تغطية الإرهاب من الإنكار إلى التبرير

Free syrian army - Kalamoun
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

منذ ربع قرن ظهرت تشكيلات القاعدة في لبنان بأسماء متغيرة وقبل اثنين وعشرين شهرا أطلق وزير الدفاع الوطني فايز غصن تحذيره من خطر تواجد القاعدة في لبنان وكان يتحدث عمليا عن خليط الحشود الإرهابية التي استوطنت عددا من المناطق تحت تغطية سياسية محلية قادها الشيخ سعد الحريري وحزبه السياسي وحلفاؤه في إطار خطة الحرب على سوريا .

أولا : بات الإقرار بوجود القاعدة من المسلمات التي لا يجادل بها رهط السياسيين والمتحدثين الذين أمطروا الوزير غصن بهجماتهم وشنوا عليه حملة ترهيب واسعة شكلت تغطية لمواصلة حماية جماعات التكفير الإرهابي ومعاقله في الشمال والبقاع ومناطق لبنانية أخرى وبعض المخيمات الفلسطينية .

بغض النظر عن الأسماء التي تحملها الجماعات التكفيرية المختلفة العاملة في لبنان سواء كانت النصرة أم كتائب عبدالله عزام أم جند الشام أم سواها من الجماعات المتخفية تحت يافطة زمرة الجيش الحر وغيرها فالحقيقة الراهنة والمكشوفة هي أن تلك الجماعات التي تواجه وضعا صعبا في سوريا حيث تحاصرها نقمة شعبية كبيرة ويتقدم الجيش العربي السوري في عملياته لدك معاقلها وبينما تقوم في صفوف تلك التشكيلات حروب ضروس فهي تنقل إرهابها إلى لبنان وهي قد سبق لها أن استهدفت الجيش اللبناني أكثر من مرة وهي تمثل تهديدا لجميع المواطنين اللبنانيين بدون استثناء وما فعلته في سوريا هو الدليل ولعل العودة إلى أرشيف عمليات التفجير والمذابح الجماعية الجارية هناك تشير إلى أن الجماعات القاعدية والتكفيرية والإرهابية قتلت آلاف المواطنين من جميع المشارب و رجال الدين المسلمين والمسيحيين الذين يتقدمهم العلامة البوطي كما استهدفت جميع مراكز العبادة في سائر المناطق فالتكفير مبني على عقيدة الإلغاء والإبادة من غير استثناء.

ثانيا: قدمت قوى 14 آذار الحماية لأوكار الإرهاب في إطار انخراطها بتنفيذ المخطط الأميركي السعودي وهي اليوم تحاول التهرب من تلك المسؤولية المشينة عبر اجترار الكلام عن دور حزب الله في سورية مع العلم أن وجود الإرهاب والتكفير في لبنان في حضن المستقبل سابق لأي مشاركة قتالية من جانب حزب الله داخل سورية ولكن تلك الذريعة التي يراد بها طمس الحقائق هي اليوم بمثابة غطاء للهجمات الإرهابية والقاعدية ومن غير إزاحة هذه التغطية ستكون حماية لبنان من الإرهاب أكثر صعوبة وأعلى كلفة.

إن الخطاب الحريري في التعقيب على جرائم الإرهاب في لبنان هو تبرير مفضوح حتى لو جاء في معرض الاستنكار وخطورته أنه ينطوي على محاولة تعبئة قسم من اللبنانيين بالعصبية المذهبية لتحويلهم إلى حاضن للإرهابيين بينما يقتضي الأمر حزما شاملا في مكافحة الإرهاب والتكفير ومنع تلك الجماعات من تجنيد المزيد من اللبنانيين ويبرهن على هذه الحقيقة انكشاف علاقة أحد المفجرين اللذين استهدفا منطقة بئر حسن بجماعة الأسير التي كانت في حضن الحريري وحظيت بحمايته وتغطيته السياسية.

ثالثا: لا يقل خطورة عن تورط 14 آذار وتيار المستقبل في تغطية الإرهاب وحمايته منطق بعض المسؤولين الذين يواصلون سياسة القطيعة مع الدولة الوطنية السورية ويتلطون مؤخرا تحت شعار الحياد اللبناني وقد سبق لهم عندما رفعوا شعار النأي بالنفس أن تغاضوا منذ بداية الأحداث في سوريا عن غرف العمليات التي أقامتها قوى 14 آذار في لبنان وعن تسخير العديد من وسائل الإعلام اللبنانية في خدمة العدوان على سوريا وعن تهريب السلاح إلى لبنان بالبواخر وتنظيم نقله لصالح العصابات الإرهابية داخل سوريا وكذلك عن تصدير المسلحين المنضوين تحت لواء ميليشيا المستقبل وحلفائها العسكريين من الجماعات المتطرفة نحو الداخل السوري ويكفي السؤال اليوم عمن أرسل جحافل اللبنانيين الموجودين في قلعة الحصن في ريف حمص منذ بداية المعارك هناك ومن سهل إرسال دفعات من القاتلين متعددي الجنسيات عبر الحدود اللبنانية واستضاف ضباط استخبارات الناتو لتشغيل العصابات وقيادتها من لبنان.

إن موقف بعض أركان السلطة السياسية بات خطرا على لبنان الذي يسعى حزب الله لحمايته من خطر الإرهاب القاعدي الذي يقاتله وجها لوجه على الأرض السورية ليدفع أذاه عن البلاد ، بينما يستدعي الخطر الداهم إطلاق نفير وطني شامل يسقط هاتين العقبتين بأي شكل كان ويوفر القرار الوطني بمحاربة الإرهاب الذي يبدأ بشطب جميع مفردات التبرير ومنع ابتزاز الجيش والضغط على قيادته وسد الثغرات المنية الناتجة عن المحميات الحريرية في الدولة.

التصدي للإرهاب يشكل اليوم حافزا لتحول الحكومات الأوروبية التي تورطت في العدوان إلى طلب التنسيق مع الدولة السورية التي تبعد عنها ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وفرنسا وغيرها من دول الغرب آلاف الأميال بينما الجار اللبناني المهدد ما زال يلزم نفسه بقرار المنع الأميركي السعودي لأي اتصال مع دمشق. إنها المهزلة يجب أن تنتهي وعلى القوى السياسية المسؤولة أن تجد الطريق لوضع حد لها لأن حياة الأبرياء باتت في الميزان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.