أردوغان وانقلاب السحر على الساحر

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

تحفل الصحف التركية في الأسابيع القليلة الماضية بكمية كبيرة من التقارير والدراسات والمقالات التي تقدم مؤشرات واقعية حول الكلفة الكبيرة التي تحملتها تركيا اقتصاديا وسياسيا وأمنيا بنتيجة تورط حكومة اردوغان بالتدخل في سورية وحيث تستمر التفاعلات التي تنعكس على كل شيء في تركيا .

أولا: على الصعيد الاقتصادي بات واضحا حجم التراجع في الصادرات التركية عبر سورية     و قد انخفضت من مليار وأربع مئة مليون دولار إلى 300 مليون دولار في حين أغلقت آلاف المصانع التي أنشئت في المناطق الحدودية الحرة بين البلدين وتعطل أسطول الترانزيت التركي المكون من حوالي 15 ألف شاحنة نقل خارجي في حين ارتفعت كلفة التصدير عبر الطرق البرية والبحرية والجوية البديلة من تركيا إلى البلاد العربية بسبب تعطل الممر السوري.

ثانيا: هذه الخسائر تتفاقم وهي تشمل شريحة اجتماعية واسعة في تركيا ولم يجد المتضررون فرصا جديدة بفعل الركود الاقتصادي بينما أعربت الفعاليات الاقتصادية ودوائر الخبراء عن مخاوف كبيرة من أي تورط عسكري تركي في سورية لأن ذلك سيعني تدمير الحركة السياحية التي لا يتوقع أحد أن تستمر في حال اندلعت مجابهة عسكرية بين الجيشين السوري والتركي سوف تستخدم فيها الصواريخ الثقيلة بعيدة المدى وسيكون الطيران الحربي أحد أبرز أسلحتها مما يعني شللا كاملا في السفر من تركيا وإليها.

ثالثا: شكلت عمليات التحريض المذهبي التي قام بها رجب طيب اردوغان ووزير خارجيته احمد داود اوغلو في السعي إلى تأجيج العنف داخل سورية عنصرا للتحريض والانقسام داخل تركيا وتشير المعلومات إلى أن الواقع التركي المشحون والمتوتر يعاني من انعكاس وتداعيات الخطاب المذهبي لحزب العدالة بشأن الحدث السوري وفي حين تؤكد الوقائع أن الكتلة الوطنية الصلبة في المجتمع السوري استطاعت الحؤول دون مثل هذا الانقسام فانه على المقلب التركي يبدو خطرا جديا و وشيكا وفقا لتحذيرات القوى السياسية الرئيسية في المعارضة وبعض أوساط الحزب الحاكم نفسه.

رابعا: تصاعدت الحركة الشعبية والسياسية المناهضة لنهج اردوغان في الموضوع السوري وهي تعبر عن نفسها من خلال تظاهرات واعتصامات وعرائض وبيانات وباتت تشكل عنصر ضغط على منصات التدخل التركي في سورية وهذا الغليان في الشارع التركي فرض على حكومة اردوغان نقل مخيمات اللاجئين من لواء اسكندرون حيث ترفع في التظاهرات صور الرئيس بشار الأسد وهو احد العوامل التي دفعت حكومة اردوغان للطلب إلى ما يسمى بالجيش الحر مغادرة الأراضي التركية وعلى الرغم من بقاء قادة الأخوان المسلمين وأركان مجلس اسطنبول ومقرات عملهم في تركيا فان كثيرا من هذه الأوساط تشكو ظهور برودة في التعامل التركي معها في الفترة الأخيرة كما نقل صحافيون غربيون.

خامسا: يشكل الملف الكردي احد أخطر المشاكل التي تواجه حكومة اردوغان و بينما يقدر طول الحدود المشتركة  بحوالي 800 كيلومتر من أصلها 600 كيلو متر يوجد على جانبيها امتداد البلدات والقرى الكردية في سورية وفي تركيا وهذا معناه أن اللجان الشعبية الكردية المسلحة في سورية باتت موجودة مقابل مواقع الجيش التركي في حين ينشط ثوار حزب العمال الكردستاني على المقلب الآخر في تسديد الضربات الموجعة التي فرضت على حكومة اردوغان مؤخرا العودة للحديث عن التفاوض مع قيادة الحزب بينما فشلت جميع محاولات توريط الأكراد السوريين في تحركات التمرد المسلح والصدام مع الدولة الوطنية التي تحظى بدعم الأكراد بنسبة عالية نتيجة المبادرات السورية المتجاوبة مع مطالب الأكراد و بفعل حرص قيادة حزب العمال الكردستاني على عدم إضعاف سورية ومكانتها في المنطقة كقوة رئيسية لمناهضة الاستعمار والصهيونية الخصم الأساسي لشعوب المنطقة بمن فيها الأكراد حسب رؤية زعيم الحزب عبدالله اوجلان.
طابخ السم آكله والسحر ينقلب على الساحر في نهاية المطاف ورجب طيب اردوغان وحزبه عالقان في ورطة كبيرة سببها التآمر على سورية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.