إجتياح لبنان 1982: كيف حصل؟

موقع الخنادق:

في السادس من حزيران/ يونيو عام 1982، بدأ فعلياً الاجتياح الإسرائيلي للبنان  في عملية أطلق عليها اسم “سلامة الجليل”. وكانت الذريعة محاولة اغتيال “السفير الإسرائيلي” في لندن شلومو أرجوف. استخدم الاحتلال في اجتياحه حوالي 100 ألف من قواته، وتضم فرق القوات الخاصة كاملة – قوات الطيران – الدبابات – الزوارق والبوارج الحربية.

الا أن الاحتلال كان قد نفّذ منذ 4 حزيران عمليات عسكرية تمهيداً للاجتياح الشامل، ومنها قصف موقع تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان في 21 نيسان/ابريل، ردّت عليه المنظمة بقصف صاروخي لشمال فلسطين المحتلة في 9 أيار/مايو 1982، ثم قصف الاحتلال مرة أخرى موقع للمنظمة في بيروت ردّت عليه الأخيرة أيضاً في شمال فلسطين.

زعم الكيان في البداية عدم نيته التقدم لأكثر من 40 كيلومتراً داخل لبنان لتكوين “منطقة أمنية”، لكنه كثّف من غاراته الجوية وقصفه المدفعي على مناطق الجنوب ومنها صيدا وقرى النبطية والدامور وتبنين وعرنون وقلعة الشقيف، وسرعان ما أعطى وزير حرب الاحتلال آنذاك ارئيل شارون أوامره للجيش للتقدّم نحو العاصمة بيروت، وقد اجتاحت قوات الاحتلال حوالي ثلث الأراضي اللبنانية. وقد وقع الاجتياح  برعاية وضوء أخضر أمريكي من إدارة الرئيس آنذاك رونالد ريغان.

الأهداف السياسية للاجتياح

جاءت أهداف الكيان المؤقت  من هذا الاجتياح على لسان الناطق باسم حكومة الاحتلال (وكان رئيسها مناحيم بيغين) آفى بارنز، وتنحصر بالآتي:

_ تدمير بنية منظمة التحرير الفلسطينية

_ إقامة حكومة لبنانية مؤيدة لـ “إسرائيل”

_ توقيع “اتفاقية تطبيع مع الحكومة اللبنانية وضمان أمن المستوطنات شمال فلسطين المحتلة

_ إخراج القوات السورية من لبنان

“الكتائب” شريكة الكيان الاسرائيلي

في تلك الفترة أيضاً انتخب بشير الجمّيل (رئيس حزب الكتائب اللبنانية) رئيساً للجمهورية اللبنانية، وشارك بقواته، كيان الاحتلال في حصار العاصمة بيروت والتي تعرّضت لقصف عنيف أدى الى استشهاد العشرات من المدنيين. وكانت الظروف تسير نحو توقيع اتفاقية 17 أيار / مايو (عام 1983) التي تنصّ على تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال، لكنّ المظاهرات الشعبية المناهضة أطاحت بها.

نهوض المقاومة: تراجع الاحتلال الى ما بعد “الشريط الحدودي”

شكّل الاجتياح شرارة انطلاق حركات المقاومة الإسلامية والشعبية والوطنية التي واجهت قوات الاحتلال ونفّذت العمليات العسكرية والاستشهادية والتي كانت في توسّع وتطوّر مستمر، وتزامن ذلك مع التفجيرات التي استهدفت السفارة الأمريكية ومن ثمّ التفجير الذي طال مقرّ “المارينز” الأمريكية. مأ أجبر الكيان الاسرائيلي على التراجع.

وانتهى الاجتياح بفعل ضربات المقاومة وتراجع قوات الاحتلال الى ما بعد ما يسمى “الشريط الحدودي” وفي 10 حزيران/ يونيو 1985، كما باتفاق – بوساطة أمريكية – يقضي بخروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان مقابل التعهّد بضمان سلامة اللاجئين الفلسطينيّين وعدم السماح للاحتلال بدخول بيروت.

تختلف التقديرات بشأن عدد شهداء الاجتياح وتشير بعضها إلى ما بين 17000 و19000 شهيد من اللبنانيّين والفلسطينيين والسوريّين بين مدنيين وعسكريين، بالإضافة إلى اللاجئين الفلسطينيّين الذين قتلوا في مجزرة صبرا وشاتيلا. وتكبّد كيان الاحتلال الخسائر البشرية التي وصلت الى مقتل 376 جنديّاً في الفترة من حزيران إلى أيلول 1982 فقط، كما الخسائر المادية والمالية. وارتكب الاحتلال خلال هذه الفترة مجازر عدّة، في صيدا والزهراني والزرارية وبئر العبد والصنائع وصبرا وشاتيلا (التي نفذها حزب الكتائب اللبنانية الى جانب الاحتلال). وحاصرت قواته بيروت لأكثر من 83 يوماً وقصفتها بعشرات الآلاف من القذائف والصواريخ.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.