العنف ضد المرأة بين الدين والمفهوم

موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
تنشط في الآونة الأخيرة حملات تنادي بمناهضة العنف ضد المرأة، وهي حملات متجدّدة وليست حديثة العهد، وإنما بدأت تأخذ أشكالاً متطورة من أجل الوصول إلى الهدف المنشود.
فقد انطلقت نشاطات جمعية “قل لا للعنف، حملة ال 16 يوما العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة”، والتي تمتد بين 25 تشرين الثاني “اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة” و10 كانون الأول “اليوم العالمي لحقوق الإنسان”. وخلال هذه الفترة، تطلق حملة “زيك زاك” و”قل لا للعنف ضد المرأة والفتيات”، بالشراكة مع تلفزيون ومجلة “ربيع المرأة””.
واعتبرت مسؤولة النظم الادارية والبحوث الاجتماعية رلى سهيل ان “هذة الحملة عالمية تسلط الضوء على أهمية إشراك الرجال في مناهضة العنف ضد المرأة. وبدأت الجمعية العديد من النشاطات والفعاليات خلال مدة الحملة تستهدف الرجال المؤثرين في المجتمع اللبناني من صنّاع القرار ورجال الدين والمحامين والفنانين لاستثمار مراكزهم للحد من العنف الواقع على النساء. وستركز الحملة نشاطاتها هذا العام في المناطق اللبنانية كافة ، ومن خلال تنفيذ نشاطات يومية تشتمل على ورشات عمل وحملات جمع تواقيع وتوزيع الشارات البيضاء، واستخدام المنشورات والإعلام والفن التشكيلي. وسوف تختم النشاطات في احتفال مركزي في بيروت تاريخ 21 كانون الأول 2012 بمناسبة اليوم العالمي لاعلان مبادئ حقوق الانسان .” (ليبانون فايلز)
وبالفعل بدأ الترويج لذلك، فقد قامت “مؤسسة أبعاد” بإطلاق حملة “نؤمن”: من قبل القادة الروحيين ورجال الدين من كل الطوائف لما لهم من تأثير كبير في حياة الناس، من أجل إعادة التصويب لتصرفات الأشخاص الذين يتعاملون بعنف مع المرأة ، وتوجيههم إلى الأحكام الشرعية الصحيحة في التعامل.
نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان يقول: نؤمن: أن تعنيف المرأة خطيئة لا يقرها دين ولا عقل، استوصوا خيراً بالنساء.
مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قبّاني يقول: نؤمن: نقلاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” ما أكرم النساء إلا كريم، وما أهانهم إلا لئيم” .
غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يقول: نؤمن: ” العنف ضد المرأة من أي نوع كان هو انتهاك لكرامتها”
غبطة بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام يقول: “يسوع أنّب من يعنّفون المرأة، لماذا تعنّفون المرأة؟!” .
فمضامين هذه الرسائل إنما تؤكد على وجود قواسم وخطوط مشتركة تجمع الخطاب الديني وخطاب حقوق النساء الإنسانية العالمي فيما خص رفض العنف ضد النساء والفتيات. وهذا من شأنه تكريس ـ بل والتأكيد على ـ إمكانية إقامة جسور تواصل بين الناشطين والنشاطات في منظمات المجتمع المدني المعني بقضايا وحقوق النساء وبين القادة وعلماء الدين الروحيين. على أن يبقى البحث في الكيفية والحيثية وسقف الطرح مفتوحاً للنقاش ضمن إطار تعزيز جهود الشراكة الحقيقية التي ترمي إلى خدمة الصالح العام وإقامة مجتمع تظلّله ثقافة إحترام الكرامة الإنسانية للنساء وحقوق الإنسان والتي لا يختلف عليها أي من الخطابين وفق ما جاء في موقع صيدا نت.
فالدين هو علاقة الإنسان بالله، والله سبحانه وتعالى هو الخير المطلق، وهو الذي يحث الإنسان على محبة أخيه الإنسان، وعلى التوادد والتراحم فيما بين البشر على مختلف أجناسهم وانتماءاتهم. والعودة إلى تطبيق الدين وإرشاداته تجعل الحياة أفضل، وتجعل الإنسان يرتقي أكثر نحو إنسانيته.
إن الوقوف على أسباب العنف وماهيته تجعلنا ندرك ما معنى أن يرتبط الإنسان بإرشادات الدين من أجل الوصول إلى مثل هذا الهدف السامي ، وإلى حماية المرأة التي تعتبر الطرف الأضعف في هذه المعادلة.
فتشارلز سلسنغت يقوم بتعريف عبارة “الدين والعنف” على أنها عبارة “متنافرة”، مؤكداً أنه “يعتقد أن يكون الدين ضد العنف وضد القوة من أجل السلام”، وهو يقر مع ذلك أن “التاريخ والكتب المقدسة لديانات العالم تحكي قصص العنف والحرب وكأنها (يعني الكتب) تتحدث عن السلام والمحبة” (وكيبيديا)
في المقابل هناك من ينظر إلى الدين نظرة تجنٍّ، ويعتبر أن تطبيق الدين هو الذي يؤدي إلى السلوك العنيف مثل كريستوفر هيتشنز وريتشارد دوكينز وهما من الذين يقولون إن الاديان لها ضرر هائل على المجتمع من خلال استخدام العنف لتعزيز وتحقيق أهدافها، حسب الطرق التي يتم استغلالها من قبل قادة الدين. (وكيبديا)
وهذا محض افتراء، فكل الأديان جاءت بالمحبة، والتحلي بالأخلاق الحسنة. ومن يتحلّى بالأخلاق الحسنة لا بدّ وأن يقف عند كل تصرّف يصدر عنه، خاصة عندما يكون الشخص المقابل أضعف منه قوة.
والدراسات عن العنف تجاه المرأة حدّدت بعض الأسباب التي يمكن أن تكون سبباً في هذا العنف، منها مثلاً شرب الكحول الذي يجعل من الشخص الذي يتعاطاه شخصاً مجرماً ومتوحشاً، وبالتالي سينعكس ذلك على تصرفه، كذلك استغلال المرأة من قبل بعض الأشخاص، وهذا الإستغلال لا يصدر إلا عن أشخاص اهتموا بدنياهم ونسوا الآخرة، أي أنه تصرف لا أخلاقي، ابتعاد المرأة عن العفاف وهو ما يعرّضها للمضايقات وفي بعض الأحيان للعنف… أي أن العنف يصدر دائماً عن سلوك غير سوي يتّصف به بعض الأفراد، وقد تتحول إلى ظاهرة متفاقمة عندما تصبح ثقافة سائدة في المجتمع ويتأثّر بها الكثيرون، نتيجة نوع التربية، وقلة الوعي والثقافة بين أفراده.
فالابتعاد عن الأخلاق الحميدة التي توصي بها مختلف الأديان هو سبب رئيسي في تفشي مثل هذه التصرفات وفي تزايد العنف. وعند الإطّلاع على واقع المرأة حتى في المجتمعات المتطورة سنجد أن نسبة العنف التي تمارس تجاهها هي أشد وأقوى، بسبب ابتعاد تلك المجتمعات عن الدين وتطبيقاته الحقيقية.
أما في مجتمعاتنا، فإن تزايد وتيرة العنف تجاه المرأة إنما هو نتاج الإبتعاد عن الدين الذي أوصى بالمودة بين الزوجين، وشدّد على التراحم ، وأن كل تلك التصرّفات إنّما هي في معظمها نابعة من بعض التقاليد العمياء والبعيدة كل البعد عن الإرشادات الدينية. ومن هنا يأتي دور التثقيف وبث الوعي في هذا المجتمع، ولعلّه خير ما قامت به تلك الحملة هو الإلتفات إلى الناحية الدينية، وإلى الإستنجاد بآراء رجال الدين النيّرة ، المنفتحة، البعيدة عن التعصب والعنف والتي توصي خيراً بالنساء.
وتبقى مسؤولية تثقيف المجتمع هي مسؤولية الجميع، من مسؤولين، من مثقفين، من أدباء وشعراء وكتّاب. الكل معني بتوضيح الصورة الطبيعية التي يجب أن يبنى التعامل على أساسها، والتي يجب أن تنبع من مكارم الأخلاق.
ولعلّ التأثير الأكبر يبقى لرجال الدين، لأن الدين يشكل رادعاً مهماً في مكافحة العنف وتقويم المجتمع ليصبح أكثر نضجاً وأكثر وعياً.

2 تعليقات
  1. بسام عزالدين يقول

    (( مسؤولية تثقيف المجتمع هي مسؤولية الجميع، من مسؤولين، من مثقفين، من أدباء وشعراء وكتّاب. الكل معني بتوضيح الصورة الطبيعية التي يجب أن يبنى التعامل على أساسها، والتي يجب أن تنبع من مكارم الأخلاق. ولعلّ التأثير الأكبر يبقى لرجال الدين، لأن الدين يشكل رادعاً مهماً في مكافحة العنف وتقويم المجتمع ليصبح أكثر نضجاً وأكثر وعياً.))
    هذه الاسطر هى الاهم ما فى هذه المقالة وهذا ما يجب ان يكون نصب اعين كل القائمين على هذه الحملات او الجمعيات لانه وللاسف فى بلدنا لبنان اختلطت الكثير من الامور حتى وجد بعض دعاة تفكيك الاسرة طريقهم لتاسيس كيان لهم فى لبنان عبر بعض الجمعيات المشبوهة والممولة من جهات غربية تحت شعار حماية المرأة فلذلك نحن اليوم بأمس الحاجة لمثقفين يعون خطورة هذه الجمعيات الموبوءة ويقطعون عليها السبيل للفساد والافساد بتشريعات اوروبية لا تحمل طيها الا الدمار للحياة الاسرية والاجتماعية ، وذلك بتشكيل جمعيات لتوعية الرجال قبل النساء وبتوجيه النساء لمعرفة حقوقهن الشرعية فى كل الامور الدنيوية لان للمرأة حقوق شرعها لها رب العالمين لو طبقها كل رجل فى منزله لكنا امة يباهى الله بها ملائكته

  2. admin يقول

    شكراً لك أخ بسام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.