إنتصار روسيا في أوكرانيا ونتائجه

صحيفة الوطن السورية-

تحسين الحلبي:

يبدو أن مظاهر العد التنازلي لإحباط الهجوم الغربي على روسيا في موضوع أوكرانيا بعد اتهام موسكو بالتحضير المباشر لشن حرب على أوكرانيا بدأت تطفو على سطح الأحداث وتسقط المؤامرة الهائلة التي أعدتها واشنطن وحلف الأطلسي في تلك المنطقة.

فقد لاحظ المجتمع الدولي كله تزايد حملة التحريض المكثفة التي قادها الرئيس الأميركي جو بايدين وقادة الغرب وحلف الأطلسي لاتهام موسكو بتحضير حرب شاملة على أوكرانيا وكأنها «بدأت تقع أو أنها ستقع غداً» بموجب ما أعلنه الرئيس جو بايدين نفسه، كما لاحظ الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي قبل أيام، أن هذه الحملة ولدت نتائج عكسية ونشرت الفزع والرعب بين الأوكرانيين ودفعت الكثيرين منهم إلى التفكير بمغادرة البلاد وألحقت الأضرار بالاقتصاد الأوكراني برغم أن قادة روسيا وفي مختلف المنابر الدولية والروسية كانوا ينفون دوماً مزاعم هذه الحملة ويفندون خطابها التحريضي ضد روسيا، ولذلك عقد زيلينسكي مؤتمراً صحفياً في 30-12-2022 وانتقد فيه التصعيد المبالغ به لحملة بايدين – الأطلسي قائلاً: «إن هذه الحملة وتصريحاتها عرضت الاقتصاد الأوكراني للأخطار لأن قادة الدول الغربية يقولون إن الحرب ستقع غداً ومثل هذا القول ينشر الفزع في أوكرانيا وسيكلفها ثمناً باهظاً»، وأضاف أمام الصحفيين: «إن ذلك يؤدي إلى زعزعة الاستقرار داخل أوكرانيا ويشكل أفدح الأخطار» ويذكر أن بايدين نفسه زعم في أحد تصريحاته أن «الهجوم الروسي سيقع مع بداية شهر شباط».

يبدو من الواضح أن القيادة الروسية نقلت للعالم كله رسالتها الصريحة حول موضوع أوكرانيا وحققت ما أرادت من هذه الرسالة، ولا تزال تضع مسألة رفضها لانضمام أوكرانيا للحلف الأطلسي في مقدم جدول عملها على الساحة الأوروبية والدولية وتمكنت من هزيمة المخطط المباشر العدواني عليها من دون إطلاق رصاصة واحدة.

وما نشهده الآن من تطورات يدل في هذه الأوقات على أن الغرب الذي جهز الدور الأوكراني التابع له في هذا المخطط واجه هزيمة قاسية لا بد أن يدفع ثمنها في المرحلة المقبلة، وخاصة بعد أن وظف في هذا المخطط كل ما حشده من قدرات تحريضية إعلامية وتهديدات عسكرية واقتصادية ضد روسيا باءت بالفشل ولم تؤد في النهاية إلا إلى بداية انهيار أداته الأوكرانية من الداخل وإلى بداية ظهور خلافات بين دول أوروبا مع الولايات المتحدة وخاصة ألمانيا التي لم تكن مقتنعة علنا بهذا المخطط الأميركي البريطاني الأطلسي ضد روسيا، على حين ازدادت بالمقابل متانة الدول المتحالفة مع الاتحاد الروسي – الصيني على الساحتين الإقليمية والدولية.

وبغض النظر عن الشكل الذي سيتفق عليه جميع الفرقاء في هذا الموضوع إلا أن روسيا من المؤكد أنها ستحقق جولة مكاسب واضحة لسياستها في أوروبا وفي البحر الأسود، وحين تنتهي هذه الزوبعة الأميركية – الأطلسية تكون الساحة الدولية قد انتقلت إلى مرحلة ما بعد أوكرانيا وهي مرحلة ستفرض على الولايات المتحدة مراجعة سياستها العدوانية على روسيا سواء اعترفت بهذه الضرورة أم لم تعترف، لأنها خسرت جولة في مواجهة روسيا الاتحادية وعليها إعادة النظر بالأسلحة التي استخدمتها في هذه المواجهة.

أما في منطقتنا فإن النتائج التي ستحملها التطورات بعد إخفاق المخطط الأميركي – الأطلسي، ضد روسيا الاتحادية فسوف تؤدي إلى تعزيز قدرات حلفاء روسيا في محور المقاومة وتنقل المنطقة إلى مرحلة تحمل المكاسب والمصالح لشعوبها وقضاياها الملحة في الشرق الأوسط.

ومثلما ستصبح الولايات المتحدة هي الخاسر الأكبر من هذه المواجهة ستكون إسرائيل أيضاً من أهم الخاسرين معها في هذه المنطقة، بعد أن شكل الانتصار الروسي وتطورات الدور الروسي الصاعد منعطفاً لمصلحة شعوب وقوى محور المقاومة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.