الألزهايمر …عندما تخونه الذاكرة وتُنقذه الوقاية

Alzheimer

 

قطعوا شوطاً كبيراً في مشوار الحياة وها هم اليوم على حافة الذاكرة، يبعثرون محتوياتها علّهم يجدون شريط ذكرياتهم المهدد. ملامح الشيخوخة تفضح مسيرتهم الطويلة، والخطوط المرسومة في يديهم تتحدث عن حياتهم لكنهم عاجزون عن التذكر وسرد قصصهم كما في السابق. هم يدركون ان هناك خللا ما وعاجزون عن توقيف انسياب الذاكرة التي خذلتهم بعد هذا العمر. قطع لبنان مسافة مهمة في الكشف عن مرض الألزهايمر، ورغم ان المشوار الطبي ما زال في بداياته إلا ان المبادرات تكفي لرفع الصوت من اجل مساندة المريض وعائلته على حدّ سواء. الألزهايمر مرض يمكن ان نتعايش معه شرط ان نواجهه ونتصالح مع متطلباته، وحده الكشف المبكر والتوعية كفيلان ان يجعلا من الألزهايمر مجرد عارض طبي ذي عوارض محدودة.

يكثر الحديث عن مرضى الألزهايمر والتطوّرات العلاجيّة والدوائيّة ونسبة الانتشار وعوامل الخطر والعوارض، غير أن البعض ينسى أن لهؤلاء الأشخاص حياة اجتماعية ونفسية يبحثون عنها في خضم فوضى الذاكرة التي يعيشون بها. بالأمس إجتمع عشرات المسنين في مستوصف لورد في منطقة غدير ، تجرؤوا على تخطي مخاوفهم ومواجهة عوارض يرزحون تحت تأثيراتها رويدا رويدا. لم يكن امام جمعية الألزهايمر في لبنان بالتعاون مع نادي ليونز الدولي – منطقة 351 وبلدية جونية وشركة نوفارتس سوى المبادرة في اطلاق حملة الكشف المبكر عن الألزهايمر للمسنين فوق الـ64 عاما. هي خطوة نحو الأمام في مشوار التوعية ، هي اعتراف اولي بعوارضه لتبقى المواجهة في معالجة المرض وتقبلّه، فيصبح جزءا من حياتهم وليس حاكما عليها.Alzheimer 1

3 أهداف…وحقيقة واحدة

“مرضى الألزهايمر من حقّن نفهمن ونتعلم كيف نتعامل معن” هذا ما يسعى اليه القيمون على هذه الحملة، فبرأيهم اجتاز لبنان مرحلة المحظور وانتقلنا الى مرحلة المصارحة بهدف المعالجة. وفي هذا الصدد تحدثت المديرة التنفيذية عن المشروع ميرنا منيمنة عن أهمية هذه الحملة واهدافها بالقول “ان الهدف من هذا المشروع يكمن في تحقيق 3 نقاط رئيسية تتمثل اولا بالتشخيص المبكر لمرض الألزهايمر، ثانيا بزيادة الوعي لدى المسنين عن كيفية متابعة حالتهم الصحية، واخيرا في المساهمة في توفير نوعية حياة افضل لمرضى الألزهايمر وأسرهم”.
أما الخطوة الثانية من هذه الحملة فستكون موجهة الى عائلات المرضى لمساندة اهلهم لمواجهة هذا المرض ومساندتهم في تخطيه. اذ يصعب على مريض الألزهايمر ان يتحدث عما يشعر به من خلل في الذاكرة لأحد افراد عائلته، لذلك تأتي هذه الخطوة للمصارحة وتقديم الدعم المعنوي لهم. نجح لبنان في نفض غبار المحظور عن هذا المرض، كما نجح في اتخاذ خطوات وقائية ودفاعية لإحراز تقدم واضح في المعالجة الطبية والنفسية. وانطلاقا من هذه القاعدة خضع المسنون الى الكشف الاول مع المعالج الانشغالي لمعرفة اذا كان لديهم استعداد للألزهايمر وعلى اساسه يقرر تحويله الى الطبيب للقيام ببعض الفحوص الطبية. وقد تبين ان هناك 11 شخصا من اصل 40 أظهروا علامات الألزهايمر وسيتمّ العمل معهم بالتنسيق مع الطبيب المشرف لهذه الحملة.

الوقاية… خير علاج

يصعب الحديث عما يعانيه مريض الألزهايمر نفسيا، فحياته اشبه بحقبة تاريخية تفتقر للتفاصيل، للأحداث، للأفراد…يغوص في عالم غير مرئي حيث الذكريات تلهو على ضفاف ذاكرته الضعيفة وتختفي فجأة. ورغم الوجع النفسي الذي ينهش من جسد المريض، إلا ان الوجع الأكبر يقع على عاتق اهل المريض حيث تتضاعف آلامهم ويزداد الشرخ بين الحاضر والماضي. وربما هذا ما دفع بالمنظمين بالقيام بهذه الحملة للكشف المبكر عن مرض الألزهايمر ، هذا ما تشير اليه كارول عتيّق رئيسة لجنة الألزهايمر في نادي ليونز منطقة 351 بقولها ” نجتمع اليوم لنؤكد ان مرض الألزهايمر تخطى مرحلة المحظور في لبنان، اصبحنا اليوم امام حقيقة اكبر علمية تنبئ بالوقاية والمعالجة المبكرة. صحيح ان اسلحة الدفاع محدودة إلا انها تبقى فعالة في هذا المرض. إذ يكفي ان نقوم بالتوعية والمصارحة حول هذا المرض وعوارضه وسبل الوقاية والعلاج حتى نتمكن من احراز هدف جديد في مرمى الألزهايمر في لبنان”.

Alzheimer 2

لا علاج شافياً لمرض الألزهايمر حتى وقتنا الراهن، ولا علاج يمنع حدوثه. كلّ ما لدينا بضعة أدوية تبطئ من تفاقمه وتحدّ موقتاً من تضرر خلايا المخ، وتكون فاعليتها أكثر في المراحل الأولى من الإصابة. حقيقة علمية نعترف بها، صحيح انها لا تحدث عجيبة في مرض الألزهايمر لكن الكشف المبكر كفيل في ان يجعل من الألزهايمر مرضا عرضيا وليس مرضا قاتلا !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.