عقلية الحرب الباردة تعطل السلام

صحيفة البعث السورية-

عائدة أسعد:

أعلنت اتفاقية “أوكوس” الأمنية القائمة على مشروع التعاون في بناء غواصات نووية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ضد الصين الأسبوع الماضي عن شراء ثلاث غواصات نووية إلى أستراليا، وبحلول أوائل الثلاثينيات من القرن الحالي ستشتري أستراليا ثلاث غواصات أمريكية الصنع من طراز “فرجينيا”، ما يجعلها الدولة الثانية، بعد المملكة المتحدة، التي تتلقى تكنولوجيا الغواصات النووية الأمريكية.

 

إن إدارة بايدن تواصل توسيع نظام التحالف بقوة لاحتواء الصين، وهي إلى جانب اتفاقية “أوكوس” تدفع أيضاً من أجل تعاون ثلاثي مع كوريا الجنوبية واليابان التي زادت في العام الحالي ميزانيتها الدفاعية بنسبة 20٪ مقارنة بالعام السابق، وأعلنت مؤخراً عن خطتها لشراء صواريخ “توماهوك كروز” أمريكية الصنع، بالإضافة إلى موافقة الفلبين في شباط الماضي على السماح للقوات الأمريكية بدخول أربع مناطق عسكرية أخرى في البلاد من أجل توسيع وجودها العسكري، مما أدى إلى زيادة التوتر في المنطقة.

 

تغطي الصفقة أيضاً الوجود المتناوب للغواصات النووية البريطانية والأمريكية بالقرب من بيرث، أستراليا في عام 2027 والغرض من هذه الصفقة هو دمج الأسطول النووي الفرعي للولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بينما تبني أستراليا قدراتها التشغيلية الخاصة. من الواضح أن الصفقة لا تتعلق بقدرة الغواصات الأسترالية، وإنما تحاول الولايات المتحدة جعل أستراليا جزءاً من استراتيجيتها لاحتواء الصين في حرب محتملة ضد الصين.

 

وبينما تسرّع الولايات المتحدة احتواء الصين بالتحالفات العسكرية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فإنها ترسل أيضاً رسالة إلى الصين من خلال التدريبات العسكرية، ففي الأسبوع الماضي، أجرى 3000 جندي من الفلبين والولايات المتحدة تدريبات عسكرية مشتركة على الدفاع الساحلي والجوي، وفي نهاية شباط الماضي تمّ إجراء تمرين “كوبرا الذهبي” في تايلاند بمشاركة 6000 جندي أمريكي، و3000 جندي تايلاندي، كما صرح الأدميرال جون أكويلينو قائد القوات الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، أنه يرى الصين على أنها تهديد للنظام الدولي، وأن التدريبات تهدف إلى تسريع المناورات الأمريكية، ومعارضة الصين في المنطقة تحت قناع الحفاظ على السلام في بحر الصين الجنوبي.

 

إن عقلية الحرب الباردة الأمريكية تعمل على تعطيل السلام الإقليمي، والإضرار بالتجارة العالمية، فقد بلغ حجم التجارة بين الصين وأستراليا 202 مليار دولار العام الماضي. ووفقاً لبيانات عام 2022، تستورد الصين المنتجات المعدنية والزراعية مثل الفحم والحديد من أستراليا، وعلى الرغم من أن أستراليا لديها ما يزيد عن 60 مليار دولار من الصادرات إلى الصين، فإن هذا يعرّض تجارتها للخطر. وقد حذّر رئيس الوزراء الأسترالي السابق بول كيتنغ: “إنهم على بعد 12 ساعة عنا، لدينا قارة خاصة بنا، وليس لدينا حدود، وليس لدينا نزاعات حدودية وقد كان كل شيء مثالياً، لكننا خلقنا مشكلات، لا يمكن تحقيق السلام والتنمية العالمية والنمو بعقلية الحرب الباردة. تحتاج البلدان إلى التركيز على التنمية الاقتصادية والتعاون المربح للجانبين بدلاً من العدوان”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.