مملكة التعذيب غير صالحة للديمقراطية

صحيفة الوفاق الإيرانية-

لطيفة الحسيني:

كما تستمرّ الأنظمة المستبدّة في طغيانها يستمرّ أنصار حقوق الإنسان في رفع الصوت. اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب قد يكون المناسبة الأفضل لتسليط الضوء على انتهاكات السلطات في البحرين بحقّ مئات المعتقلين والسجناء.

الإصلاح المتعذّر في البحرين لا يبدو أنه سيصل الى خاتمة سعيدة أو على الأقل مرضية. على الرغم من محاولة إثبات النية للرأي العام الغربي فقط، إلّا أن السمعة السيئة لنظام آل خليفة تعرّي ادعاءاته الفارغة. السجون المغلقة والمفتوحة وحدها تفضح كلّ الكذب الذي تتّبعه السلطات.

اليوم، أكثر من 2000 سجين سياسي في البحرين بتهمٍ معلّبة. عام 1998، انضمّ البلد الصغير الى اتفاقية مناهضة التعذيب. التوقيع على المعاهدة لا يعدو كونه حبراً على ورق. المثير للسخرية أكثر انضمام المنامة عام 2006 الى المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي تنصّ مادته السابعة على عدم جواز إخضاع أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

من يتابع ويواكب ويطّلع على تفاصيل الأزمة السياسية في البحرين، يتلمّس “عقم” الحلّ. كيف يستوي من يتحدّث عن إمكانية إيجاد مخرج ما مع الأسلوب العسكري في التعاطي مع الشعب: قمع وتوقيف وسجن وتعذيب وإهمال حتى الموت؟. الجهة التي تحاكم وتنكل بالسجناء تنشئ مؤسّسة ترفع شعار حقوق الإنسان. عقد مرّ على ثورة 11 شباط/فبراير، على الرغم من كلّ الفضائح وتأكيدات وقوع عشرات حالات التصفية المقصودة داخل الزنزانات وغرف الاحتجاز وبالأخصّ في سجن جو، لا شيء يتغير في المشهد.

بحسب منظمة “سلام” للديمقراطية وحقوق الانسان، زادت حكومة البحرين على مدى الـسنوات العشر الماضية، قـمعها لـلحقوق والحريات، بما فـي ذلـك ممارسة الـتعذيـب.

ترصد المنظمة أساليب التعذيب وتقنياته وأشكال المعاملة السيئة المسـتخدمة أثـناء الاسـتجواب كالآتي:

الضرب المتكرر والتحرش، والإهانات، والازدراء الـديني والمذهبي، وتـعصيب الـعينين، والحـرمـان مـن الـنوم، والحـرمـان مـن الـماء، والإهمال الـطبي، والصدمات الكهربائية، والتهديـدات المختلفة (بالـسجن والـتعذيـب، إيـذاء عـائـلة الـضحية). الإجبار على الوقوف طويلاً، الإجبار على الزحف والرقص وأداء هتافات تدعم العائـلة الملكية، والبقاء في غرفة شديدة البرودة بملابس مبلّلة، التقييد في غرفة مليئة بالحشرات.

كلّ هذا موثّق لكن دون جدوى. النظام لا يزال مصرّاً على عدم الإنصات للمطالب المحقّة وعدم محاسبة المرتكبين. منظمة “سلام” تؤكد أن غـياب الـمساءلـة داخـل الـنظام الأمـني البحـريـني أدى إلـى ثـقافـة الإفلات مـن العقاب، حـيث لا يـملك مـسؤولـو الأمـن سـوى الـقليل مـن الـردع لـتجنب إسـاءة مـعامـلة الـسجناء أو اتـخاذ إجـراءات لـمنع سـوء الـمعامـلة مـن الـمسؤولـين الآخـريـن.

يمكن تتويج البحرين اليوم بلقب الدولة الأولى في المنطقة على مستوى القمع، سجناً وتعذيباً. محاولات تجميل الصورة فاشلة تماماً ومناورات الإصلاح الزائف عبر تشكيل حكومة لن تحقّق شيئاً مع استمرار النهج نفسه، باتت مكشوفة. لا إصلاح بلا محاسبة لكلّ من نكل وقتل أبرياء باسم السياسة والاختلاف.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.