بين روسيا والصين.. تراجعت أميركا

صحيفة الوطن السورية-

هديل علي:

تقارب روسي صيني واضح المعالم والإستراتيجيات بدأ بالانبلاج مرة جديدة متحدياً مع اكتمال الإعلان الروسي-الصيني المشترك، الخطر الأميركي ومن ورائه حلف شمال الأطلسي، وملوحاً بولادة تحالف عسكري سياسي قاري في وجه تهديدات الولايات المتحدة وحلفائها.

الرئيس الصيني شي جين بينغ أكد خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يزور الصين أن «الخيار الإستراتيجي» لبلاده وروسيا لمصلحة التعاون من أجل ضمان العدل والمساواة في الحقوق في الساحة الدولية أمر لا يتزعزع، ملوحاً بضرورة اتخاذ إجراءات مشتركة صارمة في سبيل التصدي للتدخلات الخارجية والتهديدات للأمن الإقليمي بشكل فعال، من أجل حماية مصالحهما الوطنية وسيادتهما وضمان أمن البلدين.

هذا التقارب الروسي الصيني المتزايد دفع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمناشدة الصين بصيغة «تحذيرية» بعدم التعمق بعلاقاتها مع موسكو، فتقارب كهذا سيقضي بالتأكيد على تخوف الدول من البعبع الأميركي وسيؤدي لانضواء العديد منها تحت التحالف الجديد، ويبدو انضمام إيران إليه استمراراً منطقياً في الاتجاه الجنوبي الغربي، وخاصة مع بدء تنفيذ اتفاق التعاون بين طهران وبكين للأعوام الـ25 القادمة، حيث يضمن الاتفاق تفاعلاً اقتصادياً وثقافيا بين الجانبين ويُدخل إيران بفاعلية أقوى إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، ما يعد نجاحاً استراتيجياً مهماً ومفصلياً، إضافة إلى كوريا الديمقراطية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالصين، والتي أكدت مؤخراً على لسان رئيسها كيم جونغ أون على العلاقات القوية بين البلدين، حيث تعهد كيم بتطويرها إلى مرحلة جديدة عالية وإستراتيجية راسخة لا يمكن أن يكسرها «أي شيء»، ناهيك عن العلاقات التاريخية بين بيونغ يانغ وموسكو ما يجعلها تبدو عضواً طبيعياً في مثل هذا الاتحاد العسكري السياسي، الذي سيكون مساوياً من حيث القوة الاقتصادية والعسكرية لحلف شمال الأطلسي ويتفوق بشكل كبير على الحضارة الغربية ككل من الناحية الأخلاقية والنفسية، وسيعني ظهوره ضربة قاصمة للجيوسياسية الغربية.

المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي قالت خلال مؤتمر صحفي عقدته يوم الجمعة الفائت تعليقاً على لقاء الرئيسين الروسي والصيني: «لدينا علاقات خاصة مع الصين وفقاً لرؤية الرئيس بايدن»، مدعية حرص بلادها على بكين ومشددة على المخاطر العالمية للأمن والاقتصاد التي يثيرها أي عدوان روسي لاحق ضد أوكرانيا»، في دعوة مبطنة من واشنطن لبكين لعدم التعمق في علاقاتها مع موسكو بذريعة الحرص، ومن خلفها الرعب، من مقدرة هذا التحالف على الحد بشكل كبير من تأثير التفرد الأميركي بقيادة العالم والضغط الغربي على بقية دول العالم، فهل نشهد قريبا تخفيض التصعيد من أميركا والغرب تجاه كل من الصين وروسيا، أم إن التحالف سيكتمل وستتخذ أقطاب قوى العالم شكلاً جديداً من حيث التوزع والمنافسة؟

على مايبدو أن السيف سبق العذل، ولن تفيد واشنطن أي محاولات تهدئة، لأن النظام العالمي الجديد بدأت ولادته خارج كنفها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.