حادثة عرسال: خطّة لتحويل الحدود إلى قواعد لـ الجيش الحّر

صحيفة البناء اللينانية ـ
محمد ابراهيم:   

شهد الأسبوع المنصرم حادثاً خطيراً تمثل باجتياز مجموعات مسلحة تابعة لما يسمى «الجيش الحر» الحدود اللبنانية السورية في منطقة عرسال ومحاولتها الانتشار والتمركز في هذه البقعة لتكون قاعدة انطلاق لها من أجل تنفيذ اعتداءاتها على الجيش والمواطنين السوريين داخل الحدود السورية.
ووفق المعلومات المتوافرة، فإن هذه المجموعات المسلحة تسليحاً جيداً حاولت التقدم باتجاه أحد مراكز الجيش اللبناني الذي تحرك على الفور واستطاع ردها، ثم ما لبثت أن فرت داخل الحدود السورية بعد وصول تعزيزات من الجيش إلى المنطقة.
وتكمن خطورة هذا الحادث بأنه الأول من نوعه من حيث عدد المسلحين وكيفية عبورهم للحدود، إذ إنه سبق وسجلت حوادث عديدة على الحدود الشمالية وفي البقاع على طريق تسلل مسلحين من وإلى لبنان، لكن الأسلوب الذي اعتمد في عرسال أخيراً يشكل تحولاً نوعياً في الاعتداء من قبل هذه المجموعات المسلحة على لبنان والجيش.
ويقول مصدر سياسي في 8 آذار إن ما جرى ليس مجرد حادث عابر بل يندرج في سياق خطة متدرجة ومتنامية لاستباحة الحدود اللبنانية من قبل هذه المجموعات المسلحة، ولفتح الباب على مصراعيه ليس لتهريب السلاح والمسلحين إلى سورية فقط، بل أيضاً لتحويل مناطق لبنانية عديدة متاخمة للحدود في الشمال والبقاع قواعد انطلاق لهذه المجموعات لتنفيذ اعتداءاتها على سورية.
ويضيف المصدر إن ما جرى في عرسال يعتبر بالون اختبار للجيش اللبناني وللسلطات اللبنانية، وإن المؤسسة العسكرية برهنت عن حس رفيع بالمسؤولية أولاً، وعن عزمها وقدرتها على الدفاع عن السيادة اللبنانية على الأرض وعن سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة.
ويلاحظ بأن رد فعل الجيش كان على قدر المستوى المطلوب، لكن رد فعل الحكومة لم يكن كافياً، إذ لا يجوز الاكتفاء بالتأكيد على دعم الجيش ودوره في حفظ الحدود، لا بل من الواجب أن يرتفع الصوت اللبناني الرسمي المسؤول ضد هذه الاعتداءات السافرة والجهات التي تقف وراءها.
وإلى جانب ذلك، يسأل المصدر: أين غيرة بعض الأطراف اللبنانيين على الحدود والسيادة؟ ولماذا لم نسمع منهم صوتاً واحداً يستنكر ويدين هذا الاعتداء من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة على الجيش وعلى الأرض اللبنانية؟ أين ذهبت كل الأصوات التي ارتفعت وترتفع كلما سقطت قذيفة طائشة في المنطقة الحدودية نتيجة الاشتباك بين الجيش السوري ومجموعات مسلحة تتسلل بشكل شبه يومي عبر الحدود اللبنانية ـ السورية، أو تتمركز في بعض المناطق داخل الأراضي السورية وعلى مقربة من الحدود اللبنانية؟
ويشير المصدر أيضاً إلى أن هذا الاعتداء السافر والخطير ترافق مع ضبط الجيش اللبناني كميات كبيرة من الأسلحة في «فانات» وشاحنات وفي أماكن تخزين في العديد من المناطق، وهذه الأسلحة كانت تعدّ لمصلحة «الجيش الحر» أو في طريقها إليه.
ويقول: إن هذا الأمر يدل على تزايد نشاط تهريب السلاح والمسلحين عبر الحدود اللبنانية ـ السورية، ووجود مجموعات لبنانية توفر كل الدعم اللازم لهذه العمليات، مع العلم أن بعضهم يجاهر علناً في مساعدة هذه المجموعات المسلحة من دون أن يواجه بأي ردع أو عقوبة كما ينص الدستور والقوانين المرعية.
وبرأي المصدر انه لا يجوز التغاضي أو التساهل مع ما يجري، وأن الحكومة معنية في التشدد مع مثل هذه الحالات التي لا تشكل فقط اعتداء على السيادة والأمن اللبنانيين، بل تمسّ سياسة النأي بالنفس بالجوهر، وتضع الجميع في الحكم أمام مسؤولياتهم. كما أن على الجهات القضائية المختصة التشدد في التعامل مع هذه الحالات وعدم التساهل في الحكم عليها، لأن ذلك سيشجع هؤلاء الأفراد والمجموعات على التمادي في أعمالهم الإجرامية وفي عمليات تهريب السلاح والمسلحين عبر الحدود، وبالتالي تعريض لبنان واللبنانيين لمزيد من الأخطار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.