أين عقوبات العالم على إسرائيل؟

صحيفة المنار الفلسطينية-

رامي مهداوي:

قبل الدخول إلى الموضوع، يجب أن أكتب هذه المقدمة المتمثلة في أن العقوبات هي إجراءات قسرية يمكن تطبيقها على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية بين الدول. عادةً ما تكون غير عسكرية بطبيعتها، ويتم فرضها من قبل دولة ضد أخرى (عقوبات أحادية الجانب) أو من قبل منظمة دولية، مثل الأمم المتحدة (عقوبات جماعية).
تاريخيا، تراوحت الإجراءات من عقوبات شاملة إلى تدابير أكثر تحديدا تحظر التجارة في مواد معينة، مثل الأسلحة أو الأخشاب أو الماس. حددت بعض العقوبات أنشطة معينة يُفهم أنها تفيد هدفا، مثل العلاقات الدبلوماسية والرياضية والثقافية، فضلاً عن السفر. كما استهدفت أفرادا وجماعات معينة ممن يشكلون تهديدا للسلام والأمن، بما في ذلك النخب السياسية أو الجماعات المتمردة أو المنظمات الإرهابية.
بعد أقل من 24 ساعة من أمر روسيا بنشر قوات عسكرية في شرق أوكرانيا، أرسل الغرب رسالة واضحة مفادها أن «عدوان موسكو لن يمر دون رد». لكن قد يتم الاحتفاظ بأشد العقوبات قسوة كرادع لتصعيد أكبر.
أوقفت ألمانيا التصديق على خط أنابيب «نورد ستريم 2»، يوم الثلاثاء الماضي، في أقوى تحرك تم اتخاذه حتى الآن لفرض عقوبات اقتصادية ومالية على روسيا منذ أن اعترف الرئيس فلاديمير بوتين باستقلال جزأين من شرق أوكرانيا وأمر قواته بدخول الأراضي الانفصالية.
وحظرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا بعض البنوك الروسية من «SWIFT»، يوم السبت، وهي شبكة أمنية مشددة تسهل المدفوعات بين 11000 مؤسسة مالية في 200 دولة.
أما بخصوص منع السفر، تنطبق عقوبات الاتحاد الأوروبي، الآن، على 555 فردا روسيا و52 كيانا، بما في ذلك 351 عضوا من مجلس «الدوما» الروسي الذين دعموا العدوان على أوكرانيا. ومنذ ذلك الحين، تحرك الاتحاد الأوروبي لتبني المزيد من حزم العقوبات، والتي تشمل استهداف الرئيس بوتين ووزير الخارجية لافروف مباشرة.
بالنسبة للعقوبات الجماعية، سيظل مجلس الأمن الدولي غير قادر على فرض أي عقوبات بسبب حق النقض الذي تتمتع به روسيا كعضو دائم. في الواقع، استخدمت روسيا بالفعل حق النقض هذا لمنع صدور قرار يدين غزو أوكرانيا.
تدفع روسيا بالفعل ثمن عدوانها. وانخفضت مخزونات البلاد وعملتها الأسبوع الماضي وتم إغلاق سوق الأسهم الروسية، يوم الاثنين الماضي، وسجل الروبل أدنى مستوياته القياسية، وانخفض بما يصل إلى 30% مقابل الدولار، في حين رفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة بأكثر من الضعف إلى 20%.
ذلك كله، جعلنا كفلسطينيين نتساءل باستغراب: أين عقوبات العالم على إسرائيل؟ لطالما كانت الدعوة إلى معاقبة إسرائيل نقطة محورية في النضال الفلسطيني. ودعوة المواطنين إلى الضغط على الحكومات للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لإنهاء الفصل العنصري الإسرائيلي من خلال فرض العقوبات.
يمكن أن يشمل ذلك حظر التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية بكل المستويات، وإنهاء اتفاقيات التجارة، ومنع التجارة العسكرية، وتعليق عضوية إسرائيل في المحافل الدولية مثل وكالات الأمم المتحدة، والاتحادات الرياضية، والمنظمات الثقافية الدولية، وأيضاً المهرجانات الغنائية والأفلام.
لا أعرف ما هي الأسباب التي تمنع فرض عقوبات على النظام الإسرائيلي لمحاسبته على انتهاكاته العديدة للقانون الدولي. ومع ذلك، فإن النظام الإسرائيلي الذي وصفته منظمات حقوق الإنسان بأنه نظام فصل عنصري، على سبيل المثال تقرير منظمة العفو الدولية الأخير، لم يواجه مثل هذه العقوبات!!
بل يستمر النظام الإسرائيلي في التمتع بعلاقات دبلوماسية وتجارية كاملة مع معظم المجتمع الدولي ودول عربية جديدة للأسف. كما دعمت الدول الأوروبية الجيش الإسرائيلي حيث زودته بما يقارب 777 مليون يورو (927 مليون دولار) من الأسلحة بين عامي 2013 و2017.
أختتم مقالي باقتباس لصديقي الدكتور إيهاب بسيسو في منشور له على صفحته بـ(الفيسبوك) «سيصبح من الصعب على الدبلوماسيين الغربيين وأصحاب القرار في السياسة الدولية إقناع أي فلسطيني بعدم جدوى فرض عقوبات على دولة الاستعمار الكولونيالي في فلسطين كنوع من الضغط الدولي السياسي والدبلوماسي لإنهاء الاحتلال».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.