منصة تصدير غاز المتوسط لأوروبا

موقع الخنادق:

إثر توقيع مذكرة التفاهم بين مصر، الكيان المؤقت والاتحاد الأوروبي، في شهر حزيران الماضي، وفي ظل أزمة عالمية اقتصادية لا سيما على مستوى مادة الغاز الطبيعي. وبعد استبعاد تركيا، لأسباب سياسية، تمّ إنشاء منصة لتصدير الغاز في مصر لتسيله وتصديره إلى أوروبا، بعد استجراره عبر أنابيب من الكيان. يعرض هذا الملف، الشراكة الثلاثية وبناء منصة لتصدير غاز المتوسط وأسباب اللوجستية والسياسية لاختيار مصر كنقطة ارتكاز بين الشرق والغرب.

1)الشراكة الثلاثية وبناء منصة لتصدير غاز المتوسط

بناءً على علاقة المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي، وقبيل اقتراب موعد انعقاد الدورة التاسعة لمجلس المشاركة بين الاتحاد الأوروبي ومصر – أعلى كيان تعاوني بين الجانبين- تم التأكيد على أن مصر ستبني منصة لتصدير غاز شرق المتوسط إلى أوروبا خلال زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى لوكسمبورج، وذلك في 19 من حزيران / يونيو الفائت. بعد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر والكيان المؤقت والاتحاد الأوروبي.

تتعلق مذكرة التفاهم المصرية الإسرائيلية الأوروبية الموقعة في القاهرة، بتصدير الغاز الإسرائيلي عبر مصر إلى دول الاتحاد الأوروبي. التي تم توقيعها في الخامس عشر من حزيران / يونيو الماضي، بالتعاون في مجال تجارة ونقل وتصدير الغاز الطبيعي، عبر إمداد أوروبا بغاز الكيان المؤقت، بمليارات الدولارات، من خلال محطات الإسالة المصرية في إدكو ودمياط. وجاء توقيع مذكرة التفاهم ضمن مساعي أوروبا لسدّ جزء من احتياجاتها عبر إمدادات الغاز من شرق المتوسط لتعويض جزء من واردات الغاز الروسي.

وتم الاتفاق بين عدد من منتجي الغاز في شرق البحر المتوسط مثل اليونان وقبرص والكيان لتوريدها إلى مصر من أجل إسالتها وإعادة تصديرها على شكل شحنات غاز مسال للدول الراغبة وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي.

ستمكن هذه الصفقة، الكيان من تبسيط وزيادة تصدير غازه الطبيعي من خلال خطوط الأنابيب الموجودة إلى الموانئ المصرية، حيث يمكن ضغطه وتسييله، ثم نقله إلى أوروبا. بينما يتحقق جزءٌ من أمن الطاقة الأوروبي، بحسب أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية. وقالت فون دير لاين في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في القدس، في ختام زيارة استغرقت يومين للكيان والضفة الغربية. “إنها خطوة رائعة في الارتقاء بتعاوننا في مجال الطاقة”.

تعود علاقة مصر بالكيان المؤقت إلى اتفاقية كامب ديفيد، التي جعلتها أول الدول العربية التي تخرج للتطبيع مع العدو الإسرائيلي. وقد كان لتلك الاتفاقية المردّ الأساس لارتهان مصر للكيان اقتصاديًا، حيث استحوذ الأخير على مواردها وقام باستخراج الثروات المصرية وإعادة بيعها لمصر.

يصل مصر بالكيان المؤقت أنبوب عسقلان – عريش، الذي يبلغ طوله 90 كلم والذي أُعيد تشغيله عام 2019 وفقاً لاتفاق ثنائي. وتقدّر قيمة الاتفاق بنحو 19.5 مليار دولار، وهو ينصّ على أن تستورد مصر 85.3 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي على مدى السنوات الـ15 المقبلة.

2)جاهزية البنية التحتية المصرية لتصدير غاز المتوسط

لدى مصر موقعٌ جغرافيٌّ ملائمٌ وبنية تحتية وشبكة أنابيب مجهّزة لنقل الغاز إلى العديد من دول الجوار، بالإضافة إلى معملَي تسييل للغاز على أراضيها، فضلاً عن كونها منتجة للغاز منذ تسعينيات القرن الماضي. وقد اكتشفت مصر المزيد من الحقول في السنوات الماضية وآخرها كان حقل زهر الضخم الذي يقدّر حجمه بنحو 850 مليار متر مكعب، ما يضعها في الصدارة بين الدول الراغبة في أن تكون نقطة انطلاق وتوزيع غاز المتوسط، حيث تطلّ مصر على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط ما يجعلها قادرة على تصدير الغاز شرقاً وغرباً.

وبعد تأسيس منتدى “غاز شرق المتوسط” أواخر عام 2020، بمشاركة سبع دول على رأسها مصر والكيان المؤقت، اتفق المنتدى على أن تكون مصر المركز المحوري ونقطة انطلاق لتصدير غاز منطقة شرق المتوسط.

3)محاولة سدّ العجز الأوروبي في مجال الطاقة

رغم اتساع الفرق في كمية الإنتاج، بين الغاز الروسي وغاز الكيان المؤقت؛ يسعى الاتحاد الأوروبي الى تنويع مصادره من الغاز وبالتزامن مع قرار روسي بالحد من إمدادات الغاز الروسي الى دول أوروبية و”للتخلص من اعتماده على الوقود الأحفوري الروسي”، بحسب تعبير فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية. وبالتالي، ستكون جزءًا من استراتيجية خليط، تسحب من مصادر حول العالم، لسد عجز الطاقة الذي خلفته روسيا.

ومع عمليات التنقيب القائمة، فإن أوروبا تركّز على منطقة شرق المتوسط، التي أظهرت المسوحات الكميات الكبيرة من احتياط النفط والغاز فيها. وبالتالي، فإنه من المتوقع، بحسب الخبراء، أن يكون غاز الكيان المؤقت أول الخيارات في المنطقة لا آخرها. وهذا ما أكدته فون دير لاين، في كلمة خلال زيارتها جامعة بين غوريون في الكيان المؤقت، أنّ الاتحاد الأوروبي، يسعى إلى تعزيز التعاون مع “تل أبيب” في مجال الطاقة، عبر إنشاء مشروعات لتصدير غاز شرق المتوسط إلى أوروبا عبر اليونان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.