بين واشنطن وطالبان خِطَط وضعت في الدوحة وليسَ إتفاقيات

وكالة أنباء مهر-

إسماعيل النجار:

وأخيراََ حَطَّت طالبان رحالها على بساط العاصمة كابول بعد عشرين عام من القتال مع الأميركيين من دون أن تنجح واشنطن بالقضاء عليها، وذلك بعدما بسطت سيطرتها بالقوة او بالاتفاق على معظم الولايات والمُدُن الشمالية والغربية والجنوبيه في البلاد.

[ الولايات ألمتحدة الاميركية كان لها أهداف وأسباب في الانسحاب السريع من افغانستان،
من الأسباب عدم تحمل المزيد من الخسائر والإستنزاف المادي والبشري، ومن الأهداف الاستفادة قدر المستطاع من نتائج انسحابها المفاجئ والبناء عليه يوماََ بيوم.
[ بينما الحكومة الموالية لها في كابول وقفت حائرة أمام القرار الأميركي الغير مدروس والتطورات الدراماتيكية السريعه التي تجري من حولها وسط تكهنات عن اتفاق سري بين طالبان والإدارة الاميركية جرى منذ سنتين في الدوحة القطرية ينص على الانسحاب الأميركي وإخلاء الطريق أمام الحركة للسيطرة على مفاصل البلاد بشروط أميركية وافقت عليها الحركة،
[ لكن في الواقع أن اللقاءآت التي كانت تحصل في الدوحة كانت تناقش كيفية الحفاظ على المصالح الأميركية بعد مغادرتها ومشاركة طالبان في السلطة،
وذلك من دون ألقيام بأي ترتيبات سياسية فعليه على الأرض أو تقريب وجهات نظر الاطراف المتناحرة وجمعهم حول طاولة واحدة للإتفاق على مبدأ الشراكة بينهما وتجنيب البلاد حرب اهليه محتملة.
لكن واشنطن بطبيعتها الانانية الغدارة فضلت البحث بما يحفظ نفوذها ومصالحها على اهم نقطة جغرافيه حساسة في آسيا الوسطى.

[ مع مغادرة ترامب الحكم ووصول البديل الصهيوني بايدن الى البيت الابيض تبدلت المواقف الأميركية حيث أن الرئيس الجديد اراد التخلص من العبئ الافغاني الذي استنزف جيشه وخزينته طوال ٢٠ عام تاركاََ الأمور تشق طريقها الطبيعي مع القدر الممكن من التنسيق مع الحكومة الافغانية الحالية ومع طالبان بواسطة الدوحة، لكن الأمر فاجئ الجميع بسرعة انهيار السلطة الحاكمة وتسليم المناطق سلمياََ بهذا الشكل الغير متوقع ومغادرة مئات المسؤولين الى دول الجوار تاركين خلفهم جيش طويل عريض ومؤسسات أمنية بأمها وابيها تنتظر مصيرها مع طالبان من دون أي تنسيق ضروري،

**اليوم دخلت طالبان العاصمه الافغانية كابول ولا أحد يستطيع أن يتكهن بمصير اجهزة الدولة التي تدير الوضع في البلاد هل سيبقون في مؤسساتهم إم سيتحولون الى مطاردين عاطلين عن العمل.
وأما الحديث عن تولي علي جلالي المقيم في أميركا السلطة مؤقتاََ لمدة شهرين ريثما تنجز انتخابات برلمانية يشارك بها الجميع ليست سوىَ عبارة عن بالونات سياسية للتشويش على النصر الحاسم الذي حققته الحركة في البلاد أمس.
[ اما فيما يخص دول الجوار فإن حذر كبير يشوب المحيط الأفغاني،
وإذا كان لا بد من تواصل وتفاهم مع الحاكمين الجُدد فمن المؤكد بحث الكثير من الأمور المعقدة والخطيرة مع قيادة طالبان.

[ أهم النقاط التي سيجري الحديث عنها بين دُوَل الجيران لأفغانستان وحركة طالبان بعد السيطرة التامة على البلاد كشرط أساسي للإعتراف بهم في السلطة والذي سُرِّبَ بعضاََ منه هو:

1*… [ عدم زعزعة أمن الحدود بين افغانستان وبين تلك الدوَل]
2*… [ ضمان عدم تدفق ارهابيين عبر حدود افغانستان الى أي دولة من تلك الدوَل]
3*… [ ضمان عودة اللاجئين من دوَل الجوار إلى بلادهم]
4*… [ ضمان حرية وأمن الأقليات الدينية والقبلية الأفغانية ]
5*… [ ضمان مشاركة جميع فئات المجتمع الأفغاني في السلطة]
6*… [ تحديد مصير الإتفاقيات السابقة المُوَقعة بين تلك الدُوَل وبين حكومة غني]
7*… [ ضمان عدم إيواء أو إحتضان أي مجموعات مناوئة لتلك الدُوَل أو السماح لها بأي تحرك عسكري من داخل افغانستان وخصوصاََ القاعدة وداعش]
8*… [ ضمان أمن طريق التجارة الحرة مع الصين ودوَل آسيا الوسطى]
9*…[ عدم تنفيذ او السماح لأي جهة بتنفيذ أجندات أميركية ضد دوَل الجوار]

**في حال نفذت حكومة طالبان الجديدة هذه البنود التي تقلق محيطها فأنها تكون سجلت أول نقطة إيجابية على أول السطر من العلاقات الدبلوماسية مع المجتمع الدولي وتكون قد وَفَت بإلتزاماتها بعدم المساس بالحريات العامة وأمن المنطقة الإقليمي وطمئنَت الجميع بأن ثقافتها اسلامية معتدلة لا تهدف الى نشر الفوضى وانعدام الأمن وأن مراجعه شاملة وعميقة قد أجرتها الحركة ستكون علامة خط سيرها السياسي والثقافي الجديد الذي ستعتمده في سنوات حكمها القادمة لإكتساب قبول والتفاف شعبي داخلي حولها.

[ بالنسبة لواشنطن فإن
الكثير من المحللين إجتهدوا ووضعوا ما حصل في خانة اتفاق الدوحة السري الذي جَرَىَ منذ سنتين لكن الحقيقة مغايرة كلياََ لأن قرار الانسحاب الأميركي كان (فراراََ وهزيمة) ولم يكن أمام واشنطن إِلاَّ هذا الخروج المُذِل الشبيه بهزيمة فيتنام،
والذي يجري متوقع والأمر المفاجئ هو سرعة الانهيار وطالبان كانت أذكى من ان تقع بفخ اسقاط المدن بالقوة العسكرية وهي تتبع تكتيكات ذكية جداََ في سياساتها ولم تكن تصريحات قادتها خارجة عن المألوف الذي اعتاد العالم أن يسمعه سابقاََ، وكانت الحركة ذكيه جداََ بما يكفي لإعطاء صورة مغايرة عن طالبان عام ٢٠٠٠ مما يؤكد اكتسابهم خبرات كثيرة نتيجة تجاربهم الطويلة في التفاوض وتجنب موسم حصاد سيء قد ينعكس عليهم،
وتفيد مصادر موثوقة أن الفضل الأكبر بتغيير لهجة وسياسة طالبان داخلياََ ودولياََ وتغيير سلوكها العسكري في التعاطي مع المواطنين الذي تغيير بنسبة ٨٠٪ يعود الفضل فيه لنصائح كثيرة وجهتها القيادة الإيرانية لقادة طالبان بغية تغيير وجه الحركة الوهابي السيء الصيت،
استفادت الحركة من جدية اصغائها لتلك النصائح وهذا ما فاجئ العالم عند دخولها كابول على الأرض.

أما ما ستؤَل اليه امور الجيش وباقي الإجهزة التابعه لحكومة غني لننتظر الى الغد ونبني على الشيء مقتضاه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.