تقديمات المستقبل البقاعية: كذب و«شوية زفت»

mustaqbal-bekaa

صحيفة الاخبار اللبنانية ـ
عفيف دياب:

اكتشف مناصرو تيار المستقبل في البقاعين الغربي والاوسط أن وعود الشيخ سعد الحريري لم تتحقق، وان ما وعد به من مشاريع انمائية وانتاجية رفعت من نسبة البطالة وهجرة الشباب. واكتشف هؤلاء ايضاً ان الوعود لم تكن حريرا ناعما، بل «شوية» زفت وقصور بلدية وهمية وآبار ارتوازية جافة

في خطاب له امام حشود بقاعية قبل 4 سنوات، تحدث رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عن البقاع المحروم من الخدمات. بزّ الشيخ سعد، في خطابه ذاك، الرئيس نبيه بري في استخدام «لازمة» الحرمان. وشدد في لقائه، يومها، مع فعاليات بقاعية في شتورة على اهمية تعويض سنوات الحرمان الطويلة، ونال تصفيقاً حاراً بعدما قال: «هناك العديد من المشاريع الملحّة على جدول الاهتمام، خصوصاً ما يتعلق منها بالمياه والزراعة والبنى التحتية وتحريك الدورة الاقتصادية، وهي ستكون موضع اهتمامنا». رقص البقاع مرة اخرى على وقع تصفيق الجماهير المحتشدة على مائدة افطار رمضاني، فتحمس الشيخ وجزم بأن زيارته التالية ستحصل و«تكون هذه المشاريع قد وضعت على سكة التنفيذ».

مرت الايام ولم تنفذ المشاريع الموعودة التي اعلنها «الشيخ» امام «اهله» في البقاعين الاوسط والغربي عام 2005، وآثر الشيخ «سكة السلامة» الى خارج البلاد على سكّة تنفيذ المشاريع.

الوعود الحريرية بانماء البقاع وتوفير مشاريع انتاجية وبنى تحتية ترفع الحرمان، تُسأل عنها اليوم بلديات ومخاتير وشخصيات في اوسط البقاع وغربه. يأتي الجواب واضحاً وحزيناً وواحداً: «عالوعد يا كمون». العهد الذي قطعه تيار المستقبل ورئيسه لأهالي البقاع تحول الى «ورطة»، خصوصاً ان نقمة الجمهور «الازرق» تزداد يومياً مع تراجع التقديمات المالية التي لم تترك اثراً يذكر خدماتياً. فسياسة التوظيفات وفق المحسوبيات السياسية التي انتهجها التيار في البقاعين الاوسط والغربي، خرّجت شبابا عاطلا من العمل مع الانتكاسة المالية التي اصابت الشيخ سعد. ويقول احد الموظفين المصروفين من التيار انه بعد عام 2006 ترك وظيفته في مؤسسة تجارية امضى فيها نحو 10 سنوات والتحق بالتيار، «لكن بعد سنة تم التخلي عني وها انا ابحث عن عمل».

المال السياسي الذي استخدمه «المستقبل» في البقاعين الاوسط والغربي، وما رافقه من هدر وسرقات وسوء ادارة، احدثت صدمة عند جمهور عريض كان قد وجد في التيار ضالته فكان ضحية «ظلم ذوي القربى»، كما يقول رئيس بلدية كبرى في البقاع الغربي يتحدث بحسرة عن تيار لم يحسن تنظيم صفوفه وتلبية احتياجات ناسه رغم تاريخه الطويل في السلطتين التنفيذية والتشريعية. ويقول «الريس» الغاضب على التيار ان الرئيس الراحل رفيق الحريري «اوقف زراعة الشمندر السكري، ونجله سعد وعدنا بمئات المشاريع لمجرد ان نقف الى جانبه». ويتابع: «خرج البقاع الغربي عن بكرة ابيه مناصرا الشيخ سعد. جاء الى جب جنين والقى خطابا اعتقدنا بعده ان المنطقة ستتحول الى جنة». ويلفت الرجل الذي بدأ باعادة تواصله مع شخصيات ناصبها العداء كرمى لعيون الشيخ سعد الى أن تيار المستقبل أنجز مشروعا واحدا لبلدته منذ العام 2005، هو «بئر ارتوازية تبين بعد سنة ان مياهها غير صالحة للشرب وسرعان ما جفّت».

