الخيارات التركية الفاشلة

صحيفة الوطن السورية-

 رزوق الغاوي:

حتى اللحظة الراهنة، يمكن القول إن أنقرة فشلت في توظيف احتلالها لبعض الأرض السورية بهدف تحقيق مكاسب سياسية ترفضها سورية بالمطلق، وتقابلها موسكو بما يتفق مع الموقف السيادي الوطني السوري.

وقد أدى هذا الفشل إلى ذهاب أنقرة باتجاه البحث عن خيارات إضافية للخيار العسكري من خلال تصعيده وتعزيز فعاليته، يؤكد ذلك قيام قوات الاحتلال التركي وميليشياته الإرهابية قبل الساعات الثمانية والأربعين الفائتة بشن عدوانٍ على مناطق شرق الفرات وشمال شرق سورية وشمالها الغربي، بغية استنزاف المناطق التي يشملها وقف إطلاق النار، ورفع منسوب التصعيد في شمال الغرب السوري، غير أن هذا الخيار فشل أيضاً جرّاء عمليات الحسم العسكري السوري ضد الاحتلال والإرهاب في آن معاً.

على ضوء هذا الواقع الراهن الذي لا يخدم الأهداف التركية المشبوهة، تبرز في الأفق ملامح ذهاب أنقرة باتجاه الاستعانة بحليفها الأطلسي الأميركي، وبالتالي تجميد الحوار مع الجانب الروسي وتعطيله في محاولة مشبوهة الهدف منها الإبقاء على الوضع الراهن في المناطق الساخنة في شمال الغرب السوري، ما يعني بل ويؤكد عدم رغبة أنقرة في التجاوب مع الدور الروسي الرامي لإيجاد تسوية تتفق مع المصالح الوطنية السيادية السورية، كما يؤكد نيتها لعرقلة هذا الدور وتعطيله ما أمكن ولأطول مدةٍ زمنية أملاً في جعل الاحتلال التركي لشمال الغرب السوري أمراً واقعاً يُمَكِّنُ أنقرة من البناء عليه وجعله ورقة مساومة خلال حوارها مع الجانب الروسي.

غير أن أنقرة التي تمارس نهج المراوغة في التعاطي مع المسألة السورية، عبر حوارها مع الجانب الروسي، غير قادرة وليست لديها القدرة التي تمكنها من إقامة علاقات متوازنة بين كل من روسيا والغرب الأطلسي من خلال تأرجُحها بين هذين الجانبين ما قد يدخلها في مآزق ومطباتٍ سياسية ودبلوماسية وأمنية لم تأخذها أو تضعها في الحسبان، وخاصة أن عليها في نهاية الأمر أن تحدد مواقفها المرحلية والإستراتيجية بوضوح تام وكامل وصريح، وتحت أية عباءة ستتلطى، مع تأكيد الحقيقة المطلقة المتمثلة بالتزامها الكلي والنهائي بعلاقاتها العضوية مع المعسكر الغربي، من حيث كونها عضواً في حلف شمال الأطلسي، وأيضاً من خلال الاختلاف الواسع بين الرؤيتين الروسية والتركية لما يجب أن تكون عليه المرحلة الأخيرة من مراحل التسوية النهائية للمسألة السورية.

هنا يمكن القول إن أنقرة تدرك تماماً مدى صعوبة خياراتها التي يصطدم الواحد منها تلو الآخر، أولاً: بالتصدي السوري الحازم والحاسم للمخططات العدوانية التركية وخياراتها، وثانياً: بالدعم الأميركي لـ«قسد» ما يؤكد حقيقة المأزق التركي وفشل أنقرة في انتهاج أسلوب التأرجح والمراوغة والالتفاف على المساعي الروسية، وإخفاقها في تحقيق الحدود الدنيا من إستراتيجيتها وسياساتها العدوانية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.