ماذا بعد الإستقالة؟

جريدة البناء اللبنانية-

عمر عبد القادر غندور:

ماذا بعد إستقالة الوزير جورج قرداحي؟ وماذا بعد زيارة الرئيس الفرنسي للسعودية؟

هل تتراجع المملكة عن «تأديب» لبنان؟ وهل جرى تحضير طبخة الاستقالة بين باريس وبيروت؟

وهل لدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد في وقت قريب علاقة بهذه الاستقالة؟

وفي أسوأ الحالات هل تعقد جلسات وزارية مصغرة لها طابع سياسي لمعالجة الهموم الحياتية التي ما تركت باباً إلا وطرقته؟

وإذا لم يحصل أيّ شيء من هذا، كيف السبيل الى تحضير الخطوات الواجبة للاستحقاقات الدستورية؟

رئيس الحكومة الذي كان على موعد مع استقالة الوزير جورج قرداحي قال بعد ان تسلمها من صاحبها «كانت ضرورية بعد الأزمة التي نشأت مع السعودية وعدد من الدول الخليجية، ومن شأنها ان تفتح باباً لمعالجة إشكالية العلاقة مع الأشقاء العرب بعد تراكمات وتباينات حصلت في السنوات الماضية.»

وثمة من يقول انّ استقالة قرداحي قد تربك المملكة، ويبقى هذا القول غير مستند الى واقع، لأنّ المملكة ترى في موقفها المعادي للبنان يندرج مع جملة إجراءات تريدها في سياق سعيها لتأكيد دورها في الاقليم، بانتظار ما تسفر عنه المفاوضات النووية في فيينا، وما يمكن ان تسفر عنه اجتماعاتها الملتبسة مع إيران!

ولعلّ الكلام الذي أطلقه وزير الخارجية السعودية في وقت سابق ومفاده: «ليس هناك جدوى من التعامل مع لبنان بوجود حزب الله»؟

ومن تتبّع الموقف السعودي لا تبدو الأمور على أحسن حال في ضوء مواقف معينة وصفت استقالة قرداحي التي يبني عليها لبنان الآمال، بأنها غير مهمة وتفصيل صغير من خارطة يجب ان يُعلن عنها لبنان!

وعن النتائج المرتقبة لزيارة الرئيس الفرنسي الى الرياض التي سبقتها استقالة قرداحي والتي تمّت بالتشاور مع الرئيس ميقاتي، لم تأتِ من فراغ لأنّ الفرنسيين يرون انه ليس هناك جدوى من ترك لبنان لحزب الله (حسب قولهم) وعلى الخليج ان يساعد لبنان لتجاوز أزمته، والتناحر مع الحزب لا يضرّه، وهو ما عرضه الرئيس الفرنسي مع السعوديين، وهو موقف صريح وواضح فيه الكثير من الواقعية، والتحذير من فراغ قد يأخذ لبنان الى مكان آخر.

ومما لا شك فيه انّ زيارة الرئيس الفرنسي الى الخليج جرى توقيتها بعناية، وهي الزيارة الأولى الى السعودية منذ ثلاث سنوات، ايّ منذ اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، ما تسبّب بعزلة دولية واجهتها المملكة وخاصة الولايات المتحدة التي يرفض رئيسها التحدث إلى ولي العهد محمد بن سلمان على خلفية قراره بتصفية الصحافي السعودي، وكذلك العديد من الدول الغربية التي تتهم السعودية بقمع الحريات والإساءة الى حقوق الإنسان، ولذلك كان ترحيب المملكة بزيارة الرئيس ماكرون بالغ التعبير، وجرى التوقيع على اتفاقيات وعقود ضخمة هي الأكبر في تاريخ فرنسا، وربما سيكون لها تأثير في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة.

ومن خلال هذه «النجاحات» فتح الرئيس ماكرون ملف العلاقات السعودية اللبنانية المتوترة وعبّر عن رغبته بتجاوز هذه الأزمة وفكفكتها وتوصّل مع الجانب السعودي الى ما يريده وأعلن إعادة تطبيع العلاقات بين لبنان والسعودية، وأجرى اتصالاً بالرئيس نجيب ميقاتي طالباً إرساء ومتابعة وعودة العلاقات الطبيعية، وقال في مؤتمر صحافي انّ فرنسا والسعودية تريدان دعم الشعب اللبناني وانّ السعودية ستعود لتؤدي دوراً اقتصادياً في لبنان حين تشرع الحكومة اللبنانية بالإصلاحات.

وتبقى العبرة في التنفيذ…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.