عالم لا يفهم إلّا بالقوّة

موقع العهد الإخباري-

محمود ريا:

شهد الأسبوع الحالي حدثين مهمّين، لم يلتفت لهما الإعلام العربي، ولم يمر ذكرهما في المواقع الالكترونيّة ووسائل التواصل.

سبب التجاهل معروف وواضح: الحدثان يكشفان حقيقة الغرب ويعرّبان ادّعاءات الحضارة وزعم حماية حقوق الإنسان من قبل أكثر دولتين تتشدقان بالحديث عن هذا الموضوع: الولايات المتّحدة وكندا.

الحدث الأوّل هو زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى مدينة تولسا في ولاية اوكلاهوما لإحياء ذكرى المجزرة الّتي ارتكبها المستوطنون البيض بحق آلاف السود، ما أدّى إلى مقتل ما بين مئة وخمسين ومئتي شخص، وجرح المئات وسجن حوالي ستة آلاف من الكبار والصّغار، الرجال والنساء، وحرق ممتلكاتهم.

واليوم، بعد مئة عام على مجزرة تولسا، يقوم الرئيس الأميركي بخطوة رمزيّة للاعتراف بها، وللاعتراف أيضاً بتواطؤ الشرطة والسلطات في المقاطعة والولاية على هذه الجريمة الفظيعة.

الحدث الثاني، هو اكتشاف جثث أكثر من مئتين وخمسين طفلاً من السكّان الأصليين تحت أنقاض مدرسة داخليّة في ولاية كولومبيا البريطانيّة غرب كندا، وهو ما أعاد فتح ملف هذه المدارس الّتي أسّستها الحكومة الكنديّة منذ القرن التاسع عشر لاستعباد أطفال السكّان الأصليّين وتغيير دينهم ولغتهم بحجّة تحضيرهم وتحويلهم إلى بشر، بعدما كانوا في نظر الكنديّين البيض، سواء كانوا من المستوطنين أو السلطات، أدنى من مرتبة البشر. وقد استمرّ العمل بهذه المدارس حتّى سبعينيات القرن العشرين، وكانت نتيجتها مقتل الآلاف من الأطفال وتغيير هويّة مئات الآلاف الآخرين، ممّن نجوا من عمليّات الإبادة الجماعيّة الّتي ارتكبها المستعمرون الأوروبيّون بحق سكّان الأرض وأصحابها الحقيقيّين.

حادثا هذا الأسبوع هما عيّنة بسيطة من مسلسل الجرائم الّتي ارتكبها المتوحّش الأبيض في أميركا بقسميها الشمالي والجنوبي وفي أنحاء العالم قاطبة، دون أي حسيب أو رقيب، ودون أن يتعرّض المجرمون لأي عقاب.

ثمّ يأتي هذا الغرب المتوحّش ليتحدّث عن حقوق الإنسان في دول العالم، وليعطي دروساً في الحريّة والديمقراطيّة واحترام الحقوق، وينتقد المسؤولون الغربيّون حقوق الإنسان في هذه الدولة أو تلك بكل وقاحة.

إنّه النفاق الأميركي الغربي بأجلى صوره، إنّه التغطّي بالشعارات لإخفاء الجرائم والارتكابات، إنّها ازدواجيّة المعايير الّتي تفرضها القوّة الغاشمة على الشعوب المستضعفة، إنّه العالم الّذي لا يفهم إلّا بالقوّة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.