هل يتحضر أكراد الشرق السوري لإعلان فيدراليتهم رسمياً؟

وكالة أنباء آسيا-

نائل محمد:

تُعرف البقعة الجغرافية الخاضعة لسيطرة قسد ومن معها بالإدارة الذاتية الديمقراطية، هنا كل شيء مغلف بالشعارات التي تنسفها الأفعال، وكأن تلك الإدارة ما هي إلا اجترار لأنظمة الحكم العربية التقليدية، يقول أحد المعارضين السياسيين للتنظيم الكردي.

لطالما حلمت قسد باستقلالية كيانية، أخذت فيما بعد شكل مطالبات بفيدرالية كردية، ومطالبات بسورية لا مركزية، الأمر الذي اصطدم بممانعة دمشق و طهران و أنقرة وبغداد، وما الواقع الحالي إلا بمثابة حلم تحقق بفعل التواجد والدعم الأمريكي.

وفقاً لذلك يحاول تنظيم قسد ومن معه لتثبيت فكرة الفيدرالية الكردية، وهذا يتطلب بنى تحتية مالية واقتصادية و خدمية وإدارية وغيرها، هذا الهدف دفع التنظيم الكردي إلى ممارسات اعتبرها سكان الشرق السوري قمعاً عنصرياً وفق رأيهم.

محاولات وقائية لتطويق أي حراك

مع ازدياد صعوبة الوضع المعيشي في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم قسد، تتحدث المعلومات الواردة من دير الزور بأن التجاوزات باتت أكثر من ذي قبل بحقهم، حيث تم اعتقال أحد مساعدي قائد ما يُسمى مجلس دير الزور العسكري ويُدعي هلوش المحيسن وذلك بعد ظهوره بمقطع فيديو على احدى الوكالات التي تغطي اخبار دير الزور تحدث فيه عن رداءة الخبز في الافران الواقعة بمناطق سيطرة قسد، وقد أكدت مصادر اهلية في قرية الحجنة بأن عناصر قسد قد اعتدوا بالضرب المبرح على المذكور.

وحول تلك الحادثة علق مصدر عشائري بالقول: يحاول تنظيم قسد تطويق أية شرارة قد تتسبب بمظاهرات ضده في هذه المرحلة، و هم يخشون أن تتحول قضية رغيف الخبز إلى سبب قوي لدفع الناس إلى الخروج ضدهم، خصوصاً وأن المنتمين للتنظيم الكردي والمقربين منه لا يعانون ما يعانيه الناس من مشاق الحياة وفق قوله.

ويضيف المصدر: إن عمليات الاعتقال والضرب أسلوب ترويع للناس، من أجل عدم الحديث عن أي انتقاد لقسد وما تُسمى بالإدارة الذاتية، التي تحاول في هذه الفترة تسويق نفسها كجهة أثبتت نجاح تجربتها كفيدرالية تستطيع الاعتناء بنفسها وبساكنيها اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً.

الفيدرالية الكردية و إقامة بنية مالية مؤسساتية

لا بد لكل فيدرالية أو كانتون من بنى تحتية عديدة تكون مصغرة عمّا هي عليه الدول التقليدية، وبطبيعة الحال فإن من أهم تلك البنى هي المؤسسات المالية والمصرفية.

المعلومات تتحدث عن وجود نوايا لدى حزب الاتحاد الديمقراطي إنشاء مؤسسة مركزية للنقد والمدفوعات تكون بديلة عن البنك المركزي التابع للحكومة السورية ، في خطوة تحمل في طياتها الكثير من الغايات والأبعاد.

حيث تقول أوساط مختصة بالمال والأعمال بأن هذه النوايا هي دليل عمل الحزب الكردي للانفصال عن الجغرافيا السورية.

فيما تقول معلومات أخرى بأن التنظيم الكردي لن يسمح حالياً لأيٍ كان بافتتاح مكتب للصرافة وتحويل الأموال، والذريعة الأسباب الأمنية ووجود تنظيم داعش والخوف من عمليات غسيل الأموال وتحويلها للتنظيم الإرهابي، في هذا السياق اعتقلت دورية تابعة لقسد صاحب أحد مكاتب الصرافة والحوالات المالية في مدينة البصيرة شرق دير الزور، وصادرت مبالغ مالية كبيرة من الدولار الأمريكي والليرة السورية، فيما اقتادت صاحب المكتب وهو المدعو ميسر الحميد إلى الاعتقال بتهمة جمع الزكاة من التجار وأصحاب رؤوس الأموال، لإرسالها لعناصر داعش الإرهابي.

وفي تعليق على هذه الحادثة أكدت مصادر من عائلة المذكور، أن لا علاقة له بالتنظيم الإرهابي، بل هو من أكثر الكارهين له، لكن التهمة الموجهة له من قبل قسد ما هي إلا تمثيلية لأنهم لا يريدون أن يكون هناك أصحاب مكاتب مالية من العرب ويريدون حصرها بيد العناصر الموثوقين منهم.

في حين أكد مصدر وصف نفسه بالمطلع بأن قسد والإدارة الذاتية ومسد اتفقوا على حصر الصرافة المالية والتحويلات المالية بيدهم وعدم السماح بوجود مكاتب وشركات خاصة، ما أثار مخاوف كبيرة بين أصحاب مكاتب الصرافة، لا سيما من العرب.

التسوية في خبر كان والمباحثات على أشدها

لم تسفر محاولات موسكو لإبرام تسوية بين قسد ودمشق عن أية نتائج، بل على العكس، حيث فشلت المباحثات والاتصالات، وقد ربط البعض ذلك الفشل لتحركات أمريكية دبلوماسية وعسكرية باتجاه قسد حيث تم منح التنظيم الكردي تطمينات لحمايته، بل والأهم وجود تقارير تتحدث عن اتفاق أمريكي بتعميم تجربة الإدارة الذاتية الكردية شرق سورية، ليتم استنساخها في الشمال السوري.

آخر المواقف الصادرة عن قسد تؤكد فشل التسوية، حيث قال التنظيم الكردي في بيان له بأن الحكومة السورية غير جاهزة للقيام بأي تسوية سياسية شمال شرق البلاد، متهماً دمشق بأنها تعول على التهديدات التركية لبسط سيطرتها على شمال شرقي سورية.

هذا الموقف تزامن مع انعقاد اجتماع ثلاثي كردي وُصف بأنه الأول من نوعه جمع كلاً من قسد ومسد و الإدارة الذاتية حيث ركزت كل جهة على ما يهمها، مما يشير إلى توزيع الأدوار فيما بينها تحضيراً للمرحلة القادمة، فقد ركّز القائد العام لقسد مظلوم عبدي في إحاطته على التحديات الأمنية والعسكرية التي تواجهها مناطق شمال وشرق سورية، فيما أشار الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية عبد حامد المهباش، إلى الاهتمام الذي شهدته الإدارة من قبل اللاعبين الفاعلين في الملف السوري، وركّز على ضرورة النهوض بالإدارة الذاتية لتطوير بنيتها الإدارية والقانونية وتأمين الكفاءات اللازمة، والعمل على مشاريع تنموية واقتصادية لتمكينها من لعب دورها في المرحلة المقبلة، بالإضافة لإيلاء دور بارز للملف الإنساني وقطاعي الخدمات والتعليم.

وفي تسريبات عن ذلك الاجتماع أفادت أوساط كردية بأنه قد تم الاتفاق على وضع خطة مستقبلية تحدد مسؤوليات كل جهة من الجهات الثلاث، فقسد ستتولى الدفاع والأمن والمعابر والحدود، فيما ستتولى مسد الجانب السياسي والدبلوماسي والتمثيل الخارجي للكرد، أما الإدارة الذاتية فستكون من مهامها الاقتصاد والمالية والتعليم والمؤسسات والبنى التحتية الصحية والصناعية وغيرها.

وتختم تلك الأوساط بالقول: لقد بدأت الإدارة الذاتية بالتسويق لعدة أمور من بينها النية عن إنشاء بنك مركزي للإدارة الذاتية، والترويج لما أسمته بأكبر مشروع خدمي يتمثل بتأهيل طريق يربط الرقة بسد تشرين بطول 100كم، خاتمةً بالقول: سيتم في الفترة القادمة الترويج لمشفى وعدة مدارس، إضافةً إلى وجود إمكانية لطرح بعض المناطق للاستثمار العقاري.
طباعة عودة للأعلى

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.