اشتباكات طرابلس محاولة لتحويل الأنظار عن هزيمة المسلحين بالجارة الأقرب

tripoliclashes

مجلة الثبات اللبنانية ـ
حسان الحسن:

لا ريب أن للإنجاز الاستراتيجي الذي حققه الجيش السوري في مدينة “القصير” وريفها، وقْع سلبي على الوضع الأمني في طرابلس، خصوصاً بعد سقوط قتلى لبنانيين بين صفوف المسلحين في المدينة، عُرف منهم حتى الساعة ثلاثة، اثنان من منطقة “أكروم”، وآخر من قرية “الشيخ عياش” في عكار، الأمر الذي أسهم في عودة الاشتباكات على مختلف محاور “جبل محسن” والمناطق المجاورة، كردّ “فعل يأس” على هزيمة المجموعات المسلحة في الريف الغربي لمحافظة حمص السورية.
مصدر أمني يؤكد ألا قيمة استراتيجية للاشتباكات في طرابلس بعد سيطرة الجيش السوري على “القصير”، وضبطه المناطق المحاذية لعكار، لأنه بذلك قطع طرق إمداد المسلحين بين بعض المناطق في شمال لبنان وريف حمص، خصوصاً “القصير”، لما لها من أهمية استراتجية كبيرة في سير المعارك في سورية، ولا يخفى على أحد الارتباط الجغرافي والسياسي والعسكري لمدينة القصير بلبنان، وتحديداً القرى الحدودية الشمالية، وتكتسب بذلك المدينة بُعداً إضافياً، شكّل ممراً لتهريب الأسلحة عبر ممرات في القرى المذكورة، قبل أن يطبق الجيش السوري هذه الممرات، ويكون بذلك قد أجهض أي محاولة لإنشاء “منطقة عازلة واقعية” على الأراضي اللبنانية، أو إمكان وصل “جبهة حمص” بطرابلس وعكار.
إذاً، “اشتباكات طرابلس” مرتبطة بنتائج معركة “القصير”، وهي أيضاً محاولة لتحويل الأنظار عن هزيمة المسلحين وإدارتهم الخارجية في الجارة الأقرب، خصوصاً أن أفرقاء لبنانيين راهنوا على سقوط الحكم في دمشق، وحددوا له مهلة زمنية انقضت منذ عامين تقريباً، فلا شك أن انتصار سورية سيؤدي إلى إصابة هذه الأفرقاء بحالة “هستيرية”، بعدما تبدد وهمهم، وفي مقدمهم “تيار المستقبل”، الذي انزلق بشكل مباشر إلى أتون الأزمة السورية تحت ذرائع واهية، وهي تقديم “المساعدات الإنسانية” للشعب السوري، الذي قتل منه “المستقبل” وأتباعه عشرات العمال الأبرياء في لبنان غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ذنبهم الوحيد أنهم يحملون الهوية السورية، لا غير.
وما يثير الريبة في حوادث طرابلس، هو ان تكوّن الإدارة الخارجية للمجموعات المسلحة في لبنان وسورية أعطت أوامرها باستكمال الحرب على محور المقاومة والممانعة انطلاقاً من لبنان هذه المرة، من خلال محاولة تكوين بيئه معادية لهذا المحور في مناطق نفوذ “المستقبل” وأتباعه، خصوصاً في طرابلس، وبالتالي إقحام البلاد في فتنة مذهبية، عبر تجدد الاشتباكات بين “الجبل” و”التبانة”، بعدما أدركت الإدارة المذكورة فشلها في إسقاط سورية، من دون أن تأخذ بالحسبان النتائج الميدانية المرتقَبة لأي صراع مسلّح، ولمصلحة أي فريق تميل موازين القوى، فالهدف قد يكون إشعال فتنة مذهبية لإضعاف المقاومة، ومحاولة حرفها عن مسارها الصحيح في مقارعة العدو “الإسرائيلي”، وإخراجها من معادلة الصراع معه، خصوصاً بعد فتح “جبهة الجولان”، وإعلان المقاومة استعدادها لدعم العمل المقاوم في سورية، على قاعدة المعاملة بالمثل، وردّ الجميل للشعب السوري وقيادته.
أما ما يثير الاشمئزاز في الحوادث المذكورة آنفاً، فهو انخراط أفرقاء طرابلسيين فيها، خدمة لمصالحهم الانتخابية الآنيّة على ما يبدو، قفد كشفت مصادر مطلعة أن المجموعات المسلحة الثلاثة الرئيسية في باب التبانة موزعة على الشكل الآتي:
-مجموعة تابعة لـ”تيار المستقبل” بقيادة العقيد المتقاعد عميد حمود.
-مجموعة محسوبة على الرئيس نجيب ميقاتي، بقيادة سعد المصري، الذي أعلن في الأيام القليلة الفائتة أنه “قطع زيارته لتركية من أجل الدفاع عن أبناء التبانة”.
-المقاتلون “التكفريون” الذين يضمّون في صفوفهم عناصر من المسلحين السوريين.
في المحصلة، لا شك أن الأوضاع في الشمال غير مطمئنة إطلاقاً، خصوصاً بعد استهداف الجيش اللبناني سياسياً وعسكرياً لثنيه عن دوره في الحفاظ على الوحدة الوطنية، وفي هذا الصدد يرى قطب لبناني قريب من دمشق، أن الأوضاع في سورية تميل إلى التحسن والاستقرار، مبدياً تخوفه من انفجار الأوضاع في لبنان، خصوصاً في ضوء الانقسام اللبناني حول الأزمة السورية، وغياب القرار السياسي، لا سيما في شأن الوضع الأمني المتدهور، ما ينذر بعواقب وخيمة على حد قول المرجع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.