في الانطلاقة الروسية المتوسطية

russian-navy1

صحيفة الديار الأردنية ـ
مروان سوداح:
إنطلقت أمس أكبر مناورات للأسطول الحربي البحري الروسي في البحرين الأسود والأبيض المتوسط، وهي تجري تحت إشراف هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، وتُعدُ هذه المناورات الأكبر على الإطلاق والأوسع والأشمل والأكثر دقة وهدفاً للأسطول البحري الحربي الروسي خلال العقود الأخيرة، ولا يسعنا سوى أن نؤدي التحية لها وأن نعرب عن امتناننا للقيادة الروسية لإجرائها.
وبحسب الاخبار الراشحة من موسكو الأبية ومن وزارة الدفاع الروسية، فإن القوات المشاركة في هذه الحِراكات الحربية الواسعة هي مجموعة من السفن القتالية التابعة لأساطيل البِحار الأسود والبلطيق والشمال الروسية، ومنها طراد “موسكفا” الصاروخي الخطير، والسفينة الضخمة والضاربة المضادة للغواصات “سيفيرومورسك”، وسفينتا الحراسة “سميتليفي” و”ياروسلاف مودري”، وسفن الإنزال الجبارة “ساراتوف” و”آزوف” و”كالينينغراد” و”الكسندر شابالين”، بالإضافة الى عدد من السفن الخاصة واللوجستية وسفن التموين، وكذلك الطيران الحربي البعيد المدى الضامن لأمن المناورات وطرق حمايتها، والقيادة الرابعة للقوات الجوية وقوات الدفاع الجوي، وتستمر هذه المناورات والتدريبات والتمارين الحربية الحالية حتى التاسع والعشرين من الشهر الجاري. ومن الملاحظ للمتابع، بأن المناورات القتالية الروسية، التي توصف بالبوتينية، بسبب دقة هدفها وروحها القتالية العالية ورسالتها الحربية واسياسية الواضحة لامريكا وعملائها من حكومات الدول المختلفة والشخصيات المتنفذة، قد بدأت بعد انتهاء مناورات حربية موازية في عدة مناطق من المحيط العالمي. وهكذا، فقد شاركت مجموعة من السفن الحربية الروسية في المناورات والتدريبات المشتركة مع الأسطول الهندي في حوض بحر العرب في المحيط الهندي، ومن المفيد ان نذكر هنا للقارئ رغبة بتوفير معلومات له للمقارنة، بأن القوات المشاركة عن الجانب الروسي في هذه المناورات اشتملت على سفينة الـ”مارشال شابوشنيكوف” الحربية الكبرى وناقلة “إيركوت” وقاطرة النجدة “ألاتاو” ووحدات من الطيران البحري حيث انطلقت مروحية “كا-27” الضخمة من على متن السفينة “مارشال شابوشنيكوف” وهبطت على متن “مايسور” الهندية.
فيما شاركت مدمرتا “تابار” و”مايسور” المتخصصتان بإطلاق الصواريخ عن الجانب الهندي.
وتضمنت المناورات تدريبات لأفراد البحريتين الروسية والهندية على الاتصال والمناورة وإطلاق النار على أهداف بحرية.
وفي مناورات حربية أخرى، في القطب الشمالي للكرة الأرضية، اختتمت آواخر العام المنصرم مناورات روسية شارك فيها أكثر من عشرين قطعة بحرية على رأسها الطراد الصاروخي “بطرس الأكبر”، وتضمنت فعاليات التدريبات والتمارين قيام وحدات من القوات البرية والبحرية والجوية “بتأمين مصالح روسيا” في منطقة القطب الشمالي الذي يشهد مواجهة روسية مع بعض الأطراف الغربية، ومن أهداف المناورات استعراض القوة الصاروخية إذ باشرت القطع البحرية الروسية بما فيها الغواصات بإجراء ستة تمارين إطلاق صواريخ. كما كانت تدريبات روسية أخرى قد جرت في المناطق الغربية لروسيا. وبلغ إجمالي القوات المشاركة في المناورات القطبية بأكثر من سبعة آلاف عسكري من مختلف الرتب. الى ذلك، وتنفيذاً لمرسوم الرئيس فلاديمير بوتين، تواصل القوات الروسية حقوقها في تأمين وحماية الصادرات العسكرية الروسية في أراضي روسيا وأصدقائها وجيران روسيا من الأعضاء في رابطة الدول المستقلة، ويُخوّل المرسوم العسكريين حماية وخفر الصادرات العسكرية بطلب هيئة التعاون العسكري التقني ومصنعي السلع العسكرية، وهو تأكيد على ان روسيا تحولت الى توظيف قواتها العسكرية في مختلف قارات العالم، وفي منطقة خليج عدن والمياه الصومالية والشرق إفريقية، لحمايتها صادراتها بالقوة وهو حق مشروع لها ورسالة الى واشنطن وتابعيها بأنه يصعب اللعب مع روسيا، فروسيا بوتين ليست روسيا السِكِّير باروخ التسين ولا بائع البيتزا غوبي سيّء الصيت.
لكن ما علاقة هذه المناورات بالصين الشعبية الحليف الآخر لروسيا وسورية والعرب العرب أجمعين؟. في الحقيقة تواجه الصين ضغطاً سياسياً وعسكرياً متصلاً من جانب الولايات المتحدة حول حدودها البحرية، وتهديداً مباشراً من قطع الاسطول الامريكي الذي يدفع باليايان الى توتير متواصل للعلاقات اليابانية الصينية، والعمل على استفزاز بكين بهدف تحجيم اندفاعتها الاقتصادية والتجارية، وعرقلة نموها العسكري، وما العمليات العسكرية الجارية في الشرق الاوسط لتدمير سورية سوى رغبة بفصل الصين عن مصادر الطاقة والأسواق التقليدية. وهنا ترتدي المناورات العسكرية الروسية والتواجد العسكري الروسي في سورية والمنطقة العربية ومياهها أهمية كبرى للصين، إذ أنها تخفف الضغط عن الصين وتؤمن جزء من طرق المواصلات النفطية للصين، وبالتالي السلامة لإقتصادها ونموها اللاحق وعلاقاتها العربية. فالصين مهتمة بتسوية الأوضاع في “المتوسط” وإحلال السلام فيه وتسييد منطق الحوار السلمي الذي ترفضه الإدارة الأمريكية ومعها الإدارات الغربية الداعمة لقُطّاع الطرق واللصوص الدوليين المدعومين من الغرب السياسي. فقد كرّر المتحدث بإسم وزارة الخارجية الصينية “هونغ لي” بأن موقف الصين يتلخص بحماية وصيانة سيادتها على آراضيها، وهو مبدأ ثابت لم يتغيّر، كما وتدعو بكين الى حوارات وتشاور لتسوية النزاعات، وهو منطق يصب بالطبع في صالح الشعوب، لكنه لا يدخل ضمن مصالح المجمعات الصناعية العسكرية الأمريكية والإسرائيلية والغربية الطامحة الى تصدير المزيد مِن سلع الموت والدمار التي صناعتها وانتاجها وتصديرها هو الأسهل والأكثر رِبحاً مِن أية صناعات سلمية ومدنية.
*رئيس الإتحاد الدولي للصُحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.