التشييع التاريخي للمرجع كلبايكاني.. رسالة لمن يريد تفرقة كلمة الشيعة

صحيفة الوفاق الإيرانية-

الشيخ قيس الطائي*:

روي عن الامام الصادق سلام الله عليه انه قال: “اذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدها شيء الى يوم القيامة”.

رحل عنا قبل ايام قلائل شيخ المجتهدين سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني (قدس) الله نفسه. والذي عرف بعلمه وجهده وجهاده طيلة الفترة التي قضاها من حياته مناصرا للحق مدافعا عن الاسلام وعقائده محبا وداعما للشعائر الدينية مواظبا على نشر العلم والفضيلة بين ابناء المجتمع الايراني وخارجه .فاصبح بحق مثالا لقول الإمام في موت العالم (ثلم في الاسلام ثلمة).

الشيخ الصافي قدس الله نفسه ممن نصروا الثورة الاسلامية واقامة الجمهورية الاسلامية في ايران الصبر والاباء حيث عرف في بداية حياته الجهادية عضوا في مجلس خبراء الدستور ثم امينا عاما لنفس المجلس وممن اختارهم السيد الإمام الخميني قدس الله روحه الطاهرة في ضمن ٧٣ عالما لكتابة دستور الجمهورية الاسلامية بعد انتصار الثورة المباركة.

هذا الجهاد الحافل سبقه جهاد علمي متميز حيث تتلمذ على كبار فقهاء العصر مثل الحجة الكوه كمري ومحمد تقي الخوانساري وصدر الدين الصدر وسيد الطائفة البروجردي حيث كان احد الاساتذة الذين لهم مسؤولية اختيار طلبة البحث الخارج العالي والتأهل لحضوره.ومنذ ذلك الحين لمع نجمه وسطع نور علمه فاصبح يشار بالبنان بالعلم والجهاد .حتى اتاه الامر الالهي ملبيا دعوة الباري عزوجل للالتحاق بسادة الخلق محمد وآله الطاهرين والذين قضى عمره في خدمتهم والذود عنهم.فلبى النداء واستجاب للدعوة. وما ان بلغ خبر ارتحاله الخافقين حتى اندفع المئات من العلماء والمراجع والفضلاء والطلبة الى تأبينه وذكر سجاياه وصفاته والادوار الايمانية والجهادية التي عمل بها خلال فترة قرن من الزمان تقريبا .حيث ابَّنه اكثر علماء الاسلام في النجف الاشرف وقم واقيمت لاجل احياء ذكراه مجالس الفاتحة والذكر وقراءة القرآن في البلاد الاسلامية واستذكار مبادئه ومآثره وما اغنى به المكتبة الاسلامية في الفقه والاصول والعقيدة والفكر الاسلامي وتخريجه لكوكبه من الطلبة المجتهدين والفضلاء العاملين..

والجميع قد رأى كيف يقبل الشيخ الصافي يد طالب افريقي بعد تلبيسه زي طلبة العلوم الدينية لشكره وحثه على نشر الاسلام في القارة السوداء وكثير من المواقف المشهوده له لخدمة طلبة العلم والاساتذة.

والشيء الذي ميز الفقيد تلك الاعداد الهائلة التي خرجت لتشييع نعشه في العراق وفي النجف وكربلاء. استجابة للدعوةالتي دعا اليها سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي دام ظله في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة .حيث دعا الهيئات الحسينية والمواكب للحضور والمشاركة في التشييع واعتبار ذلك تعظيما لشعائر الله تعالى وإعلاءً لكلمة التوحيد واعترافا وامتنانا لهذا العالم الجليل وماقدمه من جهد وصرف للاموال في سبيل اعلاء كلمة الله عزو وعلا. وحضور سماحة الشيخ المرجع اليعقوبي بنفسه وطلبته ومتعلقيه لمراسم التشييع تأكيد على ذلك ليؤبن الفقيد ويقف على نعشه قائلا اللهم انا لانعلم منه الا خيرا. ولم يؤثر ان يجلس مجلس العلماء في الصحن الحيدري المطهر، انما جلس مع الطلبة وعامة الناس ليحضر المجلس الحسيني الذي اقيم على روح الفقيد الشيخ الصافي، وفي هذا التصرف دلالة واضحة على عظمة علماء الاسلام حيهم وميتهم بتواضعهم واجلالهم لبعضهم وللمقامات العلمية والجهادية التي تميزوا بها. وليوصل رسالة واضحة الى ان الحوزة العلمية في النجف اقدم الحوزات واعرقها ذات ارتباط وثيق بحوزة قم المقدسة. وان حاول البعض من ضعاف النفوس تفرقة كلمة الشيعة واشاعة روح العنصرية بينهم، الا ان الاسلام والتشيع واتباع اهل البيت عليهم السلام له رجاله وعلمائه حصون الاسلام والمدافعين عن حياض الدين.فعلماء الاسلام اينما حلوا حلت البركة والخير لان امرهم وتوجيههم وتعاليمهم تعاليم الرسل والائمة الاطهار فان قضى احدهم نحبه وصدق ماعاهد الله عليه جاء المنتظر بعده ليكمل المسيرة بالنهج المحمدي العلوي الاصيل لتحمل مسؤولية هداية الامة والقيام بوظيفة قيادتها والحيلولة دون انجرارها وتبعيتها لاعداء الله والانسانية .

السلام على فقيد العلم والتقى والجهاد اية الله الصافي الكلبايكاني، يوم ولد ويوم توفي ويوم يبعث حيا.. وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين .

*الأستاذ في الحوزة العلمية وممثل سماحة المرجع الشيخ آية الله محمد اليعقوبي في إيران/ قم المقدسة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.