أزمة الرواتب تفتح كوة في الجدار الحكومي؟

masref.jpg

صحيفة السفير اللبنانية ـ
غاصب المختار:

تسارعت الاتصالات، أمس، لتدارك وصول الدولة الى حالة الشلل الكامل، بعد تحذيرات وزير المالية علي حسن خليل ووزير الدفاع سمير مقبل من تعذر دفع رواتب المؤسسات العسكرية والامنية والادارية لشهري تشرين الثاني وكانون الاول المقبلين، او على الاقل تعذر دفع الرواتب للعديد من مؤسسات الدولة، في حال صحت ارقام وزير المال عن الاموال المتوافرة، والتي يحتاج صرفها اما الى قانون من مجلس النواب واما الى مراسيم تصدر عن الحكومة بتحويل سلف خزينة او اعتمادات مدورة.

واذا كان عقد جلسة نيابية تشريعية متأخرا، ان لم يكن متعذرا، في المدى القريب نظرا لتضارب المواقف والاراء حول بنود جدول اعمال تشريع الضرورة، فإن السعي تمحور امس حول عقد جلسة لمجلس الوزراء في اقرب وقت، تخصص لمشكلة النفايات وللقضايا المالية الملحة، خاصة بعد المواقف الايجابية التي صدرت عن «حزب الله» و «تيار المستقبل» بعد جلسة الحوار الاخيرة بينهما، وبعد تليين «التيار الوطني الحر» موقفه وعدم معارضة تسيير الشؤون المالية والحياتية الملحة للمواطن، والتي تجلت في توقيع وزراء «تكتل التغيير والاصلاح» مؤخرا على عدد من المراسيم التي كانت مجمدة، والتي تحمل الطابع الملح المالي والعام.

ولا زال ملف النفايات هو المحرك الاساسي لتسريع عقد الجلسة الحكومية، بدليل تحرك وزير الزراعة اكرم شهيب ووزير الصحة وائل ابو فاعور، بين عين التينة والسرايا الحكومية، بعدما اسفرت مساعي اليومين الماضيين ومن خلال طاولة حوار المجلس النيابي عن تأكيد تقيد الاطراف بخطة معالجة النفايات، واعلان الرئيس نبيه بري الموافقة على اختيار مطمر في البقاع، لكن ثمة اموراً اجرائية وتقنية يبدو انها لا تزال تؤخر التنفيذ.

لكن مصادر وزارية وسطية ابدت انزعاجها من طريقة مقاربة الامور العامة، لا سيما معالجة الشؤون المالية للدولة، وبخاصة مسألة رواتب موظفي الدولة، مشيرة الى انها ترفض عقد جلسة تعطى فيها رواتب الموظفين «تهريبة» وتشكل نوعا من الاهانة للجيش والمؤسسات الامنية، خاصة اذا تغيب مكون سياسي عن الجلسة بحجة انه «يتحفظ لكن لا يعرقل اقرارالامور المالية»، بينما تبقى سائر امور البلد معطلة، ودعت الى ضرورة حضور كل المكونات الحكومية لمعالجة كل الامورالعالقة في عجلة الدولة.

وبغض النظر عما خرج به الوزيران شهيب وابو فاعور من عند الرئيس بري بخصوص ملف النفايات، فإن مصادر وزارية متابعة رأت ان لا منطق في مقاربة المشكلات والحلول لها، وان طوفان النفايات مع الامطار لم يحرك ساكنا لدى المعنيين، وكذلك لن تحركه ملفات مالية عالقة، متسائلة: الا تعتبر القوانين المجمدة المتعلقة بمكافحة تبييض الاموال والضرورية للقطاع المصرفي من الامور المالية الملحة؟ فلماذا لا يقرونها؟

ومن جهتها اشارت مصادر «تكتل التغيير والاصلاح» الى انها، حتى مساء امس، لم تكن في جو الاتصالات الجارية ولم يتصل احد بوزراء التكتل لوضعهم في الصورة، لذلك فبالنسبة لهم الامور لا زالت عالقة مكانها.

ويبدو من هذه الاجواء ان الصورة النهائية قد تتبلور اليوم بعد أن ينهي الوزير شهيب مساعي ربع الساعة الاخير، ليبنى على الشيء مقتضاه، فتتم الدعوة الى جلسة مجلس الوزراء، ليس فقط لاقفال ملف النفايات، بل ايضا لتمرير البنود المالية الملحة والتي تصدرت الاهتمامات، أمس، في ظل بلبلة سادت بشأن دفع رواتب العسكريين.

مقبل: لا أستطيع ترك العسكر من دون رواتب

وفي هذا الاطار لفت نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل الانتباه الى ان «الرواتب للعسكريين لشهري تشرين الثاني وكانون الأول غير مؤمنة، إلا إذا اجتمع مجلس الوزراء بجميع اعضائه واتخذ القرار ليتمكن وزير المالية من التصرف ودفع الرواتب». واشار، بعد زيارته رئيس الحكومة تمام سلام في السرايا الكبيرة، امس، الى انه «في حال لم يتم ذلك فليتحمل كل مكون سياسي مسؤوليته، وأنا لا أستطيع ترك العسكر الموجود في عرسال ورأس بعلبك وفي الشمال والجنوب من دون رواتب».

أما وزير المالية علي حسن خليل فأشار، بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، امس، إلى أنه كرر منذ اشهر مطالبته بعقد جلسة تشريعية لفتح اعتمادات من اجل الرواتب. أضاف: «قد يكونون لم يتعاطوا مع كلامي بإلاهتمام المطلوب، ولقد وصلنا اليوم الى هذا الوضع اذ انه في هذا الشهر هناك نقص في الرواتب، وليس لا يوجد رواتب. هناك نقص في تغطية بند الرواتب، وهذا الامر لا يعكس على الاطلاق مشكلاً مالياً». واشار الى ان «هناك مبالغ متوفرة من الاحتياط وهي بحاجة الى اتخاذ قرار في مجلس الوزراء لاصدار مرسوم في هذا المجال، وفي اللحظة التي يتخذ فيها هذا القرار تتأمن كل الرواتب والتي قيمتها 444 مليار ليرة لبنانية لشهري تشرين الثاني وكانون الاول».

واضاف «لقد قمنا بتدبير بأن اوقفنا بعض النفقات غير الملحة وامنّا امكانية نقلها لصالح الرواتب. وهذا يعني بهذه الحالة ان مجلس الوزراء يكفي اذا اجتمع ان يأخذ قرار النقل لتغطية هذا الامر»، مشيراً إلى أن هناك نقصاً في معظم الوزارات، ففي بعض الوزارات هناك نقص طفيف بالملايين، وفي وزارات اخرى مثل وزارة الدفاع هناك نقص 117 مليار ليرة، ووزارة الداخلية 84 مليارا».

وشدد على ان «وزارة المالية جاهزة في هذه اللحظة لان تدفع، لكنني لن ادفع بطريقة مخالفة للاصول والقوانين، لا استطيع وليس لا اريد، فحتى لو اردت ان اخالف فإنني لا استطيع ذلك. فهذا الموضوع بعيد كل البعد عن التسييس، هو مسألة دستورية قانونية بحت وليس لها علاقة او مرتبطة بخلفية الصراعات السياسية والانقسامات القائمة، هذا امر بحت دستوري قانوني اداري».

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.