندر بن سلطان لها صلة بعزله عن ادارة ملف السوري وعجزه عن اسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الاسد، لذا فإن الملك عبد الله والادارة الامريكية توصلا الى نفاذ صلاحية هذا الرجل لقيادة جهاز المخابرات السعودية.

شهدت الساحة السعودية حدثاً اثار الجدل في الاوساط الاعلامية وزاد من الشكوك حول سياسات المملكة، حيث وافق الملك عبد الله على استقالة مدير جهاز المخابرات بندر بن سلطان وعين يوسف الادريسي بديلاً له.
ومن الطبيعي ان تنحي بندر بن سلطان من هذا المنصب الحساس قد وجه الانظار مرة اخرى الى الاروقة السرية في نظام حكم آل سعود والتي تسيطر عليها قوى مختلفة التوجهات.
اما بالنسبة الى تاريخ بندر بن سلطان فتجدر الاشارة الى انه قد عاد الى الاضواء في عام 2012م تزامناً مع ذروة الصحوة الاسلامية بعد ان غاب عدة سنوات عن اروقة السلطة في بلاد الحجاز، حيث عينه الملك عبد الله مديراً للمخابرات بدل مقرن بن عبد العزيز.
وعند الحديث عن نشاطات هذا الرجل فتجدر الاشارة اولاً وقبل كل شيء الى انه احد الاركان الاساسية لتنفيذ السياسة الاميركية في هيكل حكومة آل سعود ومن منطلق الثقة الاميركية تم تعيينه كمسؤول مباشر لادارة الملف الارهابي السلفي في المنطقة وتغذيته بالمال والسلاح، لذا فان الخبراء يعتقدون ان اخطر اجراء اتخذته الرياض في تعيينه كمدير لجهاز المخابرات هو ادارته لهذا الملف الحساس وبالطبع فان نظام آل سعود رام من ذلك القضاء على تيار المقاومة والحيلولة دون اتساع نطاق الصحوة الاسلامية كي لا يتنامى الحس الاسلامي في العالم، لانه يهدد كيان هذا النظام، لذلك اتخذ آل سعود اجراءات احترازية لمواجهة المد الاسلامي في خارج الحدود مهما كلف الامر.
بعد النجاحات الاستراتيجية الباهرة التي حققها بندر بن سلطان على الساحة السورية والتي تجسدت في تغذية المد السلفي التكفيري بكل ما اوتي من قوة وتاجيج الاحداث الدامية وسقوط عشرات الآلاف من الابرياء، فقد ادركت الحكومة السعودية انه يتطلع الى ما يهدد كيان حكام المملكة، لذلك حاولوا ازاحته ولا سيما بعد ان عجز الملك بنفسه عن تحديد نطاق الارهاب الاعمى الذي اجتاح المنطقة والعالم باسره.
وقبل مدة نقلت وسائل الاعلام من مصادر موثقة ان الادارة الاميركية قد سحبت الملف السوري من بندر بن سلطان نظراً لعدم رضاها عن الاجراءات التي اتخذها حول الحرب الداخلية في سوريا، وهذا الامر بكل تاكيد ينقض الادعاء الذي يروج له آل سعود من ان تنحي هذا الرجل يعود الى ما يعانيه من امراض ويثبت ان الاخطاء المفرطة التي ارتكبها وبما في ذلك فشله في نسبة القصف الكيمياوي الذي قام به الارهابيون على الغوطة الشرقية الى الجيش السوري وعدم قدرته على التخطيط بحذاقة في هذا المجال. فهذا القصف الكيمياوي كان يستهدف تسهيل تدخل الولايات المتحدة عسكرياً في المستنقع السوري لاسقاط نظام الحكم بشكل مباشر.
كما ان عجز القوى الارهابية الوافدة على سوريا بقيادة بندر بن سلطان عن التصدي للجيش السوري قد زاد من حنق البيت الابيض على هذا الرجل واثبت لهم نفاذ صلاحيته وضرورة استبداله بمن هو اكثر حنكة منه وبالطبع فان سقوط القلمون هو احد الاسباب الاساسية لازاحته من منصبه وقد تزامن ذلك ايضاً مع زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما الى الرياض.
في عام 1983م تم تعيين بندر بن سلطان سفيراً للسعودية في واشنطن واستمر في منصبه هذا 23 عاماً وعاصر خمسة رؤساء امريكان وعشرة وزراء خارجية واحد عشر مستشاراً للامن القومي الاميركي وستة عشر دورة للكونغرس والمئات من الساسة الاميركان، حيث كانت له صلات معهم لدرجة انه تمكن من اخماد السخط الاميركي على نظام آل سعود بعد احداث الحادي عشر من ايلول / سبتمبر ودوره مشهود في توثيق العلاقات بين واشنطن والرياض على مختلف الاصعدة، كما ان العالم باسره يشهد بصلته الوطيدة من اللوبي الصهيوني الذي تمكن من التاثير على السياسة الخارجية السعودية بشكل علني.
