القانون الدولي العام: معايير مزدوجة بين الشرق والغرب

law-culture1

موقع إنباء الإخباري ـ
علي مطر:

كثرت في الأونة الأخيرة إستخدامات مصطلح القانون الدولي العام، لاسيما نتيجة الإعتداءات الصهيونية المتكررة، على فلسطين ولبنان، والخلافات التي تحصل عادةً بين دولتين أو أكثر، جيران أو من  قارات مختلفة. فمثلاً اليوم نسمع عن إنتهاك القانون الدولي من قبل الدول الغربية التي تتدخل في الشؤون الداخلية السورية وتنتهك سيادة سورية. والكثير من الناس يستخدمون المصطلح ويسمعون عنه، لكنهم يجهلونه. فما هو القانون الدولي العام؟

القانون الدولي العام (Public International Law) هو القانون الذي يتعلق تصرفات الدول ذات السيادة والهيئات الدولية. وفي الإطار العام، فإن القانون الدولي العام، يتحكم بكل ما تتصرف به الدول تجاه بعضها، وفي بعض الاحيان الشركات متعددة الجنسيات وكذلك الأفراد.

وقد تطور هذا المصطلح كثيراً خلال القرن العشرين، بسبب زيادة التجارة الدولية، التدهور البيئي على المستوى العالمي، تزايد الإدراك بانتهاكات حقوق لإنسان، الزيادة السريعة في المواصلات الدولية، وازدهار التواصل العالمي، وزيادة الخلافات بين الدول على الأراضي وغيرها.

ويتمحور هذا القانون حول، قانون الأمم (Jus gentium)، والاتفاقات الدولية والمعاهدات (Jus inter gentes)، وهما فرعان يختلفان من ناحية الأسس النظرية ويجب عدم الخلط بينهما.

ويتألف القانون الدولي العام من القوانين والمبادئ للتطبيق العام ويتعامل مع تصرفات الدول والهيئات الدولية وعلاقاتها المتبادلة بالإضافة إلى علاقاتها مع الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين.

ولهذا القانون ثلاثة مصادر أساسية هي: المعاهدات والاتفاقات الدولية، الأعراف والتقاليد، والقواعد العامة للقانون. بالإضافة إلى القرارات القضائية التي قد تنطبق كطرق فرعية لتحديد القانون بحسب ما أشارت إليه المادة 38 من قانون محكمة العدل الدولية، كما له مصادر فرعية أخرى. وهو يضع إطار ومعايير لتحديد الدول كممثلين أساسيين في النظام القانوني الدولي.

اليوم نرى أن هناك تطبيقاً وفق معايير مزدوجة لهذا القانون، الذي يجب أن يحكم كل تصرفات الدول دون استثناء، ولكن للأسف فإنه يتم تطبيقه على الدول المستضعفة، بطريقة مغايرة تماماً لما يتم التعامل به مع الولايات المتحدة الأميركية “واسرائيل”، وما يحصل في فلسطين وسورية خير دليل على ذلك.

المسؤول اليوم عن تطبيق القانون الدولي ـ وفق المفهوم القانوني ـ هو منظمة “الأمم المتحدة”، حيث أن تعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي يدخل في صميم رسالة الأمم المتحدة. ويشكل ترسيخ دعائم احترام سيادة القانون عنصراً أساسياً في إحلال السلام الدائم بعد انتهاء النزاع، وحماية حقوق الإنسان على نحو فعال، وتحقيق التقدم والتنمية في المجال الاقتصادي بشكل مطرد. ومبدأ خضوع الجميع – بدءاً بالفرد وانتهاء بالدولة نفسها – للمساءلة بموجب قوانين صادرة علناً، وتطبق على الجميع بالتساوي، ويحتكم في إطارها إلى قضاء مستقل، هو مفهوم أساسي يرفد قسطاً وافراً من أعمال الأمم المتحدة.

إن من أبرز ما يدرّس في الجامعات فيما يتعلق بالقانون الدولي وأبرز ما تؤكد عليه التشريعات الدولية، هو مبدأ عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول باعتباره أحد مبادئ القانون الدولي، وهذا ما تؤكد عليه الأمم المتحدة التي تقول في المادة الثانية الفقرة السابعة من ميثاقها إنه “ليس في هذا الميثاق ما يسوغ ”للأمم المتحدة“ أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي ‏لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن ‏هذا المبدأ لا يخلّ بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع.”
وبما أننا ضربنا مثلاً الشرق والغرب، فنسأل هل باستطاعة أية دولة أن تتدخل بشؤون الولايات المتحدة الأميركية؟
طبعاً لا، لأننا لم نشهد ذلك منذ سقوط الإتحاد السوفياتي على أقل تقدير، فأميركا دائماً ما تتحكم بالدول وتتدخل بشؤونها، دون أي رادع. فهل أن ما يحصل في الغرب يحصل في الشرق؟
نرى اليوم للأسف أن القانون الدولي يطبق بشكل مجتزء وغير صحيح، وإلا لماذا لم تمنع الأمم المتحدة ـ التي سنورد مقالاً خاصاً عنها وعن ميثاقها ـ أميركا وتركيا وأوروبا وقطر والسعودية وغيرها من التدخل في شؤون سورية؟ لماذا وقفت في وجه الدولة السورية بدلاً من السماح لها بالقضاء على الإرهاب الذي تحرّمه الأمم المتحدة، لا سيما مجلس الأمن؟
أسئلة من حق أي باحث قانوني أن يطرحها، ولكن لن ننتظر الجواب أبداً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.