أوَتسلم يا نصر الله؟

nasrallah-pic1

موقع إنباء الإخباري ـ
بتول زين الدين:
حقاً لهي ظاهرة جديرة بالدراسة، أن يفدي مجاهدون قائدهم، أن تفدي والدة طفلها وأبٌ أطفاله، فتلك مشاهد للتضحية الإيثارية تكررت في تاريخ البشريّة، أما ما يحصل حالياً وبعد مجزرة الرويس تحديداً، فتلك ظاهرة إستثنائية، تقول إحدى الناشطات في مواقع التواصل الإجتماعي أنها “لم تحدث منذ الثورة الحسينية”.
إنها حرب تموز، الفريق الإعلامي لقناة المنار يسجل مواقف للمواطنين ومشاعرهم بعد انهيار المباني وسقوط الضحايا، هنا إفتتحت هذه المدرسة، نعم، إفتتحت بمقولة للحاجة كاملة (رحمها الله توفيت منذ أعوام)، قالتها وهي تشاهد بيتها مدمر في الضاحية والجنوب : “فدا المقاومة وفدا السيد حسن …”.

أوَ تسلم يا رسول الله؟

عن العلاقة التي تربط شعب هذه البقعة الجغرافية – المسماة الضاحية الجنوبية لبيروت – بسيد المقاومة تقول تلك الناشطة: “لم أشاهد علاقة مماثلة، وكلام مماثل إلا في كربلاء بين أنصار حفيد رسول الله وتضحيتهم بأنفسهم دفاعاً عن الحسين عليه السلام”. مع أن الأمر هنا لا يرتبط بالفداء، والعدو هنا لا يستهدف القائد وحده، بل يكره كل من قُتل، ويستهدف هؤلاء أنفسهم لكرهه لكل واحد لهم، لثباتهم، لشجاعتهم ورباطة جأشهم،  لأنهم يعرفون ماذا يعني حقاً أن يكون الإنسان من الأحياء، كرهه كان كليّاً موحّداً وإجابتهم كذلك: “ما خسرناه قليل لفداء السيّد حسن نصرالله”، إجابة عززت تلك المدرسة التي إفتتحتها الحاجة كاملة، بل زادت عليها بعد آخر مفاده: أوَ تسلم يا حفيد رسول الله؟
ذاك السؤال الذي يذكرنا بحادثة مبيت الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في فراش الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، حين تآمرت قريش على قتله، ولما علم عليٌّ عليه السلام بذلك بكى، ورحَّب بالمبيت في فراشه فداءً له وللإسلام وقال له : “أو تَسْلَم أنت يارسول الله إن فديتك بنفسي”؟ قال له صلى الله عليه وآله وسلم : “نعم، بذلك وعدني ربِّي”، فانشرح صدره لسلامة أخيه رسول الله وكان أول من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله.

عاصمة الكبرياء

واليوم، كشفت مجزرة الرويس أكثر فأكثر عن نوعية هذا الشعب ووعيه، نعم، فـ “المحارب المسؤول ليس ذلك الشخص الذي يحمل أثقال العالم على كتفيه، لكنه ذلك الشخص الذي تعلم كيفية مواجهة تحديات اللحظة” . ناشطة أخرى على موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك كتبت: “أما بالنسبة إلى القول إنّ في الضاحية أناساً “غريبي الأطوار”، يتشبّثون بمواقفهم عند كلّ اعتداء دموي يتعرّضون له، فلهذا حديث آخر، ربما لا يفهمه من لا يفهم كيف ولماذا يشير مواطنون إلى الطائرات التي تَقصف، بأصابع لا ترتجف، وينظرون إلى مشاهد دمائهم، بعين تدمع وأخرى تشعّ صلابة وحياة”. وكما يقول أحدهم: “إن عواقب أفعالنا هي فزّاعات بالنسبة إلى الحمقى، لكنها منارات بالنسبه إلى الحكماء”.
ردة الفعل الإجابية التي تحلّى بها الشعب حيال المجزرة لم تشمل محبي المقاومة وسيّدها فحسب، فليس كل من يسكن هذه البقعة هو من الداعمين لحزب الله، وإذا كانت المجزرة رفعت من نسبة التحدي لدى المحبين، فماذا تراها فعلت بغير المؤيدين؟
أمس، نزل أحد هؤلاء إلى رجال الإنضباط ، وكان هذا الشاب شديد الكره لحزب الله، يشتم رجال الحزب وكثيراً ما يتذمر من رجال الإنضباط (لتدقيقهم وجديّتهم المبالغ بها حسب قوله)، نزل مساء بعد أن  حضّر إبريقاً من الشاي وأكواباً فقدمها للشباب أنفسهم. تقول لنا والدته اليوم: “بعد تفجير الرويس ووقوع المجزرة طلب مني شراء صورة كبيرة للسيد وعلمين لحزب الله ليضعها على شرفة منزله!”.
بلى يا عباس المقاومة: “سيعي أكثر فأكثر”!
ملاحظة: بين هذا الشاي وذاك الشاي….. لا مجال للمقارنة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.