ومن الجدير بالذكر ان هذا الرجل على صلة قوية مع اسرة بوش التي حكمت الولايات المتحدة في عهدي جورج الاب وجورج الابن لدرجة ان البعض اعتبروه آنذاك عضواً في الجهاز الحاكم في واشنطن، حيث فتحت ابواب البيت الابيض له على مصراعيها، وكما صرحت وسائل الاعلام نقلاً عن مصادر موثقة آنذاك بانه اول سفير سعودي كان على علم بتفاصيل القضايا المتعلقة بالامن القومي الاميركي وهذا النفوذ كان مترسخاً بشكل يفوق التصور. فقد اكد الخبير الاعلامي الاميركي الشهير “بوب فودوارد” على ان جورج بوش الاب عندما قرر الهجوم على العراق عام 1991م لم يخبر احداً في بادئ الامر سوى وزير خارجيته كولن باول وبندر بن سلطان!!!
اما الخبير الاميركي “سكوت ماكليود” الذي يغطي احداث المنطقة ابان السنوات العشرين الماضية فقد صرح بضرس قاطع بالقول: لو قلنا بان بندر بن سلطان يلعب دوراً اساسياً يفوق دور وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس في ترسيخ دعائم السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط لما بالغنا في ذلك.
كما ان بندر بن سلطان له الدور البارز في اقناع حكام آل سعود للموافقة على الدخول في محادثات مباشرة مع الكيان الصهيوني تمهيداً لاقامة علاقات علنية وتجاوز مرحلة العلاقات السرية. وتجدر الاشارة الى انه حضر مؤتمر مدريد على خلاف المتوقع وجلس جنباً الى جنب مع ممثلي الكيان الصهيوني، ما اثار دهشتهم لانه كان من المقرر ان يحضر هذا المؤتمر عبد الله بشارة.
هذا فضلاً عن دوره المشهود في توقيع العقود التسليحية للملكة مع بريطانيا وبما في ذلك اتفاقية اليمامة التي بلغت ثمانين مليار دولار واثر ذلك اودع مبلغ مقداره ملياري دولار في حساب السفارة السعودية استولى عليها بنفسه لكونه اعتبر نفسه سمساراً لهذه الصفقة الكبيرة.
ان كل ما ذكر ليس سوى غيض من فيض في نشاطات بندر بن سلطان الفريدة من نوعها الا ان اهم انجاز له تم تدوينه في صفحات التاريخ السوداء هو دعمه الابوي اللامحدود لمصاصي الدماء من اتباع التيار السلفي الوهابي بهدف اراقة دماء الابرياء وزعزعة اوضاع بلدان المنطقة بذرائع مختلفة، فمنذ عام 2005م يمكن اعتبار هذا الرجل بانه المشرف المباشر على جميع المشاريع الارهابية في المنطقة، وبالطبع فان جميع الزمر الارهابية السلفية لا تتخذ اي اجراء منذ ذلك الحين الا بامر مباشر منه، ولكن بتمرير من رموز وهابية تتستر في ثياب دينية لاصدار فتاوى تكفيرية سخيفة تثير السخرية، بحيث جعلت الاسلام اضحوكة بين الناس!
فلا احد ينكر ان نصب وعزل زعماء تنظيم القاعدة الارهابي وجميع التيارات الارهابية الوهابية الاخرى انما يتم بامر مباشر من بندر بن سلطان واخر مثال على ذلك تعيينه زعيم داعش في العراق وتزويد الزمر الارهابية في هذا البلاد بالمال والسلاح على مستوى واسع النطاق، حيث عين الارهابي السعودي ابي سليمان كخليفية لابي عمر البغدادي.
وكذلك فان حقده على محور المقاومة هو امر علني لان هذا الحقد ينصب في مصالح الصهاينة ومن يساندهم من المسؤولين الاميركان ويقربه اليهم اكثر مما مضى، فهو لاجل ان يتزلف الى اسياده لم يتورع عن التصريح بعدائه للجمهورية الاسلامية، واتخذ خطوات عملية لزعزعة امنها وامن محور المقاومة باسره. كما ان له يد في اغتيال الشهيد عماد مغنية بالتعاون مع الموساد الصهيوني، وكذلك هو المخطط لمحاولة اغتيال المرجع اللبناني الراحل السيد محمد حسين فضل الله.
وذروة ما اراق هذا الرجل من دماء المسلمين في سوريا المغلوبة على امرها؛ فالشعب السوري لم ولن ينسى ابداً ما حل بدياره من دمار وخراب تحت امرة بندر بن سلطان وتقشعر الابدان من ذكر ما فعله الارهابيون بهذا الشعب المظلوم ومن مصاديق ذلك الخطة المفضوحة التي عرف بالقصف الكيمياوي للغوطة الشرقية، حيث حاول بندر بن سلطان القضاء على الحكومة السورية باية وسيلة كانت واقحام الولايات المتحدة والناتو لقتال الجيش السوري بعد ان امر الارهابيين بقصف هذه المنطقة بالاسلحة الكيمياوية لاتهام الجيش وتاليب الراي العام على الحكومة السورية، لكنه فشل فشلاً ذريعاً ولم تفلح مساعيه في تدمير سوريا على يد قوات رسمية دولية ليبقى الملف موكلاً الى الارهابيين الذين يعيثون الفساد في البلاد فيتلفون الحرث والنسل دونما حياء.
ويمكن اعتبار ملف الغوطة الشرقية انه القشة التي قصمت ظهر البعير لانه بخطته الفاشلة هذا احرج البيت الابيض الذي كان يطبل ضد الحكومة السورية واثبت انه لا يفقه من السياسة شيئاً. وبالتالي اجبر على تقديم استقالته لتكون خاتمته مؤلمة ولا سيما بعد ان سقطت القلمون من ايدي احبائه الارهابيين الذين لم يحققوا طموحاته مطلقاً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.