’قديس’ المقاومة

haj imad mou8niye - huzbullah

ولدته امه مختلفاً. اكثر ثورة ربما. اكثر ذكاء. اكثر عفوية. اكثر جوعاً للصدق.

دخل المقاومة من باب الحياة. ولد على خط التماس في بيت اخذه الاحتلال منه… نما على سيرة اهل البيت حيث ينمو عشاق الشهادة ابناء مدرسة الإمام الحسين.

كبرته امّه كزرعها، من بين صدر التراب صعودا الى الشمس.

دخل المقاومة باسم فلسطين شاباً وفي العشرين من عمره وقبل، كان يرد مع رفاقه الجنود الاسرائيليين بالنار والبنادق مانعاً اجتياحهم عند الغبيري.

اليوم عند تقاطع الغبيري والساعة، لا زال عماد يبتسم.

مروا والقوا على روحه السلام فلولا روحه لذبحت الفتنة اهل الضاحية..

لم يمكث طويلا في النضال بين الفلسطينيين، سرعان ما لفظه اطار احزاب التجارة…

ولكن قبل ان يصبح عماد من شباب الامام الخميني، مر بمعبر الخير في الضاحية. وقف عند تقاطع الشياح وعين الرمانة. وداس قناص الفتنة.

ذهب الى الخير لا القتل.

اوقف قنصاً كان يحدث من جبهة الى جبهة.

تقول والدته: ذهبت خلفه لأرده عن القتال حين عرفت انه عند الجبهة. فأولادي ليسوا للحرب الأهلية، اطباء عماد طفلاً كانوا من عين الرمانة. لم اكن لأسمح بمحاربتهم.

لكن الحاجة ام عماد وجدته طائراً باسم الحق يغرد على خط التماس.

تتابع :

قابلني في بيت كان مركزاً لفتح، قال لي أنه في القيادة هناك ليحاول تنظيف السلوك ويمنع القنص على الأبرياء ويلحم الصدع.

ومرّت الفتنة. والتحق عماد بخلايا الامام الخميني الشبابية. وحين استهدف بئر عبد بتفجير وحين حصلت محاولة اغتيال العلامة المرجع الراحل محمد حسين فضل الله.

كان عماد قد اصبح ملاك الضاحية. فكك شيفرات الأمن وكشف الخلية ولقّن القتلة درساً بحجم قدسية دم الأبرياء.

يقول شباب السيد فضل الله ان عماد لم يكن قائد حرس وحماية،كان حياةً ونشاطاً اوسع من اطار. يعلق اليافطات وينظم كل شيء ويدور في كل ركن ويعرف كل شيء.

حين تحررت اراضي جنوب لبنان عام الفين، تقول ابنته فاطمة في كتيّب الحاج عماد السنوي ان والدها كان ممسكاً بالشريط الحدودي.

من قاد شباب المقاومة وعمل على الروحية القتالية، كان يوم التحرير فتى الجنوب ملاكاً ينزع عن أرضه طوق العدو ويصنع مجداً بحجم لبنان وشموخ أرز جباله.

من جبل عامل حررنا عماد.

ولم يشبع.

جوع النصر أراد تحرير الأسرى. فكانت عملية الوعد الصادق..

ونزل مجددا فتى الجنوب حاملاً “نقيفة” الشجر الجنوبي وتراب الحق، يأسر جنود العدو.

وبغفلة حرب تموزية، صنع عماد للشرق كله تاريخاً جديداً يشهد فيه العرب على حريق دبابات الاسرائيلي.للمرة الأولى ولى زمن الهزائم. لنا معتمد وظهر يحمينا ويذود عن وطننا.

عشنا لنرى وبفضل عماد، كيف يكون الانتصار ولو لمرة…

ثم خطفوه. معرفة منهم بأن الشام ستحتاجه لتصمد.. قنصوه في مأمنه.

وكان يعرف… تقول فاطمة بنت عماد مغنية وسعدة بدر الدين.. تقول فاطمة في كتيبها “بعض السر” أن عماد عرف انه يمشي نحو الشهادة..

وكيف لا يعرف؟

وهل مقبول لمن مثله ان يموت الا موت الأبطال قتلاً لأجل القضية؟

وحين قتلوه: كان موته انذارا امنيا بحجم شرق اوسط يهب. قتله عدوه في الشام. شام الممانعة تحمي طيور المقاومة. اما شام الاختراق والشقاق، فتغتال طير شباط…الى شهادته الأزلية.

وحين استشهد عماد بدأت اسرار المجهول تنتشر. صورته التي لم يعرفها احد من قبل باتت يافطات. بكاه ونعاه صديق عمره الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله فعرفنا من حجم الحزن والفاجعة، حجم الألم والخسارة..

وبدأت رحلة التعرف الى الحاج رضوان.

تعرفنا اليه من عدوه الذي لا يزال يخاف من اسمه

وتعرفنا اليه من حزبه الذي لا زال يجيّش الجهاد العمادي وينتصر به

وتعرفنا اليه في جمهورية ايران الاسلامية التي ترفع اسمه عاليا على اعرق الشوارع

تعرفنا اليه من برتقال قريته الحزينة

من حفيده عماد الصغير الذي حمل مسدسه واعداً: سأكون في المقاومة حين اكبر

تعرفنا اليه من والدته التي تمنت ان يكون لديها مزيد من الابناء لتقدمهم شهداء

تعرفنا اليه من خلال اخبار العائلة والمحبين منها مثلاً أن الحاج رضوان الدي قاد اوامر الحرب والنصر، أشرف على تفاصيل كليب اغنية “نصرك هز الدني” التى انتشرت. وأصر على اعادة تصوير لقطة وجدها ضرورية.

واستبدل العلم في مشهد النصر، واضعاً علم لبنان مكان علم حزب الله. لا تخفيفا من فضل حزب الله النصر، بل توسيعاً لعباءة المقاومة والقضية.

عماد مغنية، الذي أسس ثورة الجنوب التحريرية

وأشرف على صناعة أبطال يحمون عيون اطفالنا كل يوم من بيروت الى الشام

عماد مغنية الذي رفع اسم لبنان وكل لبناني في إيران وتفوق على الفرس في خدمة المحور المدافع عن مظلومية الشرق

عماد مغنية الذي هزم عدونا

له رفات قديس وسيرة عيسوية النضال متمردة كالمسيح والحسين معاً

عرف ان يحبنا في حياته لنحبه في موته، ويعيده الله بنا حياً يرزق بالفكر والنهج والقضية…

في عيد كنت انت صانعه،

يحلو لي ان اتوجك شهيداً مارونيا كما كنت شيعياً

وفي المارونية أتوجك باسم الله قديساً شفيعاً لنصر المقاومة

وأجعل من ضريحك مزاراً

يا من جعلت سمانا لوحة نرسم وجهك عليها فوق الشمس

ننير لك الشموع كلما آلمتنا الأرض، ونصلي بشفاعتك في المعارك.

يا عين الله على حزب الله…

انت رجل واحد يختصر كل رجال الله

غدي فرنسيس – موقع التيار الوطني الحر

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.