بوتين لَم يَدخل سُورية ليَخرج مُنكسراً

(من وحي انكسار الارهاب الدولي على أبواب دمشق)

موقع إنباء الإخباري ـ
الأكاديمي مروان سوداح*
م. يلينا نيدوغينا**:

كثيرة هي “التحليلات” والأخبار التي تتناول في وسائل إعلام مُشتراة أمريكياً وغربياً وأعرابياً، طبيعة الوجود الروسي في سورية، والمرامي “البعيدة” لروسيا في هذه الدولة العربية العريقة، والأكثر من ذلك هو تلك المقاربات والمقارنات المتواصلة لما بين الدخول الروسي في سورية والأمريكي في فيتنام، وغيرها!
بداية لا بد ان أُذكّر القارىء بأن مختلف هذه الفبركات لم تكن لتظهر في غير هذا الوضع العربي البائس والمتخلّف، حيث يَعيش أكثر من نصف العرب في أمية علمية وثقافية وإعلامية واجتماعية ومعرفية، ذلك أن غالبية هؤلاء لا يُجيدون فك الحرف والكلمة، ولا يفهمون السياسة والأبعاد السياسية للعمليات العسكرية، ولا يُجيدون سلوكاً إجتماعياً مُنصفاً ومُدركاً، ويتوقف فهمهم غالباً على “الخِلفة”، والطبخ والنفخ، والتسوّل بمعناه الواسع وغير المنحصر في توسّل المال ومن “فتح البخت”..
وفي فبركات أخرى تنطلي على كثيرين للأسف في وضع جمد فيها العقل العربي، أن روسيا دخلت الى سورية لتصارع قوى دولية وعربية ضمن “مسابقة عالمية”!، وأنها في سباق مع غيرها للسيطرة على دمشق!، متناسين هؤلاء أن الدخول الروسي الى سورية كان متأخراً جداً في عمر الارهاب الدولي والازمة السورية على أرض هذه الدولة الأبية، وبأن الزمن القصير لروسيا في سورية قد نجح في تفكيك ركائز الارهاب الدولي ودمّر قواعده، وأحرج مُشغّليه، ولجَمَ عديدين منهم، وقصَمَ ظهر معظم منظمات الارهابيين، وإرغمَهَا على التقهقر والفرَار، حين كانت القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا، تتجوّل من خلال مسؤوليها بين قادة الارهابيين وفي جحورهم، تحثّهم على الصمود، بينما الدويلة الصهيونية كانت وما تزال تدعم بالمال والسلاح والمُجنّدين قادة الارهاب الدمويين، وتعالج جرحاه علناً، وتعيدهم الى ساحات المعارك للقتال من جديد، وهذا كله موثـّق في الانترنت و “يوتيوب” ووسائل الاعلام الاسرائيلية..
روسيا الكبرى والعُظيمة، ورئيسها فلاديمير بوتين، الذي امتاز منذ أُولى ممارساته السياسية في شبابه، بالتعاطف مع القضايا والجهات العربية، لم يكن ليُجازِف بإدخال أسلحته الضاربة والأكثر تدميراً وتكلفة الى سورية ليَخسر ويَنسحب، ولم يَكن ليُجازف بحشد كميات ضخمة منها ليَخرج من دمشق بخفّي حُنين، ولا لأن يُغادرُها مُنكسراً مطاطيء الرأس، لا أمام التركي العثماني الذي حاول بكل الوسائل تدمير روسيا واحتلالها في معارك وأزمان سابقة، ولا فراراً بوتينياً – لم يَعتد عليه بوتين ولو لمرة واحدة – من الأمريكي المُتهالك في العالم وفي منطقتنا، ولا للخنوع أمام الغرب السياسي برمّته، حين يُقاتله هذا الغرب ويَحشد أسلحة فتّاكة ضده في شرقي أوكرانيا، التي رتّبت عواصم الغرب فيها إنقلاباً دموياً لسلخها عن عالمي السلافية والاورثوذكسية، وضمّنها لمحور النازية والفاشية والاتحاد الاوروبي المتكسّر بمَعاول شعوبه، ودفعها للانتقام من موسكو المُنتصرة في برلين لرافعها عَلمها الأحمر بنجمِهِ وشاكوشه ومِنجله فوق الرايخستاغ الألماني، في برلين المُنتحر هتلر، الذي ردّته وردعته القوات الصينية والروسية عن إحتلال “الشرق العربي” وبضمنه فلسطين والاردن وبلاد الشام، برغم حكومة فيشي النازية التي نصّبها الغرب على دمشق في انقلاب خاسر.
المشكلة الكأداء في العالم العربي، هي أن نجاحات الإعلام المُشغل رجعياً وغربياً، هو إعلام ناجح لا لسبب حذاقته وعلوميته، بل لأنه يتلقى تمويلاَ ضخماً من عدة جهات، تغدق عليه أموالاً فلكية تتكدس في بنك الغرب، ولأن العرب في معظمهم وبسبب رجعية وتخلّف مناهج التعليم والثقافة والعلوم في غالبية البلدان العربية، لم يعودوا يُدركون الكفاح العادل من “الكفاح” الارهابي/ ولا يفقهون الاختلاف بين الألف والباء، ناهيك عن الياء، ولا الحرب العادلة عن الحرب الظالمة، ولا الحرية عن الاستعباد والتبعيّة.
هل يُعقل ان يَستخدم بوتين نصف ترسانته العسكرية الأكثر تقدماً تقنياً والأشرس تدميراً، وأن يَنصُبُ أقدر أنظمته وأجهزته العسكرية وصواريخه في سورية، وأن تقلع طائراته الاستراتيجية وتضرب بصواريخ لم تحرّكها من قبل، وتدكُ أوكار الارهابيين من أجواء الروسية والعراقية وغيرها، ليَبيع نصره في سورية بسهولة ويسر وبلا مقابل لدول أخرى عدوة له تتربص به؟، وهل يعقل أن يَتقهقر العظيم بوتين أمامها ويرتعد وهو الفولاذي الدهري، أو أن تضعف دبلوماسيته الرفيعه التي قادها القدير الفقيد تشوركين الى نصر مؤزر مُعرّياً الارهاب والقوى الداعمة له في كل حُجر وجُحر؟!
في كل المعارك التي قادتها الجيوش السورية والروسية وقوات الحُلفاء الآخرين مع هاتين الدولتين، كان هناك تأكيد على إحراز النصر ودحر الارهابيين، ذلك أن روسيا وسورية لا يمكن ان تسلّما بغير ذلك، لا الآن ولا في المستقبل، فوجود روسيا في سورية هو وجود شرعي وقانوني ويستند للشرعة الدولية، على النقيض من وجود مختلف القوات الارهابية والغربية والصهيونية والتركية على الاراضي السورية، فهي قوات احتلال وبطش بحسب كل القوانين الوضعية والدينية. لذلك، لن تخرج روسيا بوتين من سورية قبل أن تنكسر شوكة الارهاب الدولي، وقبل الاندحار النهائي لقوات مختلف الانظمة التي تحتل مساحات من الاراضي السورية، ولن يَهدأ لبوتين بال ولن تغمض له عين وجفن قبل استتاب السلام في سورية وسيادة السيادة السورية على الارض السورية، وتحقيق انتصار نهائي فيها يُخطُ بنار ونور وضياء أبدي.
*رئيس رَابِطةُ القَلَمِيِّين مُحِبِّي بُوتِين وَرُوُسيّة للأُردنِ وَالعَالَم العَربِيِّ.
**كاتبة ورئيسة الفرع النسائي في رَابِطةُ القَلَمِيِّين مُحِبِّي بُوتِين وَرُوُسيّة للأُردنِ وَالعَالَم العَربِيِّ.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.