من هو القائد؟

موقع إنباء الإخباري ـ
محمد السيد قاسم*:
كثرت في الآونة الأخيرة الألقاب التي تطلق على فلان أو آخر؛ هذا زعيم وذاك بيك و… لكن السؤال يبقى: هل هناك مواصفات للقائد؟
في ثقافتنا نماذج مختلفة للقادة إلا أنه قبل أن نسبغ أو نقبل الإمرة من فلان أو آخر، ينبغي التدقيق فيما إذا كان يمتلك العناصر الذاتية اللازمة للقيام بمهامه، فكم من وارث لم يرث، إذ يكتفي بقوله كان أبي ولم يصل إلى وضع ها أنا ذا.
ـ العلم :شرط أولي ضروري، وقديما قيل إن الحكمة أن تلمّ من كل علم بطرف؛ يعني قد لا تعرف كل شيء لكن إذا أردت أن تعرف لديك القدرة على الفهم والتعلم، وهذا حد أدنى مطلوب.
ـ المبادرة: ليس القائد معبراً عن رأي الجمهور، قد يقول أحد من أهل الإعلام بالأمر خيرا منه، بل هو صانع الرأي، يقدم شعورهم بوعي منه وينقله إليهم، ثم يقدم مشروعه الذي يستند إلى الوعي الذي صنعه فيهم، ويستثمر قدراتهم وجهودهم لما فيه خيرهم، لأن تراكم الوعي والجهد يؤدي إلى تغيير الأحوال.
ـ القدرة على التواصل؛ وهي وسيلة الفهم وصناعة الوعي وتقديم المشروع؛ قد يستعمل القائد بعضاً من خطاب نمطي، أو تعبوي لكن جوهر الخطاب يبقى سياسيا وإلا يصبح ما يقول أو يكتب اجتراراً معرفياً يسقط عند أول تحليل نقدي.
ـ الالتزام وعدم الاغتراب؛ لا يزال نموذج امرأة لويس الرابع عشر ماثلا في ضمائرنا، حيث ردت على مطالبة الشعب بالخبز بالطلب إليهم أكل البسكويت. إن الحياة المتباعدة بين القائد والمقودين لا يسمح له بتقدير جوعهم إذا جاعوا فيما هو شبعان، أو عطشهم أو تعبهم أو قلقهم فيما هو لا يشعر بشيء من ذلك كله. قد تكون الفوارق القليلة مفهومة لكن الاغتراب الطبقي ينفي وحدة الحياة.
ـ الشجاعة في الإقدام وفي تحمل المسؤولية؛ إن أسوأ فهم للقيادة أن تكون مجموعة أوامر ونواه، خير القادة المتقدم، هو في أول الصفوف، يسمع ويرى، لقد كان المسلمون الأوائل يقطعون على رسول الله (ص) خطبته معترضين فيجيبهم. ثم يتقدم بالبناء على الرأي الصائب، من منا لا يعرف قبول الرسول بنصيحة سلمان الفارسي يوم الخندق؟ ويتقدم بتحمل المسؤولية عند أي تعثر أو إخفاق يعتد به.
هكذا يشاركهم ولا يشاركونه، يشاركهم معايشهم، ما يسرهم وما يسوؤهم، ثم يصيغ أمره منفردا.
هذا بعض من صفات القائد أو الزعيم. هل يمكن لنا قياس منتحلي القيادة والزعامة على هذا القليل؟

*ياحث وتربوي من لبنان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.