الغرب يُشيِطن بوُتِين لتَصفِية الحِسابات مَعَهُ!

marwan-yelena-russia

موقع إنباء الإخباري ـ
مَروان سُوداح*
يَلينا نِيدوغِينا*:

نجزم، أن روسيا بمختلف أجهزتها، تُدرك جيداً، أن “الغرب السياسي” قادة وأجهزة وأنظمة، يعمل بصورة حثيثة ومنذ بدايات القضية السورية واندلاع هجمة الصقيع العربي، على تنفيذ خطة مُحكَمة وتدرّجية لتصفية الرئيس فلاديمير بوتين في المجالات الأخلاقية والسياسية، وصولاً لتهيئة الوضع الدولي لقبول تصفية الحسابات معه جسدياً، فالغرب ما تزال تراوده صور دموية مشابهة لصور زعماء عرب وأجانب قام بتصفيتهم برغم دعمهم له!

“الغرب السياسي” لن يَنجح بَمسعاه هذا. لماذا؟: 1/ ظروف روسيا تختلف جذرياً عن الظروف الأجنبية والسوفييتية؛ 2/ أليات عمل الغرب مكشوفة وتعرفها الأجهزة الروسية المختلفة التي خبرتها على نفسها ووطنها، وتحذر منها، وهي تقوم بلا توقف بتفعيل الرد الناجح عليها؛ 3/ الغرب يتعامل مع دولة روسيا الكبرى وليس مع “صومالي لاند”، فما يَنجح في حزام الدول البلطيقية الصُغرى وحقول اختبارات الصومال الذي دمّره الغرب السياسي عن بكرة أبيه، وليبيا ذات الملايين القليلة من السكان، لا ينجح في روسيا؛ 4/ الكابوي الامريكي لا ينجح عادة في كل رغباته وأحلامه، وحتى في بلاده نفسها، فكيف يكون نجاحه في دولة ضاربة جذورها في التاريخ الحضاري والثقافي حين تكون الحضارة الامريكية حديثة العهد، وأصولها تدعو للغثاء لكونها قثائية وقشرية وأنغلوسكسونية – ماسونية ؛ 5/ روسيا هي الأكبر مساحة والأعظم وحدة مجتمعية وسياسية أكثر من أي وقت مضى؛ 6/ روسيا هي الأقوى عسكرياً، وقد أكدت الأحداث السورية هذه الحقيقة؛ 7/ روسيا منتصرة دائماً، وعلى أمريكا ان تراجع تاريخ الحروب والتدخلات الخارجية في روسيا، لتدرك هذه الحقيقة المُرّة لجميع الإمبرياليين والميغا- إمبرياليين.. فمنذ ما قبل القرن العاشر الميلادي وروسيا لا تتسامح مع عدو ومُتدخّل.. وتـنـتصر عليه وإن طال الزمن، وإن تقلّبت السنون..

السنوات الأخيرة أكّدت جبروت موسكو العسكري، حذاقتها السياسية، إستقامتها الأخلاقية، التزامها بالقانون الدولي، ووقوفها الى جانب الشعوب والأُمم، ونُصرة قضاياها العادلة والمشروعة التي تقضمها وتهضمها الأمزجة المعادية للإنسانية في “الغرب السياسي”.

كما يَشهد القرن21، أن القيادة السياسية الروسية الجديدة متميزة وطليعية بمحيّاها ومضمونها وتطلعاتها ونجيعها. ومَن يُدقّق في روسيا بوتين الآسيا – اوروبية، يلمس كم تتعامل بإيجابية مع رغبات الشعوب، فهي تُدرك إدراكاً عميقاً أن تحويل العالم قد أزف، وبأنه بات قاب قوسين أو أدنى بتحالف القوى الشريفة ومختلف الامم صغيرها وكبيرها، الى جانب الصين، وعدد من دول بريكس، والبنك الآسيوي الذي مركزه بيجين وفقراء العالم والطبقات الوسطى الذين هم القاعدة الأوسع في الامم.

“أورق بنما” لم تتهم الرئيس بوتين بالإسم، فهي لم تتحدث عن أنه مستثمر مباشر خارج حدود الروسيا أو وادع نقوده في بنوك ما، وإلا لتم وضع اليد عليها غربياً منذ وقت طويل. فالغرب السياسي يتطلع دوماً لمصادرة أية أموال يستطيع الحوز عليها بسهولة، وهذا هو منطق الرأسمالية الربوية والجشعة والتوسعية على حساب الغير، ولا يمكن أن ننسى، كما ولن ينسى التاريخ، سرقة الاستعمار كنوز قبائل الإينكا في أمريكا الجنوبية، وشواهد  ونتاجات الثقافات العربية والإسلامية والآسيوية والأفريقية.

ومُثير للضحك هو الإدّعاء أن لدى الرئيس بوتين40 مليار دولار، و/أو أقل أو أكثر بحسب نَهم المُفبرِكين الغربيين وأزلامهم. والثابت، أن مَن يقفون خلف الإعلان عن “أصدقاء بوتين الأغنياء”، يهدفون بخبث للإيحاء بتورّط بوتين مالياً، ضمن سياستهم بإستمرار توجيه الرأي العام العالمي ضد روسيا، من خلال: أولاً/ نزع المصداقية عن رئيسها؛ وثانياً/ تصفية قادة المؤسسات الروسية المخلصين للدولة والذين يقودونها حالياً بغير رغبة غربية!!؛ وثالثاً/ بالعمل للتأثير على الرأي العام الروسي تحضيراً لثورة ثقافية وسياسية وإقتصادية، فهذا التحضير بات مطلوب غربياً الآن بالذات، وأكثر من أي وقت مضى، لكون حدوثه سينقذ الاستعمار العالمي والرأسمالية من عثراتها السياسية والبنيوية ونهايتها الاقتصادية وخلافات أربابها وصراعاتهم على مناطق النفوذ التي لم يُتح لهم الهيمنة عليها بسبب تحريرها روسياً، والتي على ترابها سُفح الدم الروسي الزكي.

اليوم يتم استدعاء تكنولوجيا الانقلابات الغربية لضرب المصدر الأول للقوة العالمية. إذ أن تفكيك هذه القوة وهي روسيا، سيعمل على تفكيك التحالف الدولي الذين يقوده بوتين ومؤسساته، وتصفيته فتصفيتها كما “يرغبون”، وتصفية قاعدته الروسية. لهذا، لا نستغرب أبداً أن تكرّر الاذاعة والفضائية الأمريكية الناطقة بالروسية والموجّهة نحو روسيا، في استحضار للحرب الباردة بين الرأسمالية والاشتراكية، صورها الإضحاكية وحربها الإعلامية اليومية على روسيا، إدعاءً أن “روسيا بدأت تتحلل”، بينما أُوكرانيا بدأت تتشكل كدولة وتشعر باستقلاليتها وقوتها وذاتها بعيداً عن روسيا العدوة الجارة المُستعدِية عليها دوماً..(!؟) و.. والخ.

الأصوات الإعلامية الأمريكية التي تطبّل للحرب، إنّما توظف في سبيل إثبات فبركاتها، كل مَن لفظهم المجتمع الروسي من زُمرِ الذين يعيشون على فُتات أموال وكالة المخابرات المركزية الامريكية، وُجلّهمُ لفيف الهاربين من وطنهم الروسي كالصهاينة أصحاب الطوابير الخامسة والسادسة، وقد سبق وهربوا أيام بريسترويكا غوربي من روسيا، الى شركتهم الاستعمارية التقليدية العابرة للقومية – الكيان الصهيو- إسرائيلي، حيث يعملون هناك في مؤسسات “دراسات روسيا”، ليعثروا على “أنجع السُّبل” للتأمر عليها، وللتأثير سلبياً على المواطن الروسي ضد بلاده، وفي مواجهة وطنه، وللنيل من رئيسه بوتين الذي تقض صلابته ومبدئيته مضاجعهم الرثّة.

بالمناسبة، التكنولوجيا الغربية لإدارة الرأي العام، يتم تدريسها لدبلوماسييهم وللإعلاميين الغربيين والعرب الذين يعملون على تسويقهم عالمياً وبالتالي تسويق نتاجاتهم الإعلامية الخبيثة، ذات الانماط الغربية، إذ يتأثر العامة بالإعلام الغرب سياسي الذي  يسيطر على غالبية عمليات إنتاج وتسويق الكلمة والصورة في العالم بنسبة ليست أقل من 70 – 75 بالمئة.

في الأسلوب الغرب سياسي، إعتماد سياسة قذف تهمة كبرى أو شبه تهمة من خلال وسائل الإعلام التابعة له والدائرة في فلكه، ومِن ثمَّ تركها لتتفاعل في العالم بين مؤيد ومُعَارِض، ورصد هذه التفاعلات بدقّة، ضمن استراتيجية تطويرها وتنميتها، فإتباعها بتصعيدٍ بقذف تهمة أُخرى تلحق في أثرها، بحيث لا يتم ترك فـُسحة تفكير للرأي العام ليُحاكم التهمة السابقة ويناقشها بروّية ليخلص للنتائج، والهدف محاصرة عقول البشر وقولبتها فإرغامها على استقبال مزيدٍ من التهم وانشداده إليها، فترتيب الأوراق روسياً ودولياً ضد الرئيس، ومحاصرته في بلاده والدنيا ليَعُوفهُ الكل..  وماذا بعد..؟

لا يختلف إثنان ان عالم اليوم يشهد حرباً خطيرة من نوع غير تقليدي وغير كلاسيكي. هذه الحرب توصف بأنها غير عسكرية، وتـُصنّف على أنها إعلامية وسياسية وأيديولوجية غير مباشرة؛ وهي حرب شيطنة الآخر غير المرتبط والغير المُقيّد غربياً. وهذه الحرب بالذات هي التي تمهّد السُّبل للانتصار على هذا الآخر وتصفيته، قمعه ووأده من خلال صمت عالمي، وقـُل، بتأييد ضمني على صعيدٍ شامل.

هذا النهج هو النهج الغير المُعلن الذي يَعمد الغرب الى تطبيقه تجاه روسيا وبوتين – الرئيس الغير المذعن، والذي أقض مضاجع قادة العالم الغربي، الذي خيّل إليهم في زمن الثنائي غوربي ويلتسين، أن روسيا انتهت، وأراضيها تمزّقت أمام أنظار العالم كله، وأن “نهاية التاريخ” دَنت، لتتوقف عند الانغلوساكسون الجُدد، ورهط الإمبرياليين وفلاسفتهم والصهاينة وثقافاتهم وحضارتهم التي تبيح شيطنة وسحل الآخر بدون عقاب إلا لكونه غير أبيض البشرة.

ان المَشكلة الكامنة في العالم والمؤرّقة للشرفاء والمناضلين ومستقبل العالم، أن عدداً غير كبير من البشر يَعمد للتمحيص في الانتاج الإعلامي اليومي، وملاحقة مدى مصداقيته مصادره، ناهيك أن عدد المتخصّصين بذلك والمتابعين له عن كثب والفاضحين أهدافه وطرائقه الذئبية لا يتضاعف. لذلك، يَشرع الغرب السياسي الى إطلاق الأحكام الجائرة ونشر التهم شرقاً وغرباً، وهو يُدرك ان لا محاكمة له ولا متابعة لأتهاماته، ولا وقف لآلته المُشيطنة للآخر الذي هو اليوم روسيا والصين، وعدد أخر من الدول التي يُشكّل إنتاجها السلعي أكثر من نصف إنتاج العالم. لذا، لروسيا وهذه الدول ملء الحق والقدرة لتتغير هذا العالم نحو الافضل وأمام أنظارنا نحن المُحبيّن لها.

لا أحد في الغرب ولا أحد في عالم العرب المترامي الأطراف يكتب وينشر ويُمحّص بجد واجتهاد عن ما هي أوراق بنما، ومَن يقف وراءها، واستهدافاتها، ربما لأن عدداً كبيراً من المفكّرين و “الكتبة”، هم مجرد كتبة لمعسكر الارتهان للغرب السياسي. وإن أراد البعض النشر الجاد عن هذه الفبركات “البنمية” – الامريكية يتم منعه وحَظر قلمه، ومُلاحقته، وتدّبر له المَكائد وتساق له الفَضائح.. بينما مشيطنو بوتين وروسيا والصين يلهون بكلماتهم البذيئة ويمرحون، وتفتح أمامهم الأبواب المُغلقة جميعها، ويُعاد نشر مقالاتهم وأخبارهم بمكافئات مالية مُجزية، من سفارات وحكومات وشخصيات ومنظمات ودور “أبحاث” ومؤسسات “دراسات”..!

هل يَعلم العامة أن ما يُسمّى بـ”أوراق بنما” المتعلقة بتسريبات وثائق شركة “Mossack Fonseca ” قد نُشرت بصورة مختصرة، وغيّبت أوراق “3” آلاف من رجال الإعلام والشخصيات المالية والإعتبارية والطبيعية والسياسية في أمريكا وبريطانيا وغرب اوروبا وشرقها؟.. وهل يَعلم البشر أن تمويل ما يُسمّى بالتحقيق والدراسة لأصدار أوراق بنما مُوّلت مباشر من حكومة اوباما الأمريكية عن طريق مؤسستها الرسمية “يو- إس- إيد” (“الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”)، والملياردير الأمريكي جورج سوروس – الشهير في البلدان العربية بدعمه المالي الشهري السّخي لألوف منظمات المجتمع المدني العربية وغير العربية، وبتدبيره للانقلابات الدولية؟

موقع “ويكيليكس” كشف عبر حسابه على “تويتر”، أن حقيقة ما يجري اليوم هو بالمجمل استهدافات واشنطن لموسكو، ضمن رغبة النيل من الرئيس فلاديمير بوتين، بطريق إشاعة الأخبار والإدّعاءات المُفبّركة حول نزاهته، وصولاً لتشجيع عناصر المعارضة الداخلية الضعيفة أصلاً في روسيا، ومحاولة تقويتها وتوفير الرصاص لها.. وليس الأوراق والميكروفونات والدولارات فحسب!

*مُتابِعٌ للشأنين الروسي والصيني ورئيس رابطة محبي بوتين وأصدقاء الروسيا للاردن والعالم العربي.

*كاتبة ورئيسة تحرير الملحق الروسي سابقاً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.