إنها حقا .. مبادرة للحل

america-syria

صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
في ظهور جديد له، وبعد حوالي سبعة أشهر طرح الرئيس السوري بشار الأسد مبادرة للحل السياسي للأزمة المتفجرة في بلاده منذ ما يزيد على السنتين تقوم على ثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى تلتزم فيها الدول المعنية بوقف تمويل وتسليح المسلحين ووقفهم لكافة الأعمال الإرهابية كي يعود النازحون إلى ديارهم، وفي المقابل يوقف الجيش السوري عملياته مع احتفاظه بحق الرد، وطرح إيجاد آلية لالتزام الجميع خاصة ضبط الحدود. أما في المرحلة الثانية فيكون هناك حوار شامل لميثاق وطني يتمسك بسيادة سوريا وسلامة أراضيها ويرفض الإرهاب من أجل رسم المستقبل السياسي لسوريا، ثم يعرض الميثاق الوطني على الاستفتاء، وبعد ذلك تشكل حكومة موسعة تتمثل فيها فئات المجتمع السوري، مع عقد استفتاء على الدستور وإصدار قانون انتخابات. وتتضمن المرحلة الثالثة تشكيل حكومة جديدة وفقًا للدستور وعقد مؤتمر للحوار وإصدار عفو عام ومصالحة وطنية مع تأهيل البنى التحتية وتعويض المتضررين، موضحًا الرئيس بشار أن الحكومة ستكلف بوضع تفاصيل الحل السياسي خلال الأيام القليلة القادمة ومتابعتها، وأن هذه الأفكار موجهة لمن يريد أن يحاور وليس إلى من لا يريد أن يحاور، مشددًا على أن أي مبادرة تطرح يجب أن تستند إلى الرؤية السورية وعليها أن تكون مساعدة لما يريده السوريون وليس أن تحل محل التصور السوري للحل.
إن هذه المبادرة تعيد التأكيد على أن الحكومة السورية لم تغلق باب الحوار مع المعارضة السورية الشريفة، بل يداها ممدودتان لمن يريد إنهاء الأزمة وتهمه مصلحة وطنه سوريا واستقرارها ووحدتها، وليس أداة لتنفيذ أجندات خارجية.
إن المبادرات والحلول السياسية دائمًا ما تكشف صدق النيات لدى الأطراف المتصارعة، بين من يميل إلى الحل السياسي وحقن الدماء ورفض العنف بكل أشكاله ويسعى إلى تحقيق ذلك، وبين من لديه مآرب أخرى ويتلقى الأوامر من الخارج، ومن لديه وجهات نظر مغايرة يريد أن يعبر عنها بلغة السلاح والإرهاب. ففي كل مرة تتقدم فيها الحكومة السورية أو القوى الدولية أو الأمم المتحدة بمبادرات سياسية نجد على الطرف المقابل للحكومة السورية والذي تمثله المعارضة السورية حالة الرفض من قبل قسم منها، حيث يراهن الرافضون للحلول السلمية على العنف وسفك الدماء ورفض إلقاء السلاح، في اعتقاد واهم منهم بأن هذا النهج سيجلب ما يسعون إليه، وسيحقق ما حمَّله إياهم من يدينون لهم بالولاء من أجندات، ونسيت هذه المعارضة التي تراهن على خيار السلاح والقتل والعنف أن الشعب السوري قد اكتشف المؤامرة المرسومة عليه وعلى بلاده، وأن ما يتم ترويجه من ديمقراطية وحقوق إنسان وحريات وحماية مدنيين فضحته عصابات الإرهاب والتكفير والخطف التي تمارس عمليات النصب والسرقة والقتل على الطائفة والمذهب وتفخخ السيارات لتقتل الأطفال والنساء، وتسرق ما بقي من أرغفة خبز جافة، وتنهب المحلات التجارية، وتسرق البنزين والمازوت وغاز الطبخ وحتى الملابس والألحفة، وتدمر المصانع وتفكك آلاتها وتبيعها خردة للأتراك، نسيت المعارضة أن سوريا تضج باللصوص وقطاع الطرق وخريجي السجون والسفاحين الذين كانوا في السجون الغربية والعربية وتم إدخالهم في سوريا من أجل تدميرها والانتقام من الشعب السوري من أدواره القومية وكرمه وبسالته ومبادئه التي ضرب أروع الأمثلة عليها تجاه أشقائه العرب، ولكنه سرعان ما اكتشف هذه المؤامرة الهادفة إلى تدمير بلاده وضرب استقراره وأمنه وتشريده في أماكن الشتات واللجوء، وما الحسم العسكري في أكثر من صعيد في دمشق وريفها وحلب وريفها وإدلب ودرعا إلا بفضل الله وبفضل صحوة الشعب السوري وبسالة جيشه ذي العقيدة القومية.
إن الرئيس السوري يلوح مجددًا بغصن الزيتون لكل سوري معارض غيور على وطنه، وصادق في توجهه، من أجل الحفاظ على سوريا العزة والإباء والشموخ والكرامة، سوريا ديمقراطية حرة أبية، ومن لا يزال أسير أوهامه وأسير الوريقات الخضراء التي باع بها وطنه ووطنيته لن يخل بالاتجاه السياسي الذي تسير نحوه الأزمة، ولن يستطيع أن يعرقل السائرين إلى طريق الحل، فالوطنيون الحقيقيون سائرون إلى ربيعهم، والمعارضون الساعون إلى الدمار والخراب والقتل ماضون في خريفهم، هذه هي الحقيقة التي تصنعها سوريا وشرفاء شعبها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.