الخيالُ السينمائي لن يغيّرَ الواقع

صحيفة المسيرة اليمنية-

أمل المطهر:

حينما تنعدمُ البطولاتُ وتكبر الانتكاسات وتكثر الخيبات وتتوالى الصفعات تزيد الترَّهات ويسعى أصحابُها لخلق عالم خيالي وهمي لصنع بطولاتهم وإنتاج صورة جميلة عوضاً عن تلك المشوهة لرفع معنوياتهم.

وكما تعود الجمهور المتلقي في العالم العربي والغربي رؤية نموذج غريب ومنافٍ للواقع وطامسٍ للحقائق عن أميركا في أفلامها التي أظهرتها بشكل المحامي عن العالم والإنسانية والحرية وزيفت واقعها الإجرامي الملوث بالدماء منذ بدء قيامها فيصور الجندي الأمريكي في فيتنام والعراق وأفغانستان بأنه ذو قلب رحيم ولا يقتل إلا للدفاع عن نفسه فقط.

يقوم كُتاب سيناريوهات تلك الأفلام بصُنع هالة مشحونة بالعاطفة حول أُولئك الجنود بكتابة سيناريوهات جاذبة للعقل البشري، بحيث يركز عليهم وعلى تحَرّكاتهم ويعجب بكل ما يصنعونه بل يقوم بخلق المبرّرات لكل شيء مسيء قد يصنعه ذلك الجندي في الفيلم.

بينما يخلق هالة من الامتعاض والسخط على أصحاب الأرض والمكان الذين يظهرهم كاتبُ القصة تارةً بأنهم مُجَـرّد رعاع متوحشين أَو إرهابيين أَو أغبياء جهلة لا يفهمون مصلحتهم ويُظهِرُهم بأشكال رثة متسخة، بعكس الجنود الأمريكيين، مما يُثبت في العقول الركيكة الوعي حالةَ التمسك بتلك الشخصية والإعجاب الشديد بها وعدم تصديق أية حقائق تدور حول كشف إجرامها وقبحها، وقد نجحت هذه الطريقة كَثيراً في السابق بالتعتيم على الحقائق وتنويم العقول، وقد رأينا أن الكثيرين لم يعرفوا حقيقة أمريكا الدامية إلا متأخراً بعد أن ذاقوا مرارة وويل إجرامها فقد انخدعوا بها ونُوموا عن طريق تلك الأفلام المضللة فكانوا يستقبلونها وهي قادمة إلى أوطانهم بجنودها المحتلّين بالورود والترحيب الحار استقبال المخلص لهم كما رأوها تماماً في تلك الأفلام.

وهذا ما تسعى إليه الآن دويلة الإمارات في إنتاجها لفيلم سينمائي بعنوان (الكمين) الذي يتضح من عنوانه أنه حربي عسكري مما يؤكّـد اتباع الخادم لسيده في نفس النمط لصنع أمجاد وبطولات وأخلاق منعدمة في الحقيقة والواقع لكن الاختلاف هنا في أن من يكتب سيناريوهات وقصص الأفلام الأميركية هم الأمريكان أنفسهم؛ لأَنَّ الإماراتيين لم يستطيعون حتى كتابة تلك البطولات حتى وإن كانت مزيفة ولم يستطيعوا أن يستوعبوا أن يروا أنفسهم أبطالا يتحلون بصفات الشجاعة والايثار والتعاون وكل ما يفتقدونه في ذلك الفيلم لكن كان من السهل عليهم أن يدفعوا فقط ثمن ذلك الهراء.

هل تظنون أن المتلقي الواعي سيصدق أَو يستوعب مضمون ذلك الفيلم الذي تمنى مخرجه الفرنسي أن يصل للعالم بأسره ليعرفوا قصة الجنود الإماراتيين الأبطال على حَــدّ قوله من وجهة نظري أن الوعي العربي والعالم أصبح عاليًا وكَبيراً بحيث لم تعد تنطلي هذه الأكاذيب على أحد ولم تعد تناسب ذوق وتفكير أبناء الشعوب الحرة الواعية.

وسيكون الجندي الإماراتي هو الخاسرَ، فالمقارنة بين أحداث الفيلم وأحداث الواقع سيكون موجعة ومؤلما جِـدًّا له وفي جميع الأحوال لن يمنح ذلك الفيلم الجنود الإماراتيين ما يفتقدونه في واقعهم الميداني المخزي الذي كشفه وفضحه المقاتل اليمني من انعدام الشجاعة والقوة والأخلاق والذكاء والعقيدة القتالية، فما انعدم في الواقع لن يُخلَقَ من السراب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.