أميركا والغرب الى إطالة الحرب الروسية الأوكرانية

جريدة البناء اللبنانية-

عمر عبد القادر غندور:

لا تستطيع أيّ دولة أو أيّ شعب في العالم أن يكون بعيداً عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية مهما كان قدر اكتفائه الذاتي، في الوقت الذي يلوح فيه انسداد الحلول، وفي الوقت الذي يمكن للخسائر الاقتصادية أن تدخل الى كلّ بيت.
ويقول البنك الدولي إنّ إنتاج أوكرانيا من القمح سينخفض بنسبة 45%، في الوقت الذي تواجه فيه روسيا وأوروبا الغربية ركوداً مقلقاً وخاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وانّ تداعيات هذه الحرب ستضرب العالم بأسره عبر الطاقة والغذاء وزعزعة الاستقرار والشحن والمواصلات، في الوقت الذي يكافح فيه 276 مليون شخص للعثور على الغذاء و 49 مليوناً في 43 دولة على شفا المجاعة! ويقول الأمين العام للأمم المتحدة إنّ الوضع العام سيكون مرعباً حيث أدّت الحرب الى انخفاض هائل في صادرات المواد الغذائية وزيادة أسعارها بنسبة تصل الى 30% ما يهدّد الناس في بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا بعد ان ارتفعت أسعار الطاقة وأدّى ذلك الى ارتفاع تكاليف الحبوب والأسمدة الى 230%..
ومع ذلك، فالخسائر الاقتصادية الضخمة لها في حسابات الغرب ما يبرّرها لأنّ هذه الحرب فرصة نادرة لإضعاف روسيا والإجهاز على ترسانتها العسكرية.
ولأنّ العالم يراقب كيف سترسو الحرب الأوكرانية الروسية، نتوقف عند الانسحاب الروسي المفاجئ من خيرسون العاصمة الإقليمية الوحيدة التي احتلتها روسيا منذ بداية غزوها في شباط الماضي، وتقع جنوب أوكرانيا وهي ذات طابع استراتيجي على بحر أزوف والبحر الأسود وتقع جنوب نهر دنيبرو، وهي خط إمداد حيوي ويبلغ عدد سكان المنطقة أكثر من مليون نسمة وهي في الطريق الى شبه جزيرة القرم.
والانسحاب الروسي من خيرسون لم يكن وليد ساعته، وهو قرار اتخذته القيادة العسكرية الروسية التي رأت انّ القتال على الضفة الغربية لنهر دنيبرو سيكون أصعب في فصل الشتاء في ضوء تفوّق الأوكران الذين أظهروا كفاءة بفعل المساعدات الأميركية والأوروبية. ولذلك بدأ الروس بسحب جنودهم وعتادهم، وأجلوا آلاف السكان الى الداخل الروسي ويرون انّ الدفاع من الجهة الشرقية سيوفر الكثير من الخسائر والضحايا، وستلقى القوات الأوكرانية ردعاً شديداً بدأت تتحسّب له كييف، لا بل هي شديدة الحذر من الانسحاب من خيرسون وما ينطوي عليه من مفاجآت. ويقول خبير عسكري أميركي انّ الانسحاب الروسي كان بسبب صعوبة إيصال الإمدادات الى الضفة الغربية لنهر دنيبرو.
ولأنّ الانسحاب من خيرسون كان تكتيكياً تحيطه علامات استفهام كبيرة، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» قبل نحو أسبوع أنّ إدارة الرئيس بايدن شجّعت قادة أوكرانيا على التعبير عن انفتاح للتفاوض مع روسيا والتخلي عن رفضهم العلني للانخراط في محادثات السلام ما لم تتمّ إزالة الرئيس الروسي عن السلطة لأن لا حلّ عسكرياً للحرب ولا بديل عن الحوار! إلا أنّ صحيفة «الاندبندنت» الانكليزية تقول: نهاية الصراع في أوكرانيا أبعد من أيّ وقت مضى والحديث عن السلام مضيعة للوقت.
ولا يبدو أنّ الولايات المتحدة على عجلة من أمرها وهي تقول الشيء وضدّه، وهي ماضية في حربها على روسيا، وضخ المزيد من المساعدات العسكرية والمالية لأوكرانيا، لا بل هي تلمّح إلى إمكانية تزويد القوات الأوكرانية بطائرات قتالية نفاثة، وتعتبر الانسحاب الروسي من خيرسون هزيمة للجهود العسكرية الروسية، بينما الدول الأوروبية بدأت تتململ بعد صمت ولا ترى لها مصلحة في هذه الحرب التي دخلت شهرها العاشر مصلحة ولا كسباً، بينما يصرّح الرئيس الأوكراني في آخر كلام له طلب المزيد من المال والمعدات…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.