فرنسا والسعوديّة والأميركيّون في صراع حادّ على لبنان.. لماذا؟

جريدة البناء اللبنانية-
د. وفيق إبراهيم:

هذا الجانب من الصراع غير كافٍ وتنضم اليه سورية وايران بدعم روسي بما يؤدي الى جعل الشرق الاوسط منطقة قتال أساسية غير معروفة النتائج. فاستقرار العالم على جائحة كورونا وتراجع الصراع الاميركي – الروسي، لهما من الأمور التي ادت الى هدوء ملحوظ في معظم جبهات القتال نسبياً، لكن الصراع بين الدول الطامحة الى الإمساك بالشرق الاوسط يتصاعد بشكل رهيب سامحاً بانفجار الاوضاع في لبنان على نحو غير مسبوق وفي فلسطين حيث حاولت “اسرائيل” إنهاء حماس والشيخ جراح مع حلفائها الأتراك على تثبيت سيطرتهم على تلك المنطقة، اما في الاردن فابتدأت المحاكمات في محاولة لتحميل المنتفضين على الملك وزر محاولة الانقلاب التي يعتقد البعض أنها إسرائيلية – سعودية وأميركية بمعنى ان السعودية سعت الى دمج الأردن بفلسطين المحتلة، لإيجاد حل نهائي لدولة فلسطين الى جانب دولة “اسرائيل”. كذلك فإن رأس هذه المجموعة العربية لن تكون إلا مصر عبر جامعة الدول العربية، اما الأهداف فواضحة وهي إبعاد سورية وإيران وحصارهما بشكل تنتهي فيه محاولاتهما لعرقلة الشرق الأوسط او نصبه ضمن محاور معادية للأميركيين. في العودة الى لبنان يتبين أن هناك فريقاً داخلياً قوياً مؤيداً من السوريين والإيرانيين مقابل فريق تؤيده السعودية والأميركيين الى جانب افرقاء آخرين مدعومين من الفرنسيين بقوة.

فهل تنجح هذه القوى بدعم مؤيديها وهل ينجح الأميركيون في دفع فريقهم اللبناني – الإقليمي الى الإمساك بالصيغة اللبنانية؟

لا شك في أن الأميركيين يحتاجون الى تأييد لبنان لهم ينعكس على الإمارات والسعودية ويقف حائلاً دون تموضع ايراني – سعودي، لكن الموضوع الاكثر اهمية هو ان لبنان مليء بالغاز على شطره الجنوبي المحاذي لفلسطين المحتلة وقبالة قبرص في البحر المتوسط وعلى تماس مع الحدود البحرية السورية في الشمال.

ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني بوضوح ان امكانيات لبنان ضخمة من الغاز اللبناني بالإمكان ضخها عبر اليونان وقبرص لتسند إمكانات الغاز الذاهبة الى اوروبا والمنافسة للغاز الروسي، وبذلك لا يعود لبنان بحاجة الى موارد ولا صندوق النقد الدولي او البنك الدولي بما يؤكد قدرته على اللعب في مياه المتوسط منفرداً. فما يريده الاميركيون هو لبنان مستقل عن سورية يلبي للأميركيين حاجاتهم مع “اسرائيل” وبوسعه تأمين الكفاية في معظم حاجاته من تلك الكميات من الغاز. وهناك خبراء يعتقدون ان لبنان يمتلك غازاً في بعض أنحاء البقاع ما يجعله منتجاً عريقاً في هذه المادة التي أصبحت تعتبر بديلاً عن النفط الى جانب قطر.

هل ينجح الأميركيون في ضم لبنان الى نفوذهم السياسي؟ هناك منافسات فرنسيّة باعتبار ان الارتباط اللبناني – الفرنسي تاريخي وقديم ومن الصعب نزعه عن بعضه بعضاً، خصوصاً أن الفرنسية هي الثقافة الاساسية المنتشرة في لبنان هذا الى جانب ان الفرنسيين يحتاجون الى الدور الأميركي في لبنان لمجابهة الدور الاسرائيلي والدورين السوري والايراني، ما يجعل الخبراء يعتقدون ان الصراع لن يكون فرنسياً – أميركياً فقط بل قد يتمحور حول صراعات حادة بين سورية وإيران وحزب الله من جهة وفرنسا والأميركيين من جهة ثانية.

ونتائج مثل هذه الصراعات ليست واضحة لان التحالف السوري الإيراني مع حزب الله قوي الى درجة انه اصاب الدور العسكري الاسرائيلي باهتزاز كما وضع الأميركيين من بناء محاولات لصناعة ادوار شديدة التأمرك للبنان. هل ينتصر الأميركيون؟ يقول الخبراء إن حزب الله هو أقوى فريق غير دولتي بوسعه مجابهة الاسرائيليين والفرنسيين وأية قوة اخرى اعتماداً على شعبية واسعة تنتشر في الشرق الأوسط حيث يعتقد الناس هنا ان تحرير المنطقة يحتاج إلى حزب الله المدعوم من كميات كبيرة من السكان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.