إقتصاد لبنان والإنتخابات.. حلول الأزمات الغائب الأبرز!

موقع قناة الميادين-

زياد ناصر الدين:

اللافت عند تشخيص الأزمة الاقتصادية هو بعدها عن الواقعية ومسارات الإنقاذ.

لطالما كانت التسويات الظرفية غير قادرة على إنتاج نظام اقتصادي في لبنان، حتى تمّ ابتداع ‏اقتصاد وهمي يعتمد على تركيز الثروة في أيدي 2% من اللبنانيين ويثبّت الاحتكارات ‏العائلية – الحزبية والسرّية المصرفية التي تخدم هذه الفئة بالذات، إضافة إلى أبعاد خارجيّة لإنشاء هذا الاقتصاد آنذاك.‏

اللافت عند تشخيص الأزمة الاقتصادية هو بعدها عن الواقعية ومسارات الإنقاذ، بدليل ‏طرح الحلول نفسها لمعالجة مكامن الخلل في النظام الاقتصادي منذ العام 1992. ومع دخول موسم الانتخابات البرلمانية، يظهر غياب البرنامج الاقتصادي الواضح ‏‏كعامل مشترك بين السواد الأعظم من القوى السياسيّة ولوائح المرشحين، حيث تعتمد فقط العناوين النقديّة النظريّة المساعدة على تثبيت النظام الريعي، وأبرزها:

1- الخصخصة وبيع أملاك الدولة من دون رؤية اقتصاديّة.

2- ترسيخ نموذج الريع والاستهلاك.

3- تحرير رأس المال.

4- التخطيط للعودة إلى إصدار السندات واعتماد النمو على الدين.

5- خفض التقديمات للقطاع العام.

6- رفع الضرائب والرسوم.

7- الدخول في مفاوضات مع صندوق النقد ‏الدولي.

8- تأكيد التوجه الغربي للبنان من دون الالتفات إلى الشرق.

ثم إنّ استغلال بعض القوى المرشحة في الانتخابات للأزمة الاقتصادية، من دون اقتراح حلول مجدية، بل ربطها بالخارج وبالمساعدات وصندوق النقد، يدلّ على أنّ لا نيّة لديها بتحمّل ‏مسؤوليّة البلد وأزمته، في ظل تفاوت في الرؤية الوطنية الاقتصادية بين فريقين أو أكثر.

في التوجّه والنتائج

لا بد من الملاحظة أنّ هناك مشروعين يتواجهان في لبنان كجزء من الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط؛ الأوّل هو المشروع الذي يحمله فريق يرى أنّ مشكلة هذا البلد تعمّقت بسبب النهج الاقتصادي – السياسي المعتمد منذ بداية التسعينيات. يرفض هذا الفريق أي نوع من التطبيع مع العدو الإسرائيلي، ويعتبر أنّ تنويع الخيارات الاقتصادية انطلاقاً من ‏الشرق يسهم بنحو فاعل في حلّ المشكلات المتراكمة في ملفات الكهرباء ‏والماء والزراعة والصناعة والمواد الأوليّة والمحافظ الماليّة، والتصدي للأزمات المقبلة المرتبطة بالطاقة والأمن الغذائي.‏

أمّا المشروع الثاني فتحمله فئة عُرفت بولائها للغرب والارتهان له، وهي تحلم بالتطبيع الاقتصادي ‏على حساب لبنان بأبعاد قائمة على الشكل الآتي:‏

1- إبراز ما تصفه بـ”الدور الإيجابي” للولايات المتحدة، وقد رأيناه فعلاً في دورها الفاعل لحل الأزمة المصرفية مثلاً!

2- تعزيز الاستقرار من خلال تثبيت التدخل الخارجي.

3- زيادة النمو الاقتصادي عن طريق التجارة الثنائية مع الغرب.

4- التعامل مع شركاء دوليين ولبنانيين متشابهين في الأفكار والتوجه، ولو كان ذلك مضرّاً بالمجتمع والإدارة اللبنانية.

وبالتالي، صار لزاماً على اللبنانيين الاختيار انتخابياً بين هذين التوجهين، فإما التوجّه نحو الشرق المفيد أو الإبقاء على نهج الغرب المستفيد.

التهرّب من الملفات الأساسيّة

إضافة إلى ذلك، يُلاحظ، عن قصد أو عن غير قصد، تغييب ملفات أساسية ومهمة جداً في الواقع الاقتصادي المقبل عن البرامج الانتخابية، أهمها:

1- الاستفادة من التدقيق الجنائي في بناء الدور الاقتصادي الجديد للبنان .

2- حماية الذهب وجعله ضمانة أساسية لاستعادة الثقة .

3- إقرار القوانين التي تحتاج إليها ثروتا الغاز والنفط لجعلها محطة استثمار مستقبليّة وحمايتها من الجشع الداخلي والأطماع الخارجيّة.

4- استرجاع الحد الأدنى من حقوق المودعين وجنى أعمارهم.

5- التحفيزات المطلوبة للتوجه نحو الإنتاج والخروج من دائرة الاستهلاك وتحكُّم الدولار.

6- تنشيط القطاع العام وإعادة الثقة بالقطاع الخاص والدور الذي يلزم القيام به.

7- التصدي لتحكّم الدولار في السوق ومعالجة انهيار الليرة.

8- إعادة إنتاج نظام مصرفي جديد وطرح قوانين أساسيّة للانطلاق مجدداً.

9- أزمة الكهرباء ومسلسلها الطويل الذي لا ينتهي بأيّ حلول عمليّة حتى الآن.

10- استرجاع الأملاك البحريّة من الطبقة السياسية وما يترتب على استملاكها لسنوات من حقوق ماليّة للدولة .

11- تصحيح النظام الضريبي وإقرار الضريبة التصاعديّة ووضع أنظمة ضريبيّة تحمي الاستثمار وتُشجع على العمل في الأسواق.

12- إنشاء وزارة للتخطيط والبلديات للمساعدة في الإنماء المتوازن.

13- شح المياه وعدم استغلال هذه الثروة الطبيعية بنحو مفيد.

14- مشكلات الاتصالات والاقتصاد الرقمي والقطاع الصحي والضمان الاجتماعي.

15- فصل السلطات بنحو واضح، وخاصة استقلاليّة القضاء ونزاهته وإبعاده عن التدخلات السياسيّة.

16- علاقات لبنان مع سوريا والعراق وبعده العربي والآسيوي.

إضافة إلى العديد من الأمور التقنيّة التي تبقى بعيدة جداً عن المناقشة، حيث يطغى على المشهد الانتخابي عنوان “الارتهان الاقتصادي”، فتصبح “السيادة الاقتصاديّة” هامشية وتبقى الكلمة الفصل للدولة العميقة في السياسة والاقتصاد والأمن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.