الدور السعودي في الحرب على سورية

america-syria

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

أولا سياسيا التزمت حكومة الرياض مع بقية الحكومات الخليجية باستثناء قطر موقفا متحفظا في بداية الأحداث السورية و اكتفت لستة أشهر بالتأكيد المبدئي على ضرورة الحفاظ على الاستقرار السوري و هذا التحفظ ناتج واقعيا عن المخاوف السعودية من تداعيات التحركات التي شهدتها الدول العربية منذ اواخر العام 2011 و انعكاساتها على الوضع الداخلي السعودي خصوصا في ضوء ما شهدته مملكة البحرين الحديقة السعودية الخلفية و جمهورية اليمن و هما البلدان المجاوران للسعودية و اللذان تنعكس احوالهما الداخلية لا سيما السياسية على الوضع السعودي بفعل التشابك السكاني و الاقتصادي و الجوار الجغرافي و لم يلبث الموقف السعودي الرسمي ان انتقل إلى وضعية هجومية و التحق بوتيرة التصعيد القطرية الغربية في إطار الجامعة العربية و كان وزير الخارجية سعود الفيصل الأعلى صوتا في الدعوة إلى تسليح المعارضة السورية و تمويلها و المطالبة بتدخل اجنبي في سورية و الهجوم الشامل بالذهاب نحو التدويل و الاشتباك مع الموقفين الروسي و الصيني بعد الفيتو المزدوج .

و كان لافتا خضوع المملكة السعودية لمنهجية سياسية اعتمدها الغرب في إدارة الحرب على سورية تقوم على تكريس موقع متقدم لإمارة قطر بدلا من المملكة في إدارة اللعبة السياسية إلى جانب  تضخم الرهان الأميركي على الدور التركي و على حساب الوزن السعودي التقليدي .

ثانيا إعلاميا تجندت الوسائل الإعلامية السعودية منذ اللحظة الأولى لممارسة اداء هجومي شامل ضد الدولة السورية و للتحريض على التحرك الشعبي و التمرد و لتسويق الأخبار و المعلومات التي تولت تصنيعها مجموعات معارضة أقامت غرف العمليات الخاصة بذلك في الدوحة و دبي و باريس و بيروت و لندن و نيويورك و برزت صحيفتا الشرق الوسط و الحياة و قناة العربية المملوكة من الأسرة السعودية بوصفها ادوات هجومية رئيسية في الحرب على سورية بينما كانت إمبراطورية آل الحريري الإعلامية الممولة سعوديا اداة رئيسية في الحملة الإعلامية .

ثالثا ماليا و منذ البداية تدفقت الأموال السعودية على عدد من التجمعات المعارضة و بعض الرموز المعروفة كنائبي الرئيس السوري السابقين عبد الحليم خدام و رفعت الأسد و بعض قادة الأخوان المسلمين الذين تربطهم علاقات تقليدية بالمملكة كما أرسلت السعودية مبالغ ضخمة  و بصورة منتظمة إلى جمعيات دينية و لجان مساجد ساهمت في تنظيم التمرد المسلح و قيادة التحركات داخل سورية و معظمها تأسست قبل سنوات بدعم سعودي مباشر تحت غطاء إقامة المساجد و تدريس القرآن الكريم و تنظيم الأعمال الخيرية وشكلت في الواقع غطاءا تنظيميا وأمنيا لتشكيلات مسلحة ظهرت بعد اندلاع الأحداث السورية .

1-     تيار التكفير السوري الذي يتزعمه الشيخ عدنان العرعور يمثل استطالة سعودية مباشرة و هو يقود تحرك جماعته في حماه و ريف دمشق و محافظة درعا من مقره في الرياض و بواسطة قناته الفضائية التي يديرها من هناك و يقيم لها مكتبا في القاهرة و برز التكفيريون منذ الأشهر الأولى للأحداث على الأرض و قاموا بعمليات قتل بالسيوف عبر حز الرؤوس و تقطيع الأوصال و قد تبين ان هذا التيار يحتفظ بشبكات خاصة لنقل الأموال و الأسلحة إلى الداخل السوري عبر الأردن و لبنان بصورة خاصة .

2-    الدور الذي لعبه تيار المستقبل في تهريب الأسلحة و الأموال من لبنان  إلى الجماعات المسلحة في سورية و في التحريض الإعلامي الموجه نحو الداخل السوري يعتبر تجسيدا لخطط عمل يقودها رئيس المخابرات السعودية بندر بن سلطان و قد نظم المستقبل شبكات لبنانية سورية للتهريب عبر الحدود منذ بداية الأحداث و أقام غرفة عمليات في الشمال بمشاركة ضباط من المخابرات الأميركية و الفرنسية و كل من الأجهزة السعودية و القطرية و الإماراتية .

رابعا يعتقد ان جماعات قاعدية على صلة وثيقة ببندر بن سلطان اعيد توجيهها و توظيفها في تنفيذ عمليات تفجير و اغتيال داخل سورية و قد ارتبطت بهذا النوع من النشاط تحركات الجماعات القاعدية التي انطلق بعضها من لبنان و الفصائل التي كانت ناشطة في العراق و انتقلت معظم خلاياها الفاعلة إلى الأردن مسقط رأس زعيمها أبي مصعب الزرقاوي و بعد التحاق مجموعات سورية بها تحولت إلى قوة رئيسية في تكوين جبهة النصرة فرع القاعدة في سورية .

اطلقت السعودية مؤخرا تدابير اقتصادية ضاغطة ضد سورية و هي اوقفت استيراد المنتجات السورية و اتخذت إجراءات لعرقلة تحويلات السوريين العاملين لديها و الذين يتعرضون لمضايقات كثيرة بينما تحد المملكة من معدل منح تاشيرات السفر للمواطنين السوريين و حرمتهم كليا من مراسم الحج للعام 2012 .

خامسا تنظر السلطات السعودية إلى الحرب على سورية بوصفها السبيل الرئيسي للتخلص من الحضور الإيراني على خط التماس العربي الإسرائيلي و على حدود فلسطين المحتلة و هو المحور الحاسم الذي يشكل في نظر السعوديين و الأميركيين مصدر الثقل النوعي الإيراني في المنطقة او ركيزة الدور الإقليمي و النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط الذي تعتبر السعودية انه ينمو على حساب دورها التقليدي في المنطقة .

من زاوية ثانية يتبنى السمؤولون السعوديون نظرة مذهبية للحرب على سورية بوصفها فرصة لإعادة تكوين الثقل السني في المنطقة بعد فشل المراهنة السعودية على الاحتفاظ بحصة من النفوذ في العراق و عدم نجاح محاولات تدعيم نفوذ الحريري في لبنان .

و من زاوية ثالثة تعتبر المملكة السعودية ان الدولة السورية هي خصمها التاريخي في النظر إلى أوضاع المنطقة و خصوصا إلى الصراع العربي الإسرائيلي و مشاريع التسوية و هي تحمل الرئيس بشار الأسد مسؤولية مباشرة عن تشجيع التطرف الفلسطيني و اللبناني الذي تجسده حركات المقاومة المسلحة و ترى انه قدم مساحة مميزة للنفوذ الإيراني في المنطقة و تخطى السقوف التي كانت السياسة السورية تراعيها سابقا على جميع الجبهات لصالح نهج متطرف و تصادمي على الطريقة الإيرانية كما يرى السعوديون .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.