أزمة السعودية مع لبنان: هل تعالج بمزيد من الخنوع؟

موقع العهد الإخباري-

محمد باقر ياسين:

أزمات عديدة ومتشعبة يعيشها لبنان في الوقت الراهن على كافة الصعد. ومن هذه الأزمات ما يتعلق بعلاقات لبنان مع الدول الخليجية. لبنان يحاول جاهداً لإصلاح هذه العلاقات وعودتها لطبيعتها، إلا أن الطرف الآخر لا يكترث لما يبذله لبنان من جهود ووساطات آخرها زيارة الرئيس الفرنسي إلى السعودية. فما الذي يرضي السعودية لكي تعود للعلاقات مع لبنان؟

بدأت الأزمة عندما قام وزير الخارجية السابق بردة فعل طبيعية على إساءة إعلامي سعودي لرئيس الجمهورية اللبنانية، فقدمت الدولة اللبنانية حينها تنازلها الأول لصالح السعودية واستقال الوزير ولم يحاسب الإعلامي على إهانة رئيس دولة. والشاهد على الغطرسة السعودية جاء بعد حديث الرئيس عون مع قناة “الجزيرة” عن هذه الواقعة وكيف تسامح لبنان بها.

أما الحادثة الأخرى، فنشأت عما أدلى به وزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي عن حرب اليمن قبل أن يكون في منصبه الرسمي. وبعدما خير الوزير بين استقالة الحكومة واستقالته وبين أن يستمر بموقفه ويظهر كمعرقل للمبادرة الفرنسية، اختار الانحياز لما رآه مصلحة للبنان وقدم استقالته، فما كانت النتيجة سوى عودة القائم بالأعمال وسوى مطالب وأوامر تعجيزية للحكومة اللبنانية تصر عليها السعودية. وهذه المطالب عينها عجزت أميركا وبعدها “إسرائيل” والواهمون في الداخل عن تنفيذها.

اليوم وبعد مطالبة البحرين السلطات اللبنانية باتخاذ موقف من مؤتمر جمعية “الوفاق” البحرينية، قدمت الحكومة تنازلًا جديدًا يكمن بترحيل الإخوة من الجمعية الكريمة من لبنان. فالبحرين صمتت على مدى سنوات على مؤتمرات وندوات أجرتها الجمعية في لبنان في السنوات الماضية، لتستيقظ اليوم لإدانة المؤتمر وتطالب باتخاذ الإجراء بحق منظميه. هذا المطلب ظاهره بحريني ولكن باطنه سعودي، فالبحرين لا تتحرك أي خطوةمن دون إذن وقرار سعودي، ويمهد هذا إلى تقديم الحكومة اللبنانية المزيد من التنازلات، ومنها طرد قناة “المسيرة” لاحقًا وبعدها الإخوة اليمنيين الشرفاء المتواجدين في لبنان.

لقد وضعت السعودية 3 شروط لكي تعود للعلاقات مع لبنان تتمثل بالتالي: 1- منع تصدير المخدرات المزعومة من لبنان إليها، 2- عدم دعم أنصار الله في اليمن ومنع “الإساءة” إليها من لبنان، 3- تنفيذ القرارين الدوليين الصادرين عن مجلس الأمن (1559) و(1701) والذي يعني نزع سلاح حزب الله. هذه الشروط تحدث عنها ابن سلمان مع ماكرون ومن ثم بلورها في زيارته الخليجية ليكرسها بقمة الرياض لكي تصبح قرارًا خليجيًا موحدًا. وعملت الحكومة اللبنانية على تنفيذ هذه الشروط فبدأت بتشديد الاجراءات التي تؤول الى الرقابة والتحفيف قدر الامكان من حركة تجارة المخدرات التي يصعب على أي بلد في العالم القضاء عليها نهائيًا. أما الشرط الثاني فجارٍ العمل عليه، وما قرار ترحيل أعضاء جمعية “الوفاق” إلا تمهيدا له، ويبقى الشرط الثالث.

بالمحصلة، سياسة “الانبطاح” التي تعتمدها الدولة اللبنانية لعلاج الأزمة مع الخليج هي سياسة فاشلة وضعيفة لن تؤدي سوى إلى المزيد من الخضوع والخنوع للطلبات والأوامر الخليجية التي يستحيل تطبيقها أو الالتزام بها، والتي تُضعِف صورة لبنان أكثر وتمس بحريّته وسيادته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.