أطال السوريون حبل صبرهم كثيراً على «قسد»

مرّ خلال سنوات الحرب التي استهدفت سورية الكثير من الخيانات وحالات التآمر، لكن يمكن القول إن أشرس وأصعب وأقسى التجارب مرارة هي التي عاشها السوريون ودولتهم مع جماعة قسد، التي جمعت التجربة معها ثلاثة متناقضات لم تجد مثيلاً لها في تجربة أخرى. فالجهة الوحيدة التي خاضت مشروعاً تقسيمياً كانت قسد، والجهة الوحيدة التي جاهرت بعمالة خارجيّة علنيّة كانت قسد، بما تجاوز وقاحة الذين تعاملوا مع الاحتلال التركي وأقاموا مشروع إدارة بديلة بقيت وهمية. والمفارقة هي في العامل الثالث في تجربة قسد والمتمثل بدرجة الصبر التي تحمّلها السوريون ودولتهم في معاملة قسد ومنحها الفرص وصولاً للدعم بوجه مخاطر العدوان التركي وتزويدها بالمقوّمات التي تعزز قدرتها على الصمود.
لم تبادل قسد التي تحتجز الأكراد كرهائن لمشروعها، السوريين ودولتهم الجميل إلا بالنكران والخيانة والتآمر، وكلما بدا ان الأميركي يقارب الانسحاب تهرع إلى دمشق طلباً للحوار، وعندما تثق بأن الأميركي يمكن أن يتراجع عن الانسحاب تغادر دمشق وكثيراً من دون إخطار المسؤولين السوريين بوقف التفاوض.
ما تشهده منطقة الحسكة هذه الأيام يكشف درجة تورّط قسد في ارتكاب جرائم موصوفة بحق السوريين، ولا يمكن وقف هذه الجرائم إلا بتقديم أوراق اعتماد للإدارة الأميركيّة الجديدة أملاً بتحفيزها لعدم مغادرة قواتها سورية، وإقناعها بأن هناك فرصاً لمزيد من التخريب والضغط. وهذا تصرّف يخجل أيّ مواطن أن يفعله بحق بلده.
لقد طال حبل الصبر السوري على قسد حتى يكاد ينقطع، وبين السوريين يغلي الغضب، وتوريط الأكراد بتدفيعهم أثمان سياسات حمقاء لقياداتهم، يحمّلهم تبعات كل ما سيحدث لاحقاً. والمطلوب اليوم قبل أن تنفجر الأوضاع بين لحظة وأخرى موقف من الجماعات الكرديّة الحريصة على العلاقات بين السوريين الأكراد، وما بقي من خيط يربطهم بسوريّتهم، يدين ارتكابات هذه الجماعة ويتبرّأ منها، كما المطلوب من الأصدقاء الروس وقد فشلت مساعيهم في الوساطة لثني قسد عن غيّها أن يسحبوا وساطتهم ويحمّلوا قسد مسؤولية ما سيحدث.
مَن يراهن مِن الأميركيين، خصوصاً في الإدارة الجديدة على إمكانيّة الجمع بين دعم قسد ومشروعها التقسيمي والانفتاح على الدولة السورية لبدء التفاوض المباشر وغير المباشر معها، فهو واهم ومشتبه، لأن وحدة سورية وسيادتها مترابطان وغير قابلين للمساومة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.