اللبنانيون ضحية الأزمات المتوالدة

جريدة البناء اللبنانية-

عمر عبد القادر غندور:

مع تعاظم الأزمات المتواصلة على لبنان، منها الاقتصادية والسياسية والمالية والأخلاقية وتداعيات الأزمة الأوكرانية على لبنان وغير لبنان، وربما سيُصاب لبنان أكثر من غيره لفقده أدنى معايير المناعة، وانعدام الثقة بمؤسساته داخلياً وخارجياً والتي تهدر أكثر من ملياري دولار في السنة وتستنزف احتياطها الإلزامي، ولا ندري كيف سيواجه المصرف المركزي التداعيات الداهمة الناتجة حتماً من الأزمة الأوكرانية، وهو الذي يدعم مادة الطحين مئة بالمئة؟ وماذا لو ارتفع سعر الطحين 30% وهو رقم يلوح في القريب العاجل في ضوء توقف القمح الأوكراني عن التصدير.

ولنتخيّل سعر ربطة الخبز لو بلغ 25 ألف ليرة وهي السلعة التي لا يمكن الاستغناء عنها ولو ليوم واحد، ولا نتحدث عن الزيوت النباتية الأوكرانية المدعومة التي تغطي عادة ٤٠% من حاجات الأسواق المحلية، ولنتصوّر طوابير المواطنين أمام الأفران بعد ان تبيّن انّ مخزون القمح في لبنان يكفي لشهر واحد. وبات مؤكداً ارتفاع سعر طن القمح متأثراً بالحرب بين أكبر مصدّرين للقمح في العالم روسيا وأوكرانيا.

وفي مثل هذه الحالة ينشط الاحتكار والطمع والجشع بين التجار ممن خبروا فنون الاستغلال واستثمار الأزمات في الظروف الحالكة، وامتنع الكثير منهم عن بيع الطحين الى الأهالي خاصة خارج المدن في القرى والارياف ممن يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم ويعجنون الطحين لإعداد الخبز على الصاج والتنور، وقد فوجئ هؤلاء بامتناع التجار عن بيعهم الطحين إما بحجة عدم وجود المادة او بحجة ارتفاع الأسعار!

وفي حين كان سعر كيس الطحين 50 كلغ بـ 225 ألف ليرة قبل اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية ارتفع سعره الى 300 الف ليرة… هذا إنْ وُجد !

وفي ضوء ندرة وجود السلعة في السوق ارتفعت الأسعار توازياً مع سعر الدولار، تمتنع الشركات عن تسليم السلع ولو بالقطارة.

ولا ندري الى متى يقوى المواطن اللبناني على الصمود والوقوف على رجليه؟

وفي مثل هذه الحالة المزرية، يطلّ علينا بعض السياسيين بعروض من الجعدنة الفارغة والوعود الكاذبة والادّعاءات الواهية التي تثير القرف والقيء والاستنكار، وهم الذين تعوّدوا على النفاق والخداع والتحايل والتزوير والتبرير والتسويف حتى بات الكذب الوسيلة السهلة للتملص من واجباتهم والوسيلة المثلى للضحك على ذقون من يتحمّل الاستماع اليهم! حتى يكاد الكذب مرادفاً عملياً للسلطة والاشتغال بالسياسة.

واين هؤلاء السياسيين والسلطويين من كلام الإمام علي كرّم الله وجهه، الصدق أمانة والكذب خيانة…

«كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ»

وفي زمن الكاذبين والخونة، فقد العديد من اللبنانيين أحلامهم وفرصة بناء العائلة، حتى بات حلمهم الهجرة ولا يعلمون الى أين…؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.