هاريس.. الاسم الثاني في البيت الأبيض والأول في كل شيء

موقع العهد الإخباري-

عبير بسّام:

 

في جولة على محرك البحث غوغل باللغة الإنكليزية حول عدد المقالات التي كتبت عن نواب الرؤساء الأميركيين، يتضح أنه ما بين العامين 2001- 2009 كتب 63 مقالاً حول ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي جورج بوش الابن. وما بين العامين 2008- 2016 كتب 89 مقالاً حول جو بايدن عندما كان نائباً للرئيس باراك أوباما. وأما مايك بنس نائب الرئيس دونالد ترامب فقد كتب عنه 109 مقالات، في حين كتب عن كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جو بايدن حوالي 107 مقالات وهي لم تكمل بعد سنتها الأولى في البيت الأبيض.

بعض مواقع الجرائد أو الصفحات الأميركية أو الناطقة باللغة الإنكليزية مثل نيويوركر احتوت على 50 عنوان حول كامالا، في حين أن نيويورك تايمز جاء فيها 39 عنواناً، في حين جاء على صفحة conversation.com 62 عنواناً. وأما business-standered.com فقد فتحت ملفاً كاملا من 20 مقالاًحول كامالا هاريس. وهذه الأرقام هي تفرعات جزئية للمقالات الرئيسية التي ذكرها غوغل.

اذا كانت هذه الأرقام الهائلة من عدد المقالات التي كتبت عن هاريس خلال هذا الوقت القصير تدل على شيء، فهي تدل على مدى الاهتمام الذي تحظى به هاريس من قبل الصحافة وعلى أهمية دورها ضمن إدارة بايدن. هذا ونحن لم ندخل إلى المقالات التي كتبت باللغة العربية أو الفرنسية أو باقي لغات العالم.

وقد يعتبر البعض أن وصول كامالا هاريس يحمل ما بين طياته تناقضات كبيرة حول مستقبل سياسة البيت الأبيض العالمية والدولية، إلا أن ذلك وهم، وفي حقيقة الأمر هذه السياسة تتحدث عن نفسها بوضوح. اذ إنه ليس من الخفي أن الرؤساء الأميركيين الذين لعبوا دوراً هاماً في تحديد السياسات الأميركية كان مستشاروهم من اليهود الصهاينة. وفي كل الأحوال فإن كامالا هاريس وبحسب موقع forward.com هي أقرب إلى لجنة الشؤون العامة الأميركية – الإسرائيلية، الإيباك، منها إلى منظمة “جي ستريت” اليهودية، ولكن الأخيرة أيدتها مباشرة بعد إعلان اختيارها لمنصب نائبة الرئيس.

الأمر الآخر الذي يثير اهتمام الصحافة بكاميلا هاريس كونها في مقتبل العمر السياسي فهي في السادسة والخمسين بينما جو بايدن قد بلغ أو تجاوز الـ 78 عاماً. والسؤال الذي يشغل بال الصحافة اليوم والذي يصب في هذا المجال إذا ما كانت هاريس سوف تكون مرشحة الحزب الديمقراطي في العام 2024 في حال قرر بايدن عدم الترشح ولم يكن قادراً على ذلك لدواعٍ صحية. والأكثر من ذلك فإنه في حال تعرض بايدن لأي طارئ صحي يجعله غير قادر على القيام بمهامه، فإن كامالا هاريس ستتوج حتماً كأول سيدة للبيت الأبيض وذات بشرة سوداء، وسيكون زوجها دوغ إمهوف أول يهودي يصل إلى البيت الأبيض ويسكن فيه. وهو من يهود الأشكناز أو الياديش الذين ينتمي إليهم آباء وأمهات الحركة الصهيونية العالمية.

بالطبع كانت هناك محاولة لإيصال مرشح يهودي إلى البيت الأبيض حين ترشح آل غور، من الحزب الديمقراطي، للانتخابات الرئاسية في العام 2000، اذ سمي كمرشح لنائب الرئيس جوزيف ليبرمان وهو محامٍ وينتمي للوبي يهودي تماماً كما إمهوف. إذاً أخيراً نجحت محاولات الديمقراطيين في إيصال صهيوني إلى البيت الأبيض، والذي سيكون له تاثير على زوجته بشكل ما، خاصة وأنه قد ترك عمله من أجل وصولها إلى موقعها الحالي دون أن تضطر للخضوع للتجاذبات السياسية والإعلامية.

وجاء في تقرير نشر عنها وعن زوجها على موقع kanaanonline.org، أن كامالا هاريس أعلنت قبل الانتخابات أنه: “إذا فاز بايدن، فسيحتفظ بالسفارة الأميركية في القدس، مع الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة اسمها اسرائيل”. بالتأكيد هناك سؤال يجب طرحه هنا، وهو حول أسباب التركيز على تواجد العديد من العناصر اليهودية- الصهيونية في الإدارة الحالية، وما يمكن لذلك أن يكون له تأثير في التوجه العالمي حول إدارة اليهود الصهاينة للقوى العالمية.

بالطبع الاهتمام الذي حظيت به هاريس في جزء هام منه له علاقة بأنها أول امرأة يتم ترشيحها لتكون نائبة لرئيس أميركي فاز بالانتخابات فعلياً. ولكن السبب الأهم يتعلق بما تمثله هذه السيدة من تغيير في وجه أمريكا الأبيض، ليصبح نائب الرئيس امرأة وذات أصول أفريقية وآسيوية سوداء، وأنها ابنة لمهاجرين اثنين، وليس لأب وأم أميركيين. والناحية الأهم أن هذه المرأة شقت طريقها نحو الحياة السياسية بطريقة عصامية، قبل ترشحها لتكون نائب الرئيس الأميركي، فازت ففي العام 2010، في الانتخابات لتصبح أول مدعية عامة وسوداء في ولاية كاليفورنيا وبفارق 1% من الأصوات، ثم انتخبت كعضو في الكونغرس الأميركي عن ولاية كاليفورنيا بعد ترشحها في العام 2017.

إذًا، اختيار المرأة يقع ضمن اعتبار أنها تعبر عن الواجهة الأفضل للحزب الديمقراطي وخصوصاً بعد الحركة التي سادت في أمريكا تحت عنوان “حياة السود مهمة” بعد مقتل جورج فلويد على يد الشرطة الأميركية. هي محاولة من أجل إعادة لملمة الانقسام الذي ساد أميركا وخاصة في أواخر عهد ترامب. لكن في مجلة فوغ، شككت الأستاذة تريسي ماكميلان كوتوم من جامعة نورث كارولينا، بمدى قدرة هاريس على التغيير فيما يتعلق بحركة “حياة السود مهمة”، لأن أوباما أول رئيس أسود لم يكن قادراً على فعل شيء.

يبدو أن هاريس ستكون ديك تشيني آخر، يتحمل جزءاً من المسؤولية مع رئيس البلاد. والأكثر من ذلك فقد وضع بعض الملفات في عهدتها الخاصة، ويتم الاعتماد عليها في ملفات داخلية هامة وأولها الهجرة وأوضاع المهاجرين والعلاقة مع أمريكا الجنوبية. ومع أن جون سوبل في الـ بي بي سي، يرى أن بايدن الكبير في السن يمثل حالة رئاسية انتقالية من أجل خفض التوتر ومحاولة لرأب الصدع في الأمة، إلا أن نيويورك تايمز ترى أن الجميع اليوم لا يعتقد أنها ستترشح مكان الرئيس الحالي جو بايدن، إلا إذا أثبت أن بايدن البالغ من العمر 78 عاماً تبين أنه غير قادر على القيام بالمهمة ولكنه يمثل مرحلة انتقالية برأي عدة مواقع. وتتابع نيويورك تايمز بما أن الكونغرس منقسم 50-50% فإن السيدة هاريس تمثل اليوم داعماً لبايدن وهي تمتلك الصوت المرجح في اقرار اي قانون او تشريع عبره.

أكثر من ذلك، ترى نيويورك تايمز أن هاريس ليست من دعاة التغيير، وهذا يتفق مع كلام ماكميلان، وأنه خلال فترة عملها كمدعٍ عام رفضت توجيه الاتهامات لكثير من أفراد الشرطة الذين ارتكبوا مخالفات كبيرة خلال تعاملهم مع معتقلين ملونين. تمثل كامالا هاريس في شكل من الأشكال التغيير الذي يطرأ في المجتمع الأميركي، حيث ابتدأت أعراق أخرى غير العرق الأبيض بالوصول إلى سدة الحكم في أميركا. الشعار الأهم الذي طرحته كان “أنا من أجل الناس”. ولكن صحيفة اتلنتا كان لها كلام آخر حول ما تمثله كمالا هاريس. وهي باعتقادها أنها تحاول أن تعمل على بناء مستقبلها السياسي وهي تقوم بتحضير نفسها للإنتخابات الأميركية القادمة باسم الحزب الديمقراطي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.