ويقولون لك.. ولي الأمر!!

alsoud

موقع العهد الإخباري ـ
محمود ريا:

فظيعة جاءت الجريمة التي ارتكبتها سلطات القهر السعودية بحق الأمة الإسلامية، بإعدامها العالم الجليل، الشيخ المجاهد نمر باقر النمر.

والأفظع من هذه الجريمة التبرير الذي أعطي لها، والتهم التي نُسبت إلى هذا الرجل الرمز.
لقد كانت التهمة الأبرز التي “عُزّر” الرجل بسببها هي “الخروج على ولي الأمر”، مع ما يدفع إليه ذلك من تساؤلات حول تحديد معنى ولي الأمر وتحديد شخصه، ثم الحديث عن كونه خرج عن ولي الأمر أم لا، وبعد ذلك السؤال عن حكم الخروج على ولي الأمر، وهل هو القتل، أم أن هناك تدرجاً في العقوبة قبل ذلك.
إلا أن هذا كله يدخل في باب الأبحاث الفقهية التي لا شأن لمقال سياسي بها، وإنما ما لدينا هو الاكتفاء بالإشارة إلى السخرية المرّة التي تنبع من ادعاء بني سعود بأنهم ولاة أمر، وبأن الخروج عليهم يستدعي التعزير، وصولاً إلى القتل.
وبعيداً، مرة أخرى، عن المفهوم الديني لولي الأمر الواجب الاتباع، لماذا لا تكون ممارسات بني سعود موضع نقد، لمعرفة مدى انطباق حكمهم على المقاييس المنطقية والعقلائية ـ فضلاً عن المقاييس الدينية ـ للذين يتولون أمر أمة أو دولة.

ولتكن البداية من نظام الحكم: ماذا في نظام حكم بني سعود يستوجب الطاعة له؟ عشائريته وقبليته، أم عائليته وفردانيّته؟
أي مؤسسات ديموقراطية انبثق منها، عبر أي استفتاء أخذ شرعيته، ومن أي انتخابات ثبّت مشروعيته؟
من انتخب رأسه، من نصّب حكومته، من اختار أذرعه ومؤسساته؟
هل هناك أي مستند قانوني لوجوده، أم هو مجرد حكم قائم على الغلَبة والقهر، منذ لحظة نشوئه وحتى هذه اللحظة؟
طوال فترة حكم الرأس، الملك، من يحاسبه، ومن يراقب أعماله، ومن هو القادر على إبداء رأي في تصرفاته؟
وكيف يتم انتقال الحكم من رأس إلى رأس؟ بالانتخاب أو بالشورى، أم بالفرض والتعيين؟
وبعد الإجابة على كل هذه الأسئلة، وهي إجابات معروفة، كيف يمكن لنظام حكم هذه صفاته، نظام حكم يقوم على أبشع ما في العالم من تسلط وفردانية وتحكم وأنانية، أن يدين من يقوم في وجهه، داعياً إلى تحقيق إصلاحات فيه، حتى يقترب، مجرد اقتراب، من أدنى حدود المقاييس المقبولة على مستوى العالم.
هل ممنوع المطالبة بإصلاح هذا الكم من الانحراف عن جادة الصواب، في اختيار الحاكم وفي تنصيبه وفي استمرارية حكمه؟
بالانتقال إلى مجموعة أخرى من الأسئلة، لا بأس من الاستفسار حول الطريقة التي يدير بها هذا النظام البلاد. قد يأتي حاكم بالجبر والفرض، ولكن يقود البلاد بالعدل والمساواة، وبمراعاة أوضاع الناس والاهتمام بحاجاتهم والعمل لرفع مستواهم، فيسكت عليه من لا يقدر عليه. ولكن ماذا عن نظام بني سعود؟
إن نظرة واحدة إلى ما يعانيه شعب الجزيرة العربية من مشاكل وأزمات، ومن فقر وحرمان، تسلب من هذا النظام أي حق في الحديث عن السعي لتحسين ظروف الناس.
لقد كان هذا النظام يتكتّم على الأزمات، ويتغاضى عن التصريح بآلام الناس، حتى جاءت وسائط الإعلام الحديثة من جهة، وتفاقمت الأزمات إلى حد لا يمكن التغطية عليه، من جهة أخرى، فظهرت الأرقام المفجعة عن مستوى الفقر المخيف في ذلك البلد، والمشاكل التي لا حدود لها، والتي يعاني منها مواطنو المدن والأرياف، والحواضر والبوادي، على حدّ سواء.
وكل هذا في بلد يمتلك ملايين الملايين، وبين يديه ثروات بآلاف المليارات، إلا أنها ثروات تتحكم بها عائلة واحدة، مؤلفة من عدد قليل من آلاف الأشخاص، هي التي تعطي وتمنع، وهي التي تمنح وتحرم، وهي التي تهيمن على الثروة النفطية التي تتمتع بها البلاد، فيما تأنف من توزيع الفتات على أبناء الشعب المظلوم والمحروم.
ولو كان وضع النظام في التعاطي مع قضايا الأمة أفضل، لو كان يحامي عن حرمات الأمة، ويدافع عن كرامتها، ويحفظ حقوقها ويعادي من يعاديها، فقد يجد له المبرّرون تبريرات.
ولكن أي حال لهذا النظام مع فلسطين، وهو الذي تخلى عن أهلها، بل تآمر عليهم مع عدوّهم وصار سيفاً ضدهم لا معهم، في حين هو يزرع الإرهاب والقتل والفكر الأسود والممارسات العمياء بين أبناء شعوب الأمة، لتكون النتيجة قتلاً وموتاً وتمزيقاً وتفريقاً بين الشعوب والدول،

ودماء تتلوّن بها المدن والدساكر والقرى، وحقداً لا حدود لها بين مكوّنات الأمة، بين شعوبها ومذاهبها، بين قبائلها وعشائرها، بين أهلها الطيبين وأبنائها البسطاء.
هذا النظام، بكل هذه المساوئ، في الحكم وإدارته، في التحكم بثروات الناس والتفريط بها، وفي هتك حرمات الأمة وزرع بذور التفرقة بين أبنائها، يتحدث عن طاعة ولي الأمر، ويقتل من يقف في وجهه مطالباً بالإصلاح.
لا، لا بالشرع هذا ولي أمر، ولا بالسياسة والممارسة هو كذلك.
إنه حكم ظالم عضوض فاسد متخاذل متآمر عدو للأمة وشعوبها، ولا طاعة له في رقبة أحد من أبناء الأمة، بل هو نظام يجب الثورة في وجهه، والعمل لإزالته، لأنه عقبة أمام تطور الأمة، بل وأمام بقائها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.