“إسرائيل” تتراجع في الأقصى.. الردع تآكل

موقع العهد الإخباري-

خليل نصر الله:

شيئًا فشيئًا، يقدم الكيان الإسرائيلي صورًا تبيّن حجم تآكل الردع لديه. ليس صدفة تراجعه في المسجد الأقصى المبارك بعد موجة الرد الأخيرة من جبهات أربع. هو أعلن عبر مسؤول تحدث للقناة ١٢ أن صور الاعتداءات في الأقصى التي أشعلت موجة من الرد كانت مروعة وأضرت بصورة “إسرائيل” كما قال، لكنه برر الأمر بأن “الشرطة اضطرت لذلك لكنها بالغت في الاعتداء”، متوعدًا بتحقيقٍ بالأمر.

لاحقًا، تحدثت وسائل إعلام عبرية عن منع المستوطنين من دخول المسجد الأقصى خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك. لا يمكن وضع هذه “التراجعات” الإسرائيلية في غير سياق تآكل قوة الردع، وهو ما يتحدث عنه مسؤولون وأمنيون.

طيلة الأيام الماضية، وبعد رد الفعل الإسرائيلي على صواريخ غزة ولبنان، الذي وصف بـ”الباهت”، حسب معلقين إسرائيليين، وبعض سياسيي “المعارضة”، برزت عبارة “تآكل الردع الإسرائيلي” داخل الكيان. كثر من المسؤولين الحاليين والسابقين تحدثوا عن الأمر بشكل واضح. قد يعتبر البعض أن ما يصرّح عنه الإسرائيليون يمثل حالة تخويف ربطًا بالأزمة الداخلية المتصاعدة، لكن في الواقع هي حقيقة واقعية يمكن رصدها من خلال السلوك الإسرائيلي، الذي تجنب، سواء عمليًا أو عبر تسريبات أمنية، التصعيد، لأنه قد يشعل جبهات عدة ويأخذ الأوضاع الى الحرب التي لا يريدونها ولو في هذه المرحلة الدقيقة نتيجة المتغيرات التي تشهدها المنطقة والظروف العالمية على خلفية الحرب في أوكرانيا.

يدرك الكيان الإسرائيلي جيدًا أن ما تلقاه خلال المرحلة الماضية، مما أعلن ومما لم يعلن، مثّل تحديًا كبيرًا. هم يستندون إليه للخروج بخلاصات كتلك التي نسمعها.
عندما قال وزير الحرب يوآف غالنت إن اشتعال النار في ساحة قد يجر إلى اشتعال ساحات أخرى، هو لم يبالغ، وتحدث بواقعية دقيقة، لما يتوفر بين يديه والمؤسسة الأمنية من معطيات مدمغة بأعمال حسية على الأرض، وقد حصلت على فترات، كما يعبرون هم.

لا شك أن الكيان يجد نفسه أمام معضلة يصعب حلها بحرب مباشرة لأنها مكلفة، وهي “وحدة الساحات”، التي يتلمسها لمس اليد، وانطلاقًا من هنا هو يتحدث عن تراجع قدرة الردع. لكن اللافت أنه أمام تحديات جديدة والوقت لا يعمل لمصلحته، وإن لم يذهب إلى خطوات عملية فإن الردع قد ينتهي، والمشكلة التي تواجهه في هذا الصدد أنه عاجز عن الذهاب نحو أعمال غير محسوبة النتائج، وهو بحد ذاته ضعف ناتج عن ذات المسألة وهي “تآكل الردع” لديه.

وعليه، من الواضح أن الخطوات الإسرائيلية الأخيرة والتراجعية في المسجد الأقصى تنم عن تفادي الصدام والتصعيد، وهو أمر لم نعهده طوال فترات الصراع بالشكل الذي وصل إليه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.