لماذا تأخرت العملية العسكرية التركية شمالي سوريا ؟

وكالة انباء آسيا-

سامر الخطيب:

تستمر التهديدات التركية بشن عملية عسكرية واسعة في الشمال السوري منذ 23 ايار 2022 وسط دخول تعزيزات بين الحين والاخر منذ ذلك الوقت، لكن لماذا تأخرت هذه العملية واختلفت عن سابقاتها من العمليات العسكرية التركية في سورية ، هل باتت في طي النسيان؟
مع مرور الوقت تراكمت التهديدات التركية دون وجود قدرة حقيقية على التحرك العسكري بمقابل رفض حاسم من قبل الدول الفاعلة في الملف السوري، يقابله أيضا ردود فعل سياسية ومناورات عسكرية على الأرض مناوئة للنوايا التركية، ما يشير الى أن العملية العسكرية المزعومة باتت في طي النسيان، حسبما نقلت وسائل إعلام معارضة.

ورأت تقارير صحفية محسوبة على المعارضة السورية ان آخر المواعيد التي حددتها أنقرة لعمليتها العسكرية كان مع مطلع أيام عيد الأضحى، ولكن وبعد مرور شهر على انقضاء آخر المواعيد التركية للعملية العسكرية، بات يجدر التساؤل حول الخيارات التي تبقت أمام أنقرة لتحفظ ماء وجهها بعد تهديدات لا جدوى منها، فهل تندفع لتوجيه أوامر بتحريك عمل عسكري في إدلب، أم أنها ستلجأ للخيار الثاني والذي فاجئ العديد من المراقبين حينما أعلن مؤخرا، وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، دعم أنقرة لدمشق بمواجهة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في مناطق شمال شرق سوريا، فهل تعلن الحكومة التركية قريبا عن رغبتها المباشرة للتقارب مع دمشق، رغم أن الأخيرة وجهت لها صفعة غير متوقعة ومن خلال دعم روسي، حينما أجرت القوات الحكومية السورية مناورات مشتركة مع “قسد”، وفق ما نقلته وكالة “روسفيسنا” الروسية، وباتت العملية العسكرية التركية صعبة التنفيذ.

اذ انه للمرة الأولى منذ نشأتها عام 2015، أجرت قوات “قسد” مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الحكومية السورية في منطقة منبج بريف حلب (شمالي سوريا) وهي إحدى أبرز المناطق التي كانت ستستهدفها العملية التركية، تحت إشراف ضباط في القوات الروسية.

وشملت المناورات التي تمت مؤخرا، تدريبات عسكرية برمائية أجرت خلالها القوات الحكومية تمرينا واسع النطاق على عبور الدبابات مياه النهر للوصول إلى الضفة المقابلة، ورافقها طيران مروحي روسي وقصف مدفعي تابع لـ”قسد”. كما تضمنت المناورات استهداف منظومة الدفاع الجوي الروسية “بانتسير” طائرة عسكرية مسيرة حلّقت في سماء المنطقة الخاصة بالتدريب.

ونشرت وكالة “روسفيسنا” الروسية تسجيلا مصورا للمناورات، وذكرت أنها تأتي في إطار ما أسمته “العدوان التركي على شمال سوريا”، داعية تركيا إلى الأخذ بعين الاعتبار أن “سوريا سترد عليها بقسوة في حال بدء العملية العسكرية”، حسب ادعائها.

في الأثناء وبعد الإعلان عن تلك المناورات، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن هدف بلاده من العمليات العسكرية خارج حدود تركيا، هو مكافحة التنظيمات الإرهابية فقط، وأن أنقرة لا تطمع في أراضي دول الجوار، وفق وصفه.

وأضاف بأن “الأتراك والأكراد والعرب والسنة والعلويون إخوة، تركيا لا تستهدف أيا من هذه الشرائح، أنقرة تسعى فقط للقضاء على التنظيمات الإرهابية، وعلى الجميع أن يدرك ذلك”، بحسب تعبيره.

يرى أحد المراقبين للواقع الميداني في شمال شرقي سوريا أن المناورات تتعدى كونها رسالة تحذير لأنقرة بهدف ثنيها عن إطلاق عملية عسكرية بشكل مفاجئ في شمال سوريا، بل إنه تغيّر في التكتيك الروسي واستقطاب للقوات الكردية بهدف التقارب مع الحكومة السورية بعد سلسلة لقاءات كانت طي الكتمان طيلة الفترة السابقة، حتى انطلقت المناورات في أواخر يوليو (تموز) الماضي.

من جهته، صرح الناشط السياسي والحقوقي، رضوان العلي أن “الرعاية الروسية التي تهدف إلى استقطاب الكرد، هي مصلحة يشترك فيها الجميع، لكن ثمة خلط للأوراق في هذه البقعة من الأرض السورية، علاوةً على تعقيد المشهدَين السياسي والميداني”. وأضاف “يوجد خمسة جيوش أجنبية تقاتل في سوريا وفصائل وميليشيات وتسميات لمجموعات طائفية وسياسية وغيرها، عدا عن داعش الذي يعاود النهوض، وأتصور أن التحالف المرحلي بين دمشق وقسد لن يفلح وإن حدث للمرة الأولى بينهما فهو بمساعٍ روسية لكسب الأكراد، لكن مصير هذا التحالف الانهيار مع أول احتكاك”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.