هل ستمنع وسائل الإعلام الإلكترونية ’التعليقات’ نهائيًا؟

 

يفترض بالإنترنت أن يسهل التفاعل بين القارئ ووسائل الإعلام، إلا أن الانتشار الكبير للتعليقات العنيفة والحاقدة، يدفع الصحافة الالكترونية الى حظر هذه الآراء بانتظار حل أفضل.

ففي الشهر الماضي، توقف موقع “فايس” الإخباري الإلكتروني عن نشر تعليقات القراء، معتبرًا أن “طبيعة التعليقات الفظة تؤدي الى خنق النقاش الفعلي”.

وأوضح موقع “ذي فيردج” الاخباري من جهته في تموز/يوليو الماضي، أنه أوقف “تلقي التعليقات لفترة وجيزة” بسبب لهجتها، “التي أصبحت عدائية وسلبية جدا”.

وهذه ليست بحالات معزولة، فصحف “”ديلي بيست” وموقع “ري/كود” و “بوبولار ساينس” وغيرها من الوسائل الإعلامية الاميركية، قررت هي الأخرى، التخلي عن التعليقات.

ولا تقتصر المشكلة على الولايات المتحدة. فقد حملت هذه المسألة اكبر وسيلة إعلام إلكترونية في جنوب إفريقيا وهي “24.كوم” على إغلاق قسم التعليقات، وقد حذت حذوها “إنديبندنت اونلاين”.

وتقول أستاذة دراسات الإعلام في جامعة سيراكيوز جنيفير سترومير-غاليه،  لوكالة فرانس برس “تعاني فرق التحرير من هذا الأمر فعلا”.

وتضيف “إن وسائل الاعلام “تحبذ فكرة التعليقات، إلا أنها تتخذ منحىً سلبيًا، إذ تؤثر التلعيقات الحاقدة على القراء وتبعدهم. وثمة قلق من أن يؤدي ذلك الى خسارة القراء بدلًا من تعزيز التواصل”.

ويقول الاستاذ في جامعة هيوستن (تكساس) آرثر سانتانا، الذي أجرى دراسة حول هذه التعليقات “إن إدارات التحرير تحاول التحرك “في مواجهة التعليقات غير اللائقة والهجمات الشخصية”، وهي قلقة على سمعتها وخائفة من أن تتحول الى مكان عام للقدح والذم.ويحاول البعض التمثل بنماذج أخرى عبر الانترنت في محاولة لضبط الوضع.

وترى وسائل الاعلام في الاداة التي تستخدمها فايسبوك، للتحقق من هوية المستخدم الذي يعلق على شبكتها، واستخدامه الاسم الحقيقي، حلًا ممكنًا.

تعليقات
معضلة التعليقات العنيفة والحاقدة

وبينت دراسة أجرتها جامعة كنت الاميركية العام 2013، أن شركة فايسبوك، من خلال جعل مستخدميها يدركون “مسؤوليتاهم”، تدفعهم بذلك “الى عدم القيام بحديث غير لائق على الارجح”.لكن عندما وضعت هافينغتون بوست حدا لتعليقاتها المجهولة وبدأت باستخدام نظام فيسبوك واجهت غضب رواد الانترنت.

من جهة أخرى، يرى الباحث في الشؤون الصحافية في جماعة ميسوري ديفيد فولفغانغ أنه ” من خلال وضع عقبات امام حرية النشر، تخسر (وسائل الاعلام) الكثير من المعلقين”.

ويضيف “في حال لم توفر وسيلة الاعلام المحلية هذه الفسحة للحديث والمناقشة، فمن يفعل ذلك؟ الامور لا تسير كما نريد، لكن هذا لا يعني انه ينبغي وقفها”.

وتلجأ وسائل الاعلام الكبرى في غالب الاحيان الى اشخاص مكلفين بتجنب أي انزلاق في التعليقات. الا ان ذلك لا يكفي احيانا ولا يمكن لكل وسائل الاعلام الالكترونية ان توظف اشخاصا كهؤلاء بسبب ضيق الميزانية.

وتشارك صحيفتا “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز” في مشروع أطلقته مؤسسة “نايت”، ويسعى الى التوصل الى برمجية تتماشى مع المواقع الاخبارية.

ويعتبر مدير مشاريع المعلومات الرقمية في صحيفة “واشنطن بوست” غريغ باربر ان “الكياسة رهان للجميع”، موضحًا أن صحيفته تتلقى حوالي ثمانية ملايين تعليق في السنة، وتجهد للحفاظ على لهجة لطيفة بفضل الاشخاص الذين توظفهم لهذا الغرض.ويقول “عندما يقرأ رواد الانترنت نقاشًا متعقلا، فانهم يتشجعون على المشاركة بطريقة متعقلة”.

وباربر على اتصال مع وسائل اعلام مهتمة بالبرمجية هذه في 25 بلدا، ويقول انها ستكون جاهزة لاجراء اختبارات في كانون الثاني/يناير 2016.ويختم قائلا “الامر لا يقتصر على ازالة التلعيقات الفظة بل ايجاد المساهمات القيمة والاضاءة عليها”.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.