ماذا قدم المستقبل للبقاعين الغربي والاوسط؟ سؤال يطرح بقوة في هذه الايام الباردة. ففي عهد حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة والشيخ سعد، تراجعت حصة المنطقتين في التوظيفات الرسمية والتعيينات الادارية. وفي العهدين وما بعدهما لم يستطع التيار ايصال موظف حكومي من المنطقة الى وظيفة فئة اولى، فيما قفز سليمان فرنجية بالمظلة من زغرتا الى قب الياس البقاعية (عرين المستقبل) وأوصل احد ابناء البلدة الموالين له الى منصب سفير في فنزويلا. يعطي موالون للتيار الازرق هذا المثال «الطازج» لتأكيد وجهة نظرهم حول الوعود الحريرية التي لم تتحقق مرة واحدة. ويضيفون ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي هي من اعادت زراعة الشمندر السكري الى اهالي البقاع الغربي والاوسط بعد ان «قتلها» الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالتعاون والتنسيق مع اللواء السوري الراحل غازي كنعان. ويتابع رئيس بلدية في البقاع الاوسط من الموالين للتيار الازرق ان الرئيس سعد الحريري وعده شخصيا اكثر من مرة بتشييد قصر بلدي وحفر بئر ارتوازية في بلدته، «وحتى الان لم نر القصر ولا البئر ولم نعد نرى الشيخ».

ماذا قدم تيار المستقبل الى البقاعين الغربي والاوسط؟ يعدّد احد قادة التيار في البقاع الغربي لائحة المشاريع التي نفذها رئيسه وتياره: «بئر ارتوازية في كامد اللوز، وطريق تربط قرى البقاع الغربي براشيا، وحيطان دعم لطرقات في اكثر من قرية». ويتابع معددا انجازات 7 سنوات من احتكار التيار للمنطقتين: «أضفنا طابقاً لمدرسة المرج الرسمية». هذه إنجازات مجلس بلدي صغير. وماذا بعد؟ يعتصم بالصمت ويقول: «الأيام والظروف الامنية والتطورات الجارية وحكومة السلاح (ميقاتي) اسهمت في تعثر بعض المشاريع التي وعدنا بها الاهالي».

من المشاريع التي وعد بها الشيخ سعد اهالي البقاع مستشفى وقصر بلدي في مجدل عنجر. هل تحقق الوعد؟ يجيب عضو مجلس بلدي بصراحة: «انس الامر. كنا نعرف انها وعود في الهواء». فيما يكتفى عضو بلدي في سعدنايل (او كما يلفظها مناصرو التيار: سعد… نايل) خلال سؤاله عن وعود الشيخ لبلدتهم بقصر بلدي وبئر ارتوازية وشبكة صرف صحي ومياه الشفة، بالقول: «الله يرحم الاوادم». ويضيف: «إننا ننتظر عودة الشيخ لنسأل عن هذه المشاريع». ويختم: «8 و14 آذار وجهان لعملة واحدة. ما حدا احسن من حدا».

في خطاب للشيخ سعد في البقاع الغربي وعد الاهالي بمواجهة «سارق اموال اليتامى» عبد الرحيم مراد، واقامة مشاريع انتاجية تحارب مشاريع مراد. لم يُخف خصم الحريري الاب والابن أمام زواره يوم اعلن الشيخ سعد قرار «تحطيمه» فرحته بالتحدي الجديد الذي ابلغه الشيخ لابناء المنطقة. يومذاك قال مراد لمناصريه: «كونوا مع الشيخ سعد لتنفيذ مشاريعه للمنطقة. سهّلوا ما يحتاج إليه ابن المرحوم». واضاف: «أقبل تحدي الشيخ سعد، واقسم بالله انني سأكون معه اذا استطاع بناء مؤسسات توفر 3 الاف فرصة عمل جديدة للشباب». هذا القسم الذي اطلقه مراد يومذاك، يؤكد عليه اليوم مرة جديدة. ولكن هل صدق الشيخ سعد وشيّد مؤسسات صناعية وزراعية وتربوية وصحية؟ الواقع في البقاع الغربي يتحدث اليوم. جامعة الحريري التي افتتحت قبل سنوات عدة لم يكتب لها النجاح وعدد طلابها لم يصل الى المئة نظرا لأقساطها المرتفعة مقارنة بأقساط جامعة مراد. المستشفى الموعود لم يصل بعد. الأراضي الزراعية لم تزل بورا ونسبة هجرة الشباب من 2005 وحتى 2011 ارتفعت حوالي 30 في المئة. وفي دراسة ميدانية لمؤسسة اجتماعية أظهرت أن نسبة العاطلين من العمل وصلت الى حدود 25 في المئة، فيما فرص العمل التي وفرها تيار المستقبل تعادل صفرا اذا ما احتسب منها نسبة المصروفين من مؤسسات آل الحريري خلال العامين الماضيين.

ماذا قدم التيار الازرق للبقاع الأخضر؟ اكثر من حديث نعمة جديد أصبح رقماً مالياً في البقاع. كان هؤلاء من أقوى أجنحة رستم غزالي وقبله غازي كنعان، ثم تحوّلوا الى ناطقين باسم التيار. رئيس بلدية كبرى في البقاع الغربي، ممن قهروا كل العهود من زمن سامي الخطيب والشعبة الثانية مرورا بزمن غازي كنعان ورستم غزالي وصولا الى الرئيس الراحل رفيق الحريري ونجله سعد، يجيب على السؤال بالقول: «حط عن لساني: هودي شوية كذابين. حطوا شوية زفت وسرقوا المصاري». ويتابع: «منذ العام 2005 وتيار المستقبل يضحك علينا». ويكشف ان مجموعة من المواطنين في بلدته تقدموا بشكاوى ضد مجموعة محسوبين على تيار المستقبل سرقوا اموال الزفت المخصصة للبلدة من الشيخ سعد، موضحاً ان مبلغ مئتي الف دولار رصد لتزفيت شوارع البلدة و«اكتشفنا ان قيمة الزفت الموضوعة على طرقات خاصة لم تصل الى 20 الف دولار». ويختم: «قل لي من تنتخب اقل لك لماذا وضعك هكذا».

وعود عرسال عرقوبية

لم يفِ تيار المستقبل بوعوده لأهالي عرسال بإعادة تشغيل مستوصف البلدة المقفل منذ أكثر من سنة. وعد لم يتحقق ايضا بايصال احد شباب البلدة الى المدرسة الحربية كما وعد اكثر من مرة الشيخ سعد. حرمان عرسال التاريخي والحظر المفروض عليها بمنع وصول أبنائها الى رتبة ضباط في مؤسسة امنية رسمية (حظر يعود الى سنة 1958) فشل الشيخ سعد في خرقه. فيما اكثر من 40 موظفاً في مؤسسات آل الحريري تم الاستغناء عنهم خلال السنتين الماضيتين هم الان عاطلون من العمل يتخذون من ازقة عرسال ساحات لقتل الوقت. عرسال التي يمتدح بطولاتها تيار المستقبل، لم يقدر على الوفاء بتعهده بتطوير مدرستها الرسمية رغم ان وزارة التربية كانت معقلا حصينا للتيار. اما المنح الجامعية المتوقفة، فنصيب عرسال منها يعادل صفرا، فيما تنعم شحيم وصيدا وطرابلس بعدد من المنح الجامعية في الخارج.